على أغصان أشجار الغابات الاستوائية المطيرة والمناطق الجبلية، يعيش إنسان الغاب الذي يشترك مع البشر في 97% من الحمض النووي. ذلك الكائن يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على النظام البيئي، ويُطلق عليه "بستاني الغابة" لنثره البذور يومياً عن غير قصد بالغابات بعد التغذي على الفاكهة والنبات.
رغم الاحتفال العالمي بإنسان الغاب في 19 أغسطس، فإن الأنواع الثلاث لهذا الحيوان مُهددة بالانقراض؛ فالتغيرات البيئية القاسية بفعل التغيرات المناخية والأنشطة البشرية أثرت على سلوكها، وموائلها، وحياتها الطبيعية.
اختفاء تدريجي
منذ عام 1960، انخفض عدد إنسان الغاب بنسبة 50% مع توقعات من العلماء بانخفاض آخر يصل إلى 22% بحلول عام 2025، وفقاً لما ذكرته منظمة الحفاظ على الطبيعة.
داخل مقاطعات كاليمنتان الواقعة بجزيرة بورنيو الإندونيسية يوجد أكبر تجمع لإنسان الغاب، لكنه معرض لخطر شديد، وبناء على ذلك أجرت منظمة الحفاظ على الطبيعة تعاوناً مع 19 منظمة غير حكومية أخرى لمسح أرضي سريع ورصد مواقع حياة إنسان الغاب، وتوصلوا أن 78% منهم يعيشون خارج مناطق محمية.
تشير التقديرات التي ذكرها الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن الطبيعة فقدت أكثر من 100 ألف من إنسان