منذ انطلاقه في 2021.. كيف نجح المنتدى العربي للإعلام والتواصل العلمي في تعزيز الصحافة البيئية؟


سلمى عرفة
الجمعة 15 ديسمبر 2023 | 02:38 مساءً

على مدى عقود، تصاعدت حدة المخاطر البيئية والصحية التي تواجه البشر، وتعقدت طرق التعامل معها والتوعية بأضرارها، حتى بات على المتخصصين مسؤولية نقل البيانات والتقارير العلمية من المختبرات والمراكز البحثية وتبسيطها للجمهور.

ولأن وسائل الإعلام هي الجسر الذي تعبر عليه المعلومات لتصل إلى الجمهور بمختلف فئاته، كان انطلاق المنتدى العربي للإعلام والتواصل العلمي في 2021، ليكون حلقة الوصل بين الصحفيين العلميين وأساتذة الإعلام وطلابه من ناحية، وبين خبراء الجامعات والمؤسسات البحثية ورواد الأعمال وصناع القرار من ناحية أخرى.

النسخة الرابعة من المنتدى من المقرر انعقادها يومي 5 و6 فبراير 2024، لتواصل الأهداف التي عمل عليها المنتدى منذ انطلاقه بتيسير تبادل الخبرات حول المعلومات العلمية، وتوفير فرص التفاعل بين الأطراف المختلفة من خلال الجلسات والورش التدريبية وغيرها من الفعاليات.

وبحسب الموقع الرسمي للمنتدى، شهدت النسخ الثلاث الماضية انعقاد 85 جلسة تحدَّث خلالها 150 شخصاً من الخبراء في مجالات الإعلام والعلوم والاستدامة، وغيرها، فيما تخطى عدد شركاء المنتدى 20 شريكاً.

الأحداث الجارية في قلب الاهتمام

الاشتباك مع الأحداث المحيطة كان أحد سمات النسخة الأولى من المنتدى التي تزامنت مع استمرار خطر جائحة "كوفيد-19" الذي أودى بحياة قرابة 7 ملايين شخص حول العالم، وكان سلاحاً ذا حدين في التأثير على أزمة المناخ؛ إذ أدى تراجع الأنشطة البشرية إلى انخفاض قياسي في مستوى غازات الدفيئة، لكن من ناحية أخرى أدخلت الجائحة مشروعات العمل المناخي في حالة من الجمود، وفقاً لتقرير نشرته الأمم المتحدة.

جلسات المنتدى تناولت نقاشات حول كيفية التواصل في ظل الجائحة، علاوة على صورة الأطباء النمطية في وسائل الإعلام، والشائعات التي انتشرت بشدة بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.

أزمات المنطقة

وفي الوقت الذي تعاني فيه غالبية بلدان المنطقة العربية من شح المياه، كانت كيفية العمل على تغطية تلك القضية بالتحديد حاضرة ضمن فعاليات المنتدى.

وقدمت الصحفية رحاب عبد المحسن الحاصلة على عدة جوائز صحفية، ورشة عمل حول تغطية قضايا المياه، موضحةً خلال عرضها أن التخصص في هذا الموضوع مُغْرٍ من الناحية الصحفية؛ لعدة أسباب، من بينها ندرة التخصص، وزخمه بالأفكار والأحداث، وارتباطه مباشرة بحياة الإنسان، علاوة على تنوع المصادر والعلماء المتخصصين به.

الأزمات التي تمر بها بلدان المنطقة كان لها أثر كذلك؛ إذ روى الصحفي عمر الحياني المتخصص في الشؤون العلمية، تجربته في تدريب ما يزيد عن 100 صحفي في اليمن على مدى عام كامل، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية. وتطرقت الجلسة إلى صعوبات التدريب بالتزامن مع النزاع الذي تشهده الدولة العربية.

كما عُقدت حلقة نقاشية حول الحلول المبتكرة بشأن التغير المناخي، وهي الحلقة التي شارك فيها سعد لطفي المؤسس المشارك في المنتدى، وسحر عبد الوهاب المدرس بجامعة الأزهر في مجال تصميم المباني المستدامة وتقييم أداء المباني، وأحمد الشيخ المحاضر بقسم الهندسة الميكانيكية بجامعة جنوب الوادي، وياسر شبانة المستشار العلمي للهيئة الدولية للعلوم بالسويد.

مهارات الصحفي

وركزت النسخة الثانية للمنتدى على صقل مهارات الصحفيين لنقل المعلومات العلمية بأسلوب دقيق ومبسط، أياً كان شكل المحتوى الذي يجري العمل عليه، علاوة على كيفية إعداد الأفكار للموضوعات البيئية، واستخدام الترجمة في مخاطبة الجمهور العام.

وخلال حديثه عن مهارات التواصل العلمي، أكد الصحفي محمد السنباطي – وهو أحد مؤسسي المنتدى – ضرورة فهم الجمهور وتحليله باعتباره معياراً لنجاح عملية التواصل أو فشلها، والهدف الرئيسي من فكرة تبسيط العلوم.

أما أحمد جمال سعد الدين المحرر في النسخة العربية لدورية "نيتشر"، والكاتب والمراجع لبرنامج "الدحيح"، فقد تحدث عن مهارات كتابة "السكربت العلمي"، واصفاً إعداد السكربت بالمهارة التي تحتاج إلى الوقت وبذل الجهد، ولا تعتمد على الإلهام.

مؤتمرات الـ"COP"

الاستعداد لتغطية مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ "COP" كان أمراً مشتركاً خلال النسختين الثانية والثالثة من المنتدى، بالتزامن مع استعداد عقد النسخة السابعة والعشرين في مدينة شرم الشيخ المصرية عام 2022، ثم النسخة الثامنة والعشرين في دبي بدولة الإمارات التي عقدت خلال الأيام الماضية.

النسخة الثانية شهدت كذلك انعقاد فقرة "اسأل محرراً عن التغيرات المناخية"، وأجابت خلالها الصحفية رحاب عبد المحسن حول كيفية الاستعداد لتغطية المؤتمر، مشيرة إلى أن على الصحفي معرفة تفاصيل مستجدات النسخ السابقة من المؤتمر، ودراسة الجدول المقرر، وتوعية الجمهور بمعلومات حوله.

وشهدت النسخة الثالثة مشاركة عدد من الخبراء في جلسة حول الاستعداد لمؤتمر "COP 28"، من بينهم الدكتورة سوزان شاهين رئيسة مركز الابتكار في جامعة أم القيوين بالإمارات.

وخلال الجلسة التي نشرت "شاهين" جزءاً منها عبر حسابها على "إنستجرام"، رأت أن إتقان فن توصيف المعلومة غير كافٍ، بل علينا الاستعانة بقنوات التواصل الصحيحة التي صارت متوافرة أكثر من أي وقت مضى، في إشارة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفتها بأنها "سلاح ذو حدين".

منصات السوشيال ميديا وانتشار ظاهرة "الإنفلونسرز" كانت حاضرة في جلسة أخرى قدمتها الدكتورة أمنية إسحاق الأستاذة في تكنولوجيا الإعلام والاتصال بجامعة السويس المصرية، حول دور مؤثري الاستدامة في تثقيف الشباب حول الاستدامة والتغيرات المناخية.

كما شهدت النسخة الثالثة جلسة بعنوان "كيفية تناول وسائل الإعلام لقضايا البيئة والاستدامة"، وهي الجلسة التي شارك فيها الصحفي محمد السنباطي، بحضور عدد من الإعلاميين.

وتخطى إجمالي المتحدثين في النسخة الثالثة 40 متحدثاً شاركوا خبراتهم على مدى 25 جلسة، وشاركت بها 380 مؤسسة من نحو 20 دولة مختلفة.