وسط إمدادات غير مستقرة في الكهرباء استمرت سنوات طويلة بتكلفة باهظة الثمن، لجأ لبنانيون إلى تركيب ألواح شمسية لتحويل الطاقة الشمسية إلى تيار مستمر.
ومنذ توقف شركة كهرباء لبنان الحكومية عن توفير الطاقة في عام 2021 نتيجة نفاد الوقود، غرق لبنان في انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي؛ ولهذا أصبحت الألواح الشمسية طوق نجاة للعائلات حتى إن كانت حلاً غير مثالي في الوقت الحالي.
ونشرت منظمة هيومن رايتس ووتش (غير حكومية مقرها نيويورك) في مارس 2023، نتائج مسح أجرته حول نسب إنفاق الأسر على فواتير الكهرباء في لبنان، وكشفت أن فواتير المولدات تمثل 44% من الدخل الشهري للأسر المتوسطة؛ ما دفع بعض العائلات إلى استغلال الألواح الشمسية لتقليل النفقات على الكهرباء.
تحايل بيئي
الأكثر قراءة
وبسبب القلق من انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، استثمرت السيدة اللبنانية سونيا قسطنطين مبلغاً ادَّخرته من المال لشراء 9 ألواح شمسية وبطارية، وأوضحت لـ"بي بي سي" أنها لا تبحث عن الرفاهية، بل أبسط حقوقها في الحصول على الكهرباء.
وأنفقت قسطنطين – وهي تعمل أستاذة العلوم التربوية اللبنانية – نحو 6500 دولار مقابل حصولها على الطاقة النظيفة من الألواح الشمسية، قبل أن تلغي الاشتراك في المولدات الخاصة التي تعمل بالديزل في معظم منازل بيروت لسد فجوة توفير الكهرباء.
بدورها، قالت ملاكي شداد البالغة من العمر 82 عاماً والمقيمة في بيروت، إنها لا تستطيع تحمل تكلفة المولدات، بجانب عدم قدرتها على الاستثمار في الألواح الشمسية، وهذا هو الحال بالنسبة إلى واحدة من كل خمس أسر من السكان بالدولة.
تحول إلى الطاقة الشمسية
من جانبه أوضح بيار الخوري المدير العام للمركز اللبناني للحفاظ على الطاقة لـ"بي بي سي" أنه قبل عام 2021، كانت المنازل تركب الألواح الشمسية بدافع الاهتمام البيئي، لكنها الآن باتت وسيلة لتأمين إمدادات الطاقة، خاصةً مع ارتفاع سعر الكهرباء التي تنتجها المولدات إلى 10 أضعاف بالليرة اللبنانية.
وبين عامي 2020 و2022، تضاعفت القدرة المركبة للطاقة الشمسية بجميع أنحاء البلاد بأكثر من 8 أضعاف؛ ما يخدم البيئة، ويساهم في مواجهة أزمة المناخ؛ إذ وصل عدد الأسر التي قامت بتركيب ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح إلى 50 ألف أسرة؛ أي نحو 4% من إجمالي الأسر اللبنانية البالغ عددها 1.3 مليون أسرة.
وقالت كريستينا أبي حيدر الخبيرة في شؤون الطاقة، لموقع "بي بي سي" إن التحول إلى الطاقة النظيفة في لبنان حالياً لا يمكن اعتباره انتقالاً حقيقياً ما لم تضع الحكومة خططاً لتقليل الوقود الأحفوري، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بل ما يحدث هو تحول فردي فقط.
خسائر لعدم الرقابة
وفي تصريح لـ"جرين بالعربي" أوضح وائل النشار الخبير في الطاقة الشمسية، أن العقبات التي قد تواجه الدول العربية لتركيب الألواح الشمسية هي السياسات والقوانين والتمويل غير الكافي لإدخال الطاقة الشمسية في المنازل والمؤسسات.
وعاب النشار على تركيب الأفراد ألواح الطاقة الشمسية بالمنازل أنها تجرى دون رقابة أو مساعدة أشخاص محترفين، مؤكداً أن ألواح الطاقة الشمسية ليست الوحيدة في النظام، بل المحطات مكونة من الخلايا الشمسية والمحول والهيكل المعدني، إضافة إلى الكابلات والتركيبات التي يجب أن تكون مطابقة للمواصفات؛ لأنه في حالة عدم مطابقتها، قد يواجه المستخدمون حرائق وأزمات في الكهرباء بالمنازل.
كما أشار إلى أن الألواح الرديئة الجودة التي قد تصل إلى بعض الدول، قد تتسبَّب في وقوع مشكلات فنية وحوادث، كما أنها لن تولد الكهرباء، ومن ثم فإن الاستثمار فيها أصبح بلا جدوى.
شروط ومعايير
وتشير الدراسات إلى أن الاعتماد على الطاقة النظيفة الصديقة للبيئة لا يخلو من العيوب التي لا بد من تسليط الضوء عليها. ورغم انخفاض تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية على مدى الـ10 سنوات الماضية، لا يزال تركيب نظام شامل يعمل بها يتطلب استثمارات كبيرة.
وبدون ضوء الشمس، لا يمكن لنظام يعتمد على الطاقة الشمسية إنتاج الطاقة في مناطق غير مثالية من حيث التعرض للشمس، أو مناطق تعاني من سوء الأحوال الجوية، لكن البطاريات الشمسية المخزنة للطاقة الزائدة قد تساعد في تخفيف المشكلة، وفق موقع "فوربس".
ولأن الألواح الشمسية والأسلاك المرتبطة بها تحتاج إلى مساحة، وفقاً لعدد الألواح الشمسية المطلوبة؛ قد يكون من الصعب العثور على مساحة كافية مع التعرُّض المناسب، خاصةً في المناطق السكنية الأقل اتساعاً.