التحلل الحراري والطحن.. تقنيات مستدامة لإعادة تدوير إطارات السيارات


إسراء محمد
الاثنين 02 أكتوبر 2023 | 08:54 مساءً
إعادة تدوير إطارات السيارات
إعادة تدوير إطارات السيارات

بأكثر من مليار إطار سيارة ينتهي عمره الافتراضي سنوياً، يُضَاف رقم جديد إلى معادلة تلوث البيئة، من جراء تراكم كميات من المواد غير القابلة للتحلل، يمتد أضرارها إلى الغابات والغلاف الجوي والمسطحات المائية وغيرها.

وكشفت بعض الأبحاث أن تآكل الإطارات يؤدي إلى إطلاق جسيمات بلاستيكية سامة؛ ما يؤثر على التنوع البيولوجي وصحة الإنسان، في وقت يستغرق فيه تحللها نحو 500 عام.

ووفق الخبراء، فإن إعادة تدوير إطارات السيارات والعمل على إطالة عمرها الافتراضي، يمكن أن يقدم حلولاً للتقليل من معدلات التلوث، بجانب زراعة المطاط بدون إزالة الغابات، نقلاً عن "Mongabay".

تهديد البيئة

وتهدد الأساليب الحالية لإنتاج المطاط التنوع البيولوجي؛ إذ يُهدَر 70% من المطاط الطبيعي في العالم في تصنيع إطارات السيارات.

كما أن بعض نفايات الإطارات قد تؤدي إلى موت بعض الكائنات؛ حيث توصَّل الباحثون إلى مادة مضافة للإطارات تعرف باسم 6PPD، وصنَّفها العلماء بأنها مثيرة للقلق، وتم ربطها بالنفوق الجماعي لسمك السلمون في شمال غرب المحيط الهادي بالولايات المتحدة؛ بسبب حدوث تلوث كيميائي تسرَّب إلى المياه.

وأظهرت الأبحاث التي نُشِرت في المجلة الدولية للعلوم البيئية والتكنولوجيا، أن حرق إطارات السيارات، الذي يقوم به البعض في الهواء الطلق، يكون مصدراً لانبعاثات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، ومركبات ضارة تؤثر على صحة الإنسان.

الاقتصاد العالمي

ووفق الخبراء، فإن تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري (يعتمد على القضاء على الهدر والاستخدام المستدام للموارد) يمكن أن يحد من الطلب الهائل على الموارد الطبيعية مثل المطاط.

كما أنه يساهم في تحويل النفايات المزعجة بيئياً إلى مواد قيِّمة، لكن التركيبة المعقدة للإطار المتوسط، ​​التي تحتوي على أكثر من 400 مادة كيميائية ومركب، تشير إلى غياب حل سحري واحد لهذه المشكلة المستمرة.

بدوره، قال جافين ويتمور كبير مديري الاتصالات في مشروع صناعة الإطارات (TIP)، إن أنظمة إدارة الإطارات المنتهية الصلاحية الناجحة، تعزز التدفقات الدائرية للمواد، وتمنع التخلص غير الآمن من الإطارات.

وفي عام 2019، كشف تقرير أصدرته المجموعة شمل 45 دولة، اقتصار نسبة الإطارات التي خضعت لعمليات استعادة المواد على 42% فقط من الإطارات الهالكة، بينما يستخدم 15% في توليد الطاقة. وتتضمن بعض الأساليب المُتبعة للاستفادة من الإطارات، تمزيق الإطارات إلى كرات مطاطية صغيرة لاستخدامها موادَّ للبناء، أو موادَّ تدخل في تصنيع الأسفلت المعدل بالمطاط، أو في النجيل الصناعي المستخدم في الملاعب.

طاقة بديلة

ويجري تحويل ملايين من الإطارات المستهلكة أيضاً إلى طاقة بديلة، يطلق عليها اسم الوقود المشتق من الإطارات، ويتم حرقها في أفران لإنتاج الأسمنت والصلب والورق.

ويقول المحللون إن هذه السوق من المتوقع أن تنمو في السنوات المقبلة؛ وذلك بسبب تكلفتها المنخفضة بجانب انخفاض انبعاثاتها الكربونية، كما يرى بعض الخبراء أن الوقود المشتق من الإطارات يمكن أن يقلل البصمة البيئية الثقيلة لصناعات الأسمنت والورق.

ورغم أن هذه الحلول تدعم الاقتصاد والبيئة في الوقت نفسه، فإنها لم تَخْلُ من العيوب؛ إذ كشف باحثون أيرلنديون أن انتشار فتات المطاط على الملاعب الرياضية الاصطناعية، هو مصدر للمواد البلاستيكية الدقيقة، قد يشكل مخاوف صحية بسبب المواد الكيميائية السامة الموجودة في المواد.

وبحسب المحللين، فإن هناك حلولاً أخرى يمكن من خلالها التعامل مع نفايات الإطارات على نطاق واسع، وهي إزالة الفلكنة (عملية كيميائية تهدف إلى تحويل المطاط إلى مواد ذات معدلات تحمُّل أكبر)، والتحلل الحراري؛ إذ يساهم في إنتاج إطارات جديدة من الإطارات القديمة.

وقال جون فيسايسوك الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المهتمة بإعادة تدوير الإطارات، إن الشركة يمكنها حالياً معالجة 100 ألف إلى 150 ألف إطار من النفايات سنوياً، بعدما توسعت في إنتاج المطاط المفلكن من الإطارات المستعملة. ويُعَد المطاط المفلكن أكثر قوةً من الأنواع التقليدية.

ويُعَد التحلل الحراري من الحلول الواعدة أيضاً لإعادة التدوير؛ إذ يتم تسخين الإطارات لتفكيكها بعيداً عن الهواء وتُحوِّل هذه التقنية الإطارات الخردة إلى مواد منفصلة قابلة لإعادة الاستخدام.

وهناك تقنية الطحن، وهي عملية ميكانيكية يمكن استخدامها لتقليل حجم نفايات الإطارات المستعملة. وينتج عن الطحن عادةً مسحوق ناعم يمكن إعادة استخدامه في منتجات جديدة، نقلاً عن "otago textile".

تجارب عربية

خلال السنوات الأخيرة، برزت تقنيات إعادة تدوير الإطارات باعتبارها مصدر قلق بيئي بالغ الأهمية في منطقة الشرق الأوسط.

وصمَّم المهندس تي سيفاراجان، الذي يعيش في العاصمة العمانية مسقط، تقنية تُسهِّل إعادة تدوير الإطارات، من خلال استخراج مكونات مثل الفولاذ والمطاط من نفايات الإطارات، وهي المكونات التي يمكن استخدامها لتزويد بعض مرافق الإنتاج بالوقود، نقلاً عن "Weibold".

كما اتخذت الكويت خطوات جادة لإعادة تدوير كميات كبيرة من الإطارات المطاطية؛ إذ بدأت إحدى الشركات تعيد تدوير أكثر من 42 مليون إطار سيارة قديم ملقاة في المناطق الرملية. ويقوم العاملون بفرز الإطارات الخردة وتمزيقها، قبل ضغط الجزيئات واستخدامها في تصنيع بلاط أرضيات مطاطية ملونة، نقلاً عن "Reuters".