من الهيمالايا إلى الإسكندرية.. تغير المناخ يغير خريطة "تسونامي"


سلمى عرفة
الاحد 05 نوفمبر 2023 | 08:00 مساءً

بعد أن كان هدير أمواج البحر مصدراً للاسترخاء والصفاء الذهني، بات موطناً للخوف والهلع، مثل وحش كاسر يبتلع كل ما يقابله، أو ما يعرف بأمواج "تسونامي".

ومصطلح "تسونامي" لا يشير إلى كل ذلك الدمار الناتج عن الظاهرة؛ فهي كلمة يابانية مكونة من مقطعين: "تسو" وتعني الميناء، و"نامي" وتعني الموجة.

وتعرف أمواج تسونامي بسلسلة من الأمواج تصل سرعتها إلى 800 كم/الساعة، وتنتج عن اضطرابات ضخمة ومفاجئة في قاع المحيط، وغالباً ما ترتبط بحركة الزلازل، وثوران البراكين، والانهيارات الأرضية.

خسائر بشرية

ووفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، قتلت أمواج تسونامي ما يزيد عن 250 ألفاً حول العالم في الفترة بين عامي 1998 و2017، وخصصت الأمم المتحدة يوم 5 نوفمبر من كل عام للتوعية بأخطار ذلك النوع من الأمواج.

وفي 26 ديسمبر عام 2004، شَهِد العالم إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ؛ إذ اجتاحت أمواج تسونامي المحيط الهندي بسرعة تصل إلى 500 كم/ساعة، بعد زلزال تخطت درجته 9 ريختر، لتُودِي بحياة أكثر من 220 ألفاً في أكثر من 10 دول، كان معظمهم في دولة إندونيسيا.

وفي عام 2011، شهدت اليابان زلزالاً بقوة 9 ريختر، ليكون الأسوأ في تاريخها منذ بدء تسجيل البيانات، وهو ما نتج عنه أمواج تسونامي قتلت ما يزيد عن 15 ألفاًـ، علاوة على تشريد الملايين.

التغير المناخي

ودخل تغير المناخ على خط أزمة تسونامي؛ إذ بات ضمن قائمة الأسباب التي تزيد من خطر وقوع تلك الأمواج المدمرة؛ بسبب دورها في تفاقم العديد من الظواهر المرتبطة بها.

ولفتت دراسة أعدها فريق دولي من الباحثين بقيادة علماء جامعة بلايموث الأمريكية، إلى الدور الذي يلعبه ارتفاع مستوى سطح المياه، وذوبان الجليد في تفاقم الخطر، وفق دورية Nature Communications".

وتوقعت الدراسة أن ما تشهده القارة القطبية الجنوبية من درجات شديدة من الانهيارات الأرضية في المياه، يمكن أن تتسبب في موجات تسونامي عاتية قد تسفر عن وفيات في مناطق بعيدة.

تسونامي عربي

وتواجه المناطق الساحلية خطراً بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري؛ إذ حذر تقرير صادر عن منظمة "اليونسكو" من تعرض المدن المطلة على البحر المتوسط، أو بالقرب منه، لموجة تسونامي خلال العقود الثلاثة الماضية، ومن بينها مدينة الإسكندرية المصرية، ومدينة إسطنبول التركية، ومدينة مرسيليا الفرنسية.

وتوقع التقرير أن ارتفاع مستوى سطح البحر يزيد من خطر تسونامي في المنطقة العربية، التي لم يعرف سكانها مثل تلك الظواهر، مثل سكان المناطق المطلة على المحيطين الهندي والهادئ.

ويقول برناردو ألياغا كبير الخبراء المتخصصين في دراسة ظاهرة تسونامي بمنظمة "اليونسكو"، إن ما حدث في عامي 2004 و2011 كان بمنزلة دعوة لليقظة، مشيراً إلى التفاوت في حجم الاستعدادات من منطقة إلى أخرى، بحسب ما أوردت صحيفة الجارديان البريطانية.

وجرى ذكر مدينة الإسكندرية المصرية في دراسة أخرى أجراها فريق من الباحثين المصريين والأجانب، نشرتها دورية Journal of African Earth Science، حول تقييم مخاطر وقوع تسونامي في المنطقة، متوقعين حدوث زلزال فيها.

وخلصت الدراسة إلى أن منطقة العامرية (غرب الإسكندرية) هي أكثر الأحياء المعرضة للخطر، وسيكون للمنشآت النصيب الأكبر من الأضرار بنسبة تتخطى 65%، بما في ذلك المباني السكنية المصنفة بأنها الأكثر عرضةً للخطر.

تسونامي والزلازل

ويقود الحديث عن الزلازل التي تزيد من أخطار وقوع تسونامي إلى العلاقة بين الظواهر الناتجة عن الاحتباس الحراري، مثل الجفاف وتراجع معدلات سقوط الأمطار، وزيادة وتيرة وقوع الزلازل.

وكشفت دراسة نشرتها دورية "Geodesy and Geodynamics" أن 48% من الزلازل التي تحدث في منطقة الهيمالايا (سلسلة جبلية في آسيا) تقع خلال الأشهر الأكثر جفافاً خلال الفترة بين شهري مارس ومايو من كل عام.

وتتصاعد توقعات احتمال وجود علاقة بين الزلازل والاحتباس الحراري الذي تزامن مع عدة وقائع شهدتها منطقة الشرق الأوسط، مثل زلزال سوريا وتركيا الذي قتل ما يزيد عن 55 ألفاً، وأدى إصابة ما يزيد عن 100 ألف آخرين، وزلزال المغرب الذي قتل ما يقرب من 3 آلاف.