لم تَعُد التجارب العلمية الخاصة بالعقاقير تهدف إلى قياس الأمان والفاعلية فحسب، بل ظهر تحدٍّ جديد بتأثير تلك الأدوية الضار بالبيئة والمناخ.
وعلى مدى العقود الماضية، بدأت المنظمات الدولية وشركات الأدوية تُلاحِظ الأضرار الواسعة النطاق لإنتاج العقاقير الطبية على صحة الإنسان والبيئة.
ويساهم قطاع الأدوية نحو 4.4% من الانبعاثات العالمية، ومن المتوقع أن تتضاعف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ثلاث مرات بحلول عام 2050، وفق إحصائيات مؤسسة "No Harm Global" (وهي مؤسسة دولية تعمل على تقليل الأضرار البيئية للرعاية الصحية).
تأثيرات ضارة
الأكثر قراءة
ويمر إنتاج الأدوية واللقاحات بعدة مراحل مختلفة ينتج عنها كميات كبيرة من النفايات التي لا تتحلل، وتؤدي إلى أضرار بيئية؛ بدءاً من النشرات الورقية داخل علب الأدوية، ووصولاً إلى طرق التخزين.
كما تؤثر نسب الأدوية والمواد المخدرة غير المشروعة على نمو وسلوك الحيوانات والنباتات والكائنات البحرية؛ إذ كشفت دراسة نشرتها دورية Environmental Toxicology and Chemistry في عام 2022، أن أكثر من 40% من أنهار العالم تحتوي على مستويات عالية من الأدوية.
وقالت أليخاندرا بوزاس مونروي الباحثة في جامعة يورك البريطانية والمؤلفة الرئيسية للدراسة؛ إن هذا التقييم هو أول تقييم عالمي حقيقي لتأثيرات المستحضرات الصيدلانية بنوعيها المنفرد والخليط على الأنظمة النهرية.
وأضافت: "بينما كنا نتوقع العثور على بعض المواقع التي قد تكون فيها تركيزات المستحضرات الصيدلانية مثيرة للقلق؛ فوجئنا بعدد المواقع التي تجاوزت التركيزات الآمنة"، بحسب موقع "متحف التاريخ الطبيعي" في بريطانيا.
جهود حثيثة
وتعد استراتيجيات الاستدامة في سلسلة توريد الأدوية العالمية ضرورية للغاية؛ لتقليل الآثار وحجم الانبعاثات الناتجة، مثل استراتيجيات الحد من النفايات، وتقليل حجم عبوات الأدوية، واستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير.
وتمكنت إحدى الشركات العالمية في مجال منتجات الرعاية الصحية من تصميم جهاز استشعار بهدف مراقبة الجلوكوز (CGM) مع وضع المعايير البيئية في الاعتبار، من خلال تقليل الحجم الإجمالي بأكثر من 70% مقارنة بالشكل القديم، وتقليل استخدام البلاستيك بنسبة 41%، إضافة إلى تقليل الاعتماد على ورق الكرتون بفارق ٤٣%.
وتعمل بعض المنظمات أيضاً على تقليل المنتجات الثانوية الزائدة أثناء عملية التصنيع، باستخدام الكيمياء الخضراء، وهو نهج أكثر استدامةً يهدف إلى إزالة المواد الكيميائية الخطرة وتقليل النفايات أثناء عملية التصنيع.
وباعتبار المياه أحد الموارد الهامة في صناعة الأدوية، تقوم بعض الشركات بتطبيق ممارسات إدارة المياه المستدامة، مثل استخدام معدات ذات كفاءة في استخدام المياه، وإعادة تدوير المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي لإعادة استخدامها.
بينما تسعى شركات أخرى إلى استخدام مياه البحر أو المياه القليلة الملوحة في عمليات التصنيع؛ ما يقلل هدر موارد المياه العذبة، وفق موقع Pharma News Intelligence.
كما توصل فريق من علماء قسم الكيمياء ومعهد الاستدامة بجامعة باث البريطانية، إلى تصنيع مسكنات الألم الأشهر في العالم "الباراسيتامول والإيبوبروفين" من مادة كيميائية β-pinene توجد في أشجار الصنوبر، وهو أيضاً منتج ثانوي ناتج عن نفايات صناعة الورق، وفق الموقع الرسمي للجامعة.
وبلغت سوق الأدوية في الشرق الأوسط وإفريقيا 47 مليار دولار أمريكي في عام 2022، كما تمثل المنطقة خامس سوق إقليمية للأدوية في العالم.
وتعد السعودية أكبر سوق للأدوية في المنطقة بقيمة 8.5 مليار دولار أمريكي، تليها مصر بـ6.3 مليار دولار. وتشمل بقية المراكز الخمسة الأولى جنوب إفريقيا بواقع 3.7 مليار دولار، والإمارات بنحو 2.8 مليار دولار، والجزائر بنحو 2.4 مليار دولار.