في مؤتمر الأطراف "COP28".. مبادرات عربية للتكيف مع ندرة المياه


مروة بدوي
الاحد 10 ديسمبر 2023 | 04:46 مساءً

تعد المنطقة العربية إحدى أكثر المناطق ندرة في المياه بالعالم، حيث يعيش 90% من سكان العالم العربي -(390 مليون شخص)- في بلادٍ تعاني من شح المياه، منهم 50 مليوناً يفتقرون إلى مياه الشرب الأساسية.

ووفقاً لتقرير المياه الصادر عن "الإسكوا" عام 2022، يصل نصيب الفرد من الموارد المائية المتاحة في كلٍ من الأردن واليمن والجزائر والبحرين وليبيا وعمان وتونس وجيبوتي، إلى الحد المطلق لشح المياه، عند 500 متر مكعب للشخص سنوياً.

تفاقم أزمة المياه بالتوازي مع أزمة المناخ، جعلها تحتل موقعاً مهماً في أجندة فعاليات مؤتمر الأطراف "COP28" المنعقد حالياً في الإمارات، حيث استعرضت الدول العربية خططها المستقبلية للتعامل مع شُح المياه، والجهود التي بذلتها للسيطرة على الأزمة.

تجربة السعودية لدعم الأمن المائي و"التحلية" المستدامة

مثلت فعاليات منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2023 في دبي، فرصة لاستعراض تجارب المملكة الناجحة في تعزيز مصادر المياه والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتوطين صناعة تحلية المياه المالحة وتطويرها، حيث سلط المنتدى الذي انطلقت نسخته الثالثة تحت شعار "من الطموح إلى العمل"، تزامناً مع مؤتمر "كوب 28"، الضوء على المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، صاحبة جائزة أفضل شركة تحلية مياه في العالم.

واستعرضت المؤسسة الحكومية السعودية -خلال المنتدى- أفضل ممارساتها الابتكارية، وحلولها الريادية في صناعة المياه، باستخدام التقنيات الصديقة للبيئة ومصادر الطاقة المتجددة، لتلبية احتياجات المجتمع، والحفاظ على الاستدامة البيئية والموارد المائية مستقبلاً في ظل أزمة المناخ.

وفي إطار منتدى مبادرة السعودية الخضراء، أطلقت المملكة 81 مبادرة لدعم تحقيق أهداف المبادرة وإحداث تغيير إيجابي على المدى الطويل، منهم مبادرتان في المجال المائي، الأولى زيادة استخدام المياه المجددة في القطاع الزراعي، والتي تضمنت إنشاء 9 محطات ضخ مع شبكات ري وخطوط لنقل المياه عبر 4 مناطق في الرياض ونجران والقصيم والمدينة المنورة، بهدف تأمين المياه المعالجة للأغراض الزراعية، بالإضافة إلى 9 مختبرات لضمان مراقبة جودة المياه المعالجة.

والمبادرة الثانية في المجال المائي تتصل بزيادة استخدام مياه السدود للأغراض الزراعية، من أجل استخدام 80 مليون متر مكعب من مياه السدود المعالجة للأغراض الزراعية، ما يساهم في زيادة معدل إعادة استخدام المياه بنسبة 8% بحلول 2030.

مشروع الناقل الوطني للمياه في الأردن

ركز جلالة الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، في كلمته خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "COP28"، على الملف المائي لتصنيف بلاده من أفقر البلدان مائياً في العالم، حيث أوضح أن الأردن يساهم بنسبة ضئيلة -لا تتعدى 0.06%- في إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية، لكن التغيرات المناخية تشكل تهديداً خطيراً للموارد المائية المحلية التي تعاني في الأساس من شُحٍ بالغ.

