"رزق متأرجح".. العمالة غير المنتظمة في مواجهة شراسة تغير المناخ


فيروز ياسر
الاحد 10 سبتمبر 2023 | 04:29 مساءً

برزق متأرجح بين البسط والقبض، تقف العمالة غير المنتظمة على شفا أزمة كبرى تحت وطأة آثار التغيرات المناخية المتطرفة.

والعمالة غير المنتظمة تعمل في القطاعَين الخاص أو العام، لكنها لا تتمتع بالحقوق والامتيازات التي تتمتع بها العمالة المنتظمة في العمل، مثل الحق في الحصول على تأمين صحي واجتماعي، والحصول على عطلة مدفوعة الأجر، والحماية من الفصل التعسفي.

وعادةً ما تساهم هذه الفئة في الاقتصاد غير الرسمي، وتلعب دوراً رئيسياً في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكنها تواجه العديد من الأزمات بفعل تغير المناخ وانعدام شبكات الحماية الاجتماعية.

أرقام وإحصاءات

ووفق تقديرات البنك الدولي، تبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة في مصر 62.5%، وفي المغرب 77.3%، وفي تونس 43.9%، وهي نسب أعلى من غالبية دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفيما يخص خلق فرص العمل، يوفر القطاع الاقتصادي غير الرسمي وظائف في مختلف المجالات، لا سيما للوافدين الجدد إلى سوق العمل أو العمال ذوي المهارات المتدنية.

كما يساهم في سد أوجه النقص في سوق العمل بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصةً مع ارتفاع معدلات البطالة بين سكانها، في الوقت الذي لا تتوافر فيه القدرة على استيعاب أعداد بالوظائف الرسمية.

وكشف المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط أن ما يقرب من 37% من إجمالي السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا يتمتعون بأي حماية اجتماعية على الإطلاق، بينما يستفيد 42.4% من برامج المساعدة الاجتماعية.

وتفتقد العمالة غير المنتظمة عدداً من الحقوق المتعلقة بالعمل، مثل التأمين الصحي الإجباري، والتأمين ضد البطالة، والعلاوات، واستحقاقات التقاعد، بجانب التأمين ضد حوادث العمل والعجز.

خسائر بفعل المناخ

وطالت التغيرات المناخية العمالة غير المنتظمة بالدول الإفريقية؛ إذ دمرت الفيضانات أعمال البناء والمعمار، كما أنهك ارتفاع درجات الحرارة المحاصيل الزراعية والأغذية.

وغالباً ما تؤثر الظواهر المناخية المتطرفة على وضعية الفئات المهمشة في الدول النامية، خاصةً في ظل ضعف القدرة على التكيف.

بدورها، سردت بيتي لونكوس (أوغندية، 32 عاماً، تعمل بالقطاع غير الرسمي)، معاناتها من آثار التغيرات المناخية رغم انخفاض بصمتها الكربونية للغاية.

وطالبت لونكوس، في مؤتمر العمل الدولي في جنيف الشهر الماضي، بالحماية الاجتماعية لقطاع العمالة غير المنتظمة، خاصةً أنه الأكثر تضرراً في المجتمعات النامية، ليشمل الرواتب والعطلات المرضية، وأجازات الأمومة وإعانات البطالة وغير ذلك.

وتتعرض العمالة غير المنتظمة لظروف قاسية تؤثر على صحتهم، وقد تودي بحياتهم، من جراء الظواهر المناخية المتطرفة، كالفيضانات والسيول، أو تفاقم التلوث والإجهاد الحراري.

وتشير أوراق عمل لجماعات عمالية، أن قطاع العمالة غير المنتظمة يرتبط عكسياً بالتلوث؛ وذلك من خلال إعادة التدوير وإصلاح المواد وإنتاج سلع من مواد طبيعية وقابلة للتحلل ودعم الاقتصادات المحلية.

بدورها، غادرت لورين سيباندا (من زيمبابوي، 55 عاماً) عملها في التدريس بسبب تدني الأجور وسوء ظروف العمل، وعملت بائعة متجولة بالقرب من الحدود مع جنوب إفريقيا؛ حيث شاهدت معاناة العمالة غير المنتظمة وكيف أثرت التغيرات المناخية عليهم.

قالت سيباندا، في مقطع مصور خلال مؤتمر جنيف: "من المهم للغاية الاستماع إلى هذه المجموعة من العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، مثل الباعة الجائلين وعمال المنازل وجامعي النفايات؛ فهذه الفئة متضررة من تغير المناخ، لكن لا أحد ينتبه إليها".

وتحدثت أيضاً عن معاناة العمالة غير المنتظمة مع الانقطاعات المتكررة لتيار الكهرباء، التي تجبرهم أحياناً على العمل في الظلام، قائلةً: "هؤلاء العمال يحتاجون إلى طاقة نظيفة بأسعار معقولة".