كانت صور الحيوانات ولا تزال تُستخدَم شعاراً للدول أو رمزاً للهوية الثقافية والحضارية، وأحياناً تُوضَع على أعلام الدول، وتُلقَّب بها الفرق الرياضية في المحافل الدولية.
وعادةً ما تكون الدولة هي موطن الحيوان الذي تتخذ صورته شعاراً ويُصبِح مرادفاً لاسمها؛ إذ تحتل مملكة الحيوان مكاناً مهماً في الوجدان العربي؛ لذلك نجد العديد من الحيوانات التي تحولت إلى شعار لدول المنطقة.
وهذه الحيوانات الوطنية، رغم أهميتها ورمزيتها، يعاني الكثير منها من مخاطر الانقراض، وتعيش تحت تهديد تدمير الموائل الطبيعية أو الصيد الجائر؛ الأمر الذي يهدد – بالتبعية – باختفائها من الذاكرة التاريخية للشعوب؛ لذلك سعت بعض الدول العربية إلى الحفاظ على الحيوانات لتبقى رموزاً حيةً في البرية.
مصر: العُقاب الذهبي
الأكثر قراءة
العقبان الذهبية هي من أشهر الجوارح، وعادةً ما تُستخدَم رمزاً للحضارات والجيوش منذ القدم؛ إذ تملك مظهراً مميزاً وشجاعاً يُؤهِّلها لتصبح رمزاً للقوة والجرأة؛ بسبب العيون الواسعة، والنظرات الحادة الغاضبة، والحجم الضخم، وهو ما يؤهلها للتحليق عالياً والانقضاض على الفريسة كسهم منطلق من السماء.
والعقبان الذهبية طيور واسعة الانتشار، وتُوجَد على نطاق كبير في كل أنحاء العالم، واكتملت أسطورتها في الدول العربية؛ حيث تظهر العقبان الذهبية شعاراً للجيوش والدول، ومنها مصر.
ورغم رمزيتها الطويلة الأمد في تاريخ البشرية، أضحت هذه الطيور الجارحة تتعرض للخطر على يد الإنسان الذي يهدد وجودها؛ بسبب الصعق بالكهرباء؛ حيث كشف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة تعرُّض 504 نسور ذهبية للصعق بالكهرباء سنوياً.
كما تُعَد توربينات طاقة الرياح مصدراً مباشراً لوفيات هذه النسور. وقد تؤثر التطورات المستقبلية في الطيران على مسارات النسور المهاجرة، بجانب فقدان الموائل وتغير المناخ مثل الجفاف؛ كل هذه العوامل تقف وراء تهديد العقاب الذهبي بالانقراض من البرية.
السودان: الكاتب أو صقر الجديان
يحظى الكاتب أو صقر الجديان بشعبية كبيرة داخل القارة السمراء؛ بسبب جمال الشكل وقوة الجسد والقدرة على الفتك بالفرائس؛ حيث يتمكن من الطيران، لكن في أغلب الوقت يسير وسط الحشائش، وعندما يبدأ بعملية الصيد يرتفع الريش الذي يعلو مقدمة رأسه في مظهر يعبر عن القوة والسيطرة.
لهذه الصفات اتخذه السودان شعاراً رسمياً للبلاد؛ حيث يظهر الطائر ناشراً جناحيه إلى أعلى مع ريش رأسه المنفوش، لكن هذا الطائر البديع ضمَّه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة عام 2020 إلى قائمة الأنواع المهددة بالانقراض.
وتشير الأدلة الحديثة إلى انخفاض أعداد هذه الطيور انخفاضاً حاداً؛ بسبب تدهور الموائل وتجريف الغابات والرعي المكثف للماشية والصيد، كما أدى الحرق المفرط للأراضي العشبية إلى خفض أعداد وأنواع الفرائس التي يعتمد عليها نظامه الغذائي، مثل الحشرات والثعابين والطيور الصغيرة والبرمائيات.
اليمن: النمر العربي
يمثل النمر العربي رمزاً للحياة البرية والهوية الوطنية في اليمن، وهو سلالة من سلالات النمور التي استوطنت شبه الجزيرة العربية وتعيش بالجبال العالية، وتمتاز عن باقي السلالات بأنها أصغر حجماً وصاحبة عيون زرقاء، ولديها ذيول طويلة تستعملها في التوازن خلال التسلق.
وتُعَد هذه الحيوانات هي الأكثر تهديداً بالانقراض في الجزيرة العربية، بعد أن أصبح عددها 200 نمر فقط تعيش في ثلاث مجموعات فرعية منفصلة ومنعزلة. وتعرضت النمور للمخاطر بسبب تدمير الموائل الناتج عن أنشطة الإنسان والتوسع العمراني والاضطهاد البشري بالقتل والتسميم، ولقلة فرائسها الطبيعية والصيد الجائر.
وتسعى المملكة العربية السعودية، من خلال صندوق العلا (معني بتأهيل النظم البيئية) إلى الحفاظ على سلالة النمر العربي من الانقراض، وزيادة أعداده في البرية، وتحقيق الاستدامة وبقاء النظام البيئي الذي يعتمد عليه في أماكن انتشاره الطبيعي.
قطر: المها العربية
تستوطن المها العربية في شبه الجزيرة العربية، وتتميز بجسدها المتناسق وعيونها الواسعة؛ ما جعلها تجسيداً للجمال في الثقافة العربية، كما تتمتع بقوة تحمُّل كبيرة تؤهلها للعيش في الصحراء بقسوة أجوائها.
وبعد انتشار كثيف للمها العربية في معظم شبه الجزيرة العربية، بدأت منذ ستينيات القرن الماضي تراجع أعدادها بشكل كبير بسبب الصيد، حتى تعرضت للانقراض في البرية بعد قتل آخر حيوان عام ١٩٧٢ بسبب الصيد الجائر، وأُدرجت في لائحة الكائنات المنقرضة عالمياً.
لكن أعيد توطينها مرة أخرى في الثمانينيات من القرن الماضي، وتعيش حالياً في عدة محميات؛ منها محمية المها العربية القطرية، لكنها ما زالت ضمن القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض.
لبنان: الضبع المخطط
اختار لبنان الضبع المخطط ليكون رمزه الوطني؛ بسبب الدور البيئي المهم الذي يلعبه في الطبيعة اللبنانية؛ حيث يتغذى على جيف الحيوانات أو النفايات، ويخلص النظام الإيكولوجي منها؛ ما يساهم في نظافة البيئة ومنع انتشار الأمراض، إضافةً إلى عدم تهديد الإنسان؛ لأنه يعيش في عزلة.
ووفق أساطير منتشرة، يعتبر البعضُ الضبعَ المُخطَّط رمزاً للغدر، حتى بات يعاني من الاضطهاد والقتل، والتهديد بالانقراض في بعض مناطق حوض البحر المتوسط.
وتشير تقديرات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إلى أن إجمالي عدد الضباع آخذ في الانخفاض بمعدل سريع، وعَزَت أسباب ذلك إلى الاضطهاد وانخفاض المصادر الطبيعية والمحلية للجيف؛ بسبب قلة أعداد الحيوانات الآكلة للحوم الكبيرة الأخرى، وقلة فرائسها، بجانب الممارسات البشرية ضد الضباع؛ لأنها مكروهة وتتعرَّض للتسميم المستهدف أو العرضي نتيجة تناولها جيفاً مسمومة.
المغرب: أسود الأطلس
رغم انقراض أسود الأطلس منذ نحو 80 عاماً، لا تزال هذه الفصيلة من الأسود تمثل دلالة خاصة عند الشعب المغربي، وكانت من الوحوش التي جلبها الرومان إلى إيطاليا للقتال في حلبات الكولوسيوم، وكانت تُنقَل من شمال إفريقيا إلى روما بأقفاص مغلقة.
وأسود أطلس هي إحدى السلالات التي انقرضت في البرية خلال أوائل القرن العشرين؛ فقد عاشت في شمال إفريقيا لعدة قرون حتى اختفت من معظم البلدان خلال الـ150 عاماً الماضية، وربما نجت فقط في جبال الأطلس الكبير وعاشت في مجموعات صغيرة ومعزولة حتى الأربعينيات من القرن الماضي، ثم انقرضت تماماً في برية إقليم البحر المتوسط عدا مجموعة صغيرة تعيش في حديقة الحيوان بالرباط، وعانت الأسود من القتل العشوائي واستنفاد قاعدة الفرائس وفقدان موائلها الطبيعية.