وأشار الملك إلى مشروع الناقل الوطني للمياه باعتباره أحد أكثر المشاريع الطموحة المرتبطة بقضية المياه في الأردن، حيث يعتمد على تحلية مياه البحر الأحمر من خليج العقبة، ونقلها إلى المراكز المأهولة بالسكان، موضِّحاً أنه يمزج بين ملفي المياه والطاقة المتجددة، ويهدف إلى توليد 31% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

إجراءات مصرية لمواجهة أزمتي المياه والطاقة

تناول الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري المصري، خلال جلسة "دور المياه في تحقيق أهداف التنمية المستدامة" ضمن فعاليات "COP 28"، التأثير السلبي للتغير المناخي على قطاع المياه في العديد من دول العالم ومنها مصر، مؤكداً أهمية مواصلة التعاون الدولي لجعل المياه على أولويات الأجندة المناخية وضمن بنود القرار الختامي لقمة المناخ، وفقاً للمركز الإعلامي للهيئة العامة للاستعلامات.

واستعرض الجهود المصرية في التعامل مع أزمة المياه، ومنها مبادرة "AWARe"، التي أطلقتها بلاده خلال مؤتمر "COP 27"، وتتضمن إنشاء المركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي، الذي يستهدف تقديم دورات تدريبية للعاملين بقطاع المياه من الأفارقة، من أجل التكيف مع التغيرات المناخية.

وفي الوقت الذي يمثل قطاع الزراعة المستهلك الأكبر للموارد المائية، أكد الوزير المصري على أهمية تطبيق مبدأ الترابط بين 3 مجالات جوهرية، هي: المياه والغذاء والطاقة؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مضيفاً أنه في ظل الفقر المائي الذي تعيشه المنطقة العربية، أصبح من المهم الاعتماد على تحلية المياه لإنتاج الغذاء، مع التوجه نحو الإنتاج الكثيف للغذاء باستخدام وحدات المياه ذاتها.

ودعا إلى زيادة الاستثمارات في قطاع المياه على غرار الاستثمارات في مجال الطاقة، لأن تقليل تكلفة الطاقة يؤدي إلى خفض تكلفة التحلية، ويجعلها ذات جدوى اقتصادية عند استخدامها في إنتاج الغذاء، إضافةً إلى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة في قطاع المياه، لافتاً إلى الإجراءات المصرية في هذا المجال، ومنها استخدام الطاقة الشمسية في رفع المياه الجوفية أو تطوير المساقي، مع استخدام نقطة رفع واحدة تعمل بالطاقة الشمسية.

دعوة عراقية إلى التوزيع العادل للمياه

حسب الأمم المتحدة، يواجه العراق أزمات كُبرى على المستوى المائي والمناخي، حيث يأتي في المرتبة الخامسة بين البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ، وعلاوةً على ذلك تفاقم مشكلة الشح المائي يجبر العراقيين على النزوح إلى الحضر.

وفي كلمته خلال افتتاح القمة العالمية للمناخ.. أشار الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد إلى مواجهة بلاده أزمات خطيرة مع المياه، تتجلى في انحسار وجفاف نهرا دجلة والفرات، وجفاف منطقة الأهوار جنوب العراق، المدرجة على قائمة اليونسكو ضمن لائحة التراث العالمي، مشدداً على ضرورة التوزيع العادل للمياه، وعقد الاتفاقيات الدولية لضمان حل الأزمة، لأنه لا وجود للأمن الغذائي من دون الماء.

تمويل إماراتي لدعم الأمن المائي في المجتمعات الفقيرة

خططت رئاسة مؤتمر الأطراف "COP 28" لوضع الأمن المائي ضمن أجندة المؤتمر قبل بداية القمة بعدة أشهر، وتحديداً خلال الأسبوع العالمي للمياه، الذي عُقد في العاصمة السويدية ستوكهولم، في أغسطس الماضي، حيث أعلنت أن النسخة الـ28 المؤتمر تستهدف الحفاظ على النظم البيئية للمياه العذبة، وتحسين إدارة المياه، والتكيف مع ندرة المياه خاصةً في القطاع الزراعي والأمن الغذائي.

وتعهدت دولة الإمارات -خلال فعاليات "كوب 28"- بتقديم تمويل بقيمة 150 مليون دولار لمواجهة ندرة المياه داخل المجتمعات الفقيرة في العالم، وفقاً للموقع الرسمي للمؤتمر.