بمساعٍ مبتكرة.. الصومال يضيء شمعة في نفق التغيرات المناخية


مروة بدوي
الخميس 05 أكتوبر 2023 | 11:37 مساءً

بثمن فادح يدفع الصومال فاتورة التغيرات المناخية، رغم أنه واحد من الدول الإفريقية النامية الأقل إسهاماً في إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية.

ويشهد الصومال نقصاً غير مسبوق في هطول الأمطار بالعام الماضي، وموجات متتالية من الجفاف تعد الأسوأ بمنطقة القرن الإفريقي منذ 40 عاماً، أودت بحياة أكثر من 43 ألف شخص ونشرت الجوع والنزوح الجماعي.

ورغم هطول الأمطار في الموسم الأخير، لم تستطع إصلاح ما أفسده الجفاف على مدى عدة مواسم ساهمت في دمار المحاصيل ونفوق الماشية، وشيوع الفقر.

وتفاقمت الأزمة الإنسانية بالبلد الإفريقي بسبب الظواهر الطبيعية المتطرفة، وانعدام الأمن الغذائي والصراع الداخلي؛ إذ يذكر بيان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن هناك ما يقرب من 8.3 مليون شخص في الصومال يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، بينهم 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.

وأشارت شبكة سي بي إس نيوز، بعد زيارتها لجناح العناية المركزة بأحد المستشفيات الصومالية في مارس الماضي، أن الأطفال دون سن الخامسة، جميعهم راقدون داخل المستشفى بسبب الجفاف الناجم عن التغير المناخي، الذي ترك البلاد تتضور جوعاً؛ حيث يعد أطفال الصومال من أصغر ضحايا الاحتباس الحراري العالمي.

إشادة أممية

ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يشارك الصومال سنوياً بنسبة 0.09٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، لكنها حددت هدفاً طموحاً لخفض الانبعاثات بنسبة 30٪ بحلول عام 2030، وبدأت بقطاعات الزراعة والطاقة والغابات والنقل والنفايات.

كما تم استحداث وزارة جديدة، وهي وزارة البيئة وتغير المناخ في الحكومة الأخيرة لوضع قوانين جديدة لحماية البيئة ومواجهة التغيرات المناخية.

وقررت الحكومة إشراك المؤسسات الأكاديمية شركاء استراتيجيين في العمل المناخي، واختارت ٣ جامعات صومالية لتنفيذ الخطة الوطنية للتكيف المناخي.

ويشارك أكاديميون بصفتهم مراقبين ومستشارين أو شريكاً معرفياً واشرافياً للحكومة لضمان فاعلية استراتيجياتها؛ حيث يتيح هذا التعاون تعظيم الاستفادة من خبرات الجامعات والاستعانة بمصادر خارجية لتطوير التدريب الأساسي والتوعية بالقضية.

كما يضمن هذا التعاون استمرار الاستفادة من القدرات التعليمية ومساهمة المؤسسات البحثية في العمل المناخي على المدى الطويل في البلاد، من خلال توظيف الخبرات الأكاديمية المتاحة، واستغلال أحدث الأبحاث والمنهجيات؛ ما يعزز فاعلية استراتيجياتها المناخية.

واعتبرت الأمم المتحدة أسلوب إدارة الصومال للأزمة من الحلول الإفريقية المبتكرة لمواجهة المناخ؛ لأنه اتخذ زمام المبادرة، واعتمد على الشراكات العلمية، وإشراك كافة شرائح المجتمع لتعزيز جهودها في التصدي لتغير المناخ.

ويضمن هذا الأسلوب توظيف العلم في تنفيذ السياسات المناخية، ويؤكد أن التزامات الحكومات المتعلقة بالمناخ تشكل عنصراً أساسياً في تحقيق السلام والرخاء، والحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.

green schools

كما رحبت الأمم المتحدة بتجربة صومالية أخرى، وهي تقديم برامج تعليمية حول قضايا المناخ؛ إذ تقدم جمعية السلام الأخضر الصومالية مشروعاً باسم "green schools" وهو المشروع الذي يستهدف الشباب والمجتمعات الهشة، بهدف التثقيف والتدريب والتوعية بتغير المناخ من خلال ورش عمل ومؤتمرات وندوات.

وعلى سبيل المثال، قامت الجمعية بتطوير عدد من مبادرات زراعة الأشجار في مختلف المدارس، ومراكز الشباب للتوعية بأهمية الأشجار في التخفيف من آثار تغير المناخ والآثار السلبية لإزالة الغابات.

يأتي ذلك بجانب برامج تعليمية حول أهمية التنوع البيولوجي، والحفاظ على الحياة البرية والبحرية لمعالجة قضايا المناخ، والعمل على استغلال قوة الشباب؛ حيث يمثل الشباب أكثر من 70٪ من سكان الصومال.

ويهدف هذا المشروع أيضاً تمكين الشباب من المشاركة في وضع السياسات العامة، وخاصة فيما يتعلق بتغير المناخ والبيئة، كما تم تدريب الشباب على ماهية تغير المناخ، وكيف يمكن للمجتمعات أن تصبح أكثر مرونة وقدرة على التكيف.

وبجانب تدريب الشباب، قامت الجمعية أيضاً بتدريب أفراد من الشرطة الصومالية على مسألة حماية البيئة حتى يتمكنوا من المساعدة في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية.