مأوى الطيور والحيوانات.. الأراضي الرطبة درع قد تكسرها التغيرات المناخية


فيروز ياسر
السبت 03 فبراير 2024 | 02:11 مساءً

على مدى عقود طويلة، ظلت الأراضي الرطبة تمثل أحد حلول الطبيعة لمواجهة الظواهر الجوية المتطرفة؛ حيث يعتمد عليها أكثر من مليار شخص في حياتهم اليومية، ويعيش عليها 40% من النباتات والحيوانات، لكنها عانت خلال العقود الماضية تدميراً وكوارثَ لا تخطر على البال؛ فرغم أنها بمنزلة درع واقية ضد الأحداث الجوية الأكثر تطرفاً، فإنها ضحية للتغيرات المناخية.

للأراضي الرطبة قدرة على امتصاص الأمطار الغزيرة وتحسين تدفق المياه، وقد تساعد على منع الفيضانات وتوفر الحماية ضد الجفاف بتخزين المياه وإطلاقها ببطء، كما يمكنها تخزين ضعف كمية الكربون الذي تستقبله الغابات، وفقاً لما ذكرته منظمة السلام الأخضر (منظمة بيئية عالمية غير حكومية).

هذا النوع من الأراضي ملتقى للتنوع البيولوجي؛ حيث تتمتع هذه الأنظمة البيولوجية الفائقة بحياة نباتية غنية توفر الغذاء وأراضي لتكاثر عدد لا يُحصَى من الحيوانات؛ إذ جرى التعرف على نحو 100 ألف نوع مختلف من الحيوانات حتى الآن يعيشون في الأراضي الرطبة بالمياه العذبة حول العالم.

جفاف مقلق بدول عربية

الأراضي الرطبة من أكثر الموائل المُهددة في العالم؛ حيث فُقِد ما يصل إلى 87% منها على مستوى العالم خلال الـ300 عام الماضية؛ ما يؤثر في حياة البشر والكائنات الأخرى؛ إذ يعيش ما بين 300 و400 مليون شخص بالقرب منها للاعتماد عليها في زراعة الأرز، حسب الصندوق العالمي للطبيعة.

%80 نسبة الجفاف في منطقة الأطلس

وفي هذا الإطار، قال عماد الشرقاوي الأستاذ المشارك في علم البيئة بجامعة ابن طفيل في القنيطرة شمال غرب المغرب، إن معاناة بلاده من الجفاف منذ أكثر من 4 سنوات، وفقدان الأراضي الرطبة لمياهها، أدى إلى تغيير الطيور مسار هجرتها إلى شمال إسبانيا أو جنوب فرنسا، بعدما كان مئات الآلاف منها تهاجر إلى المغرب سنوياً.

وأوضح لموقع "Nature Middle East" أن تغير المناخ أدى إلى تفاقم جفاف الأراضي الرطبة؛ حيث وصلت نسبة الجفاف بمنطقة الأطلس المتوسط إلى 80%. ورغم قدرة الطيور المهاجرة على تغيير موائلها، فإن الكائنات الأخرى، مثل كلب البحر أو ثعلب الماء وأسماك المياه العذبة، تتراجع أعدادها؛ لعدم قدرتها على التكيف.

أهوار العراق.. ضحية للمناخ

الأهوار الشاسعة في جنوب العراق، التي كانت من أهم مناطق الطيور المائية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أصبحت ضحية للمناخ بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وهناك مخاوف من انقراض طيور وحيوانات كانت تعيش عليها، مثل كلب البحر وطائرَي أبو منجل المقدس والغاق القزم.

هل يمكن للموائل الساحلية التكيف مع ارتفاع منسوب مياه البحر؟

وأثارت دراسة حديثة قادها البروفيسور "نيل سانتيلان" من جامعة ماكواري في سيدني، القلق بشأن بقاء الأراضي الرطبة الساحلية والجزر المرجانية بأنحاء العالم أمام ارتفاع منسوب مياه البحر الناجم عن التغير المناخي؛ حيث كشفت أن الموائل الساحلية قد تتكيف مع درجة ما من ارتفاع مستويات سطح البحر، ولكن عند نقطة معينة تتوقف إذا زادت درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية.

وذكرت الدراسة المنشورة بمجلة "نيتشر" العلمية أنه من دون تخفيف الاحتباس الحراري، ستفوق الارتفاعات النسبية في مستوى سطح البحر قدرة الموائل الساحلية (مثل أشجار المانجروف، ومستنقعات مناطق المد والجزر) على التكيف؛ ما يتسبب في إحداث تغييرات عميقة في النظم البيئية الساحلية، تؤدي إلى عدم استقرارها.

وأظهرت أن المنخفضات والبرك والأراضي الرطبة، إضافةً إلى المانجروف والجزر المرجانية، لن تستطيع مواكبة معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر التي تتجاوز 7 ملليمترات سنوياً. والمُحزن أن مثل هذه المعدلات مُتوقعة بحلول عام 2100 بجميع أنحاء العالم، إذا لم يُسَيْطَر على انبعاثات غازات الدفيئة.

الاحترار العالمي يهدد المناطق الساحلية

وأوضحت أن أشجار المانجروف ونباتات أخرى، عليها إيصال الأكسجين إلى جذورها للبقاء على قيد الحياة، وتحتاج إلى تصريف المياه الزائدة، لكن تشبُّعها بالمياه بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر، يؤدي إلى اضطراب وظيفتها، لافتةً إلى واقعة حديقة سيدني التي شهدت فقدان أشجار المانجروف عندما لم تستطع تصريف المياه بشكل صحيح.

وحذرت الدراسة من أنه حتى لو ظل الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، فإن بعض المناطق الساحلية ستفقد غالبية أراضيها الرطبة بحلول نهاية هذا القرن، خاصةً السواحل في ولايتي لويزيانا وتكساس الأمريكيتين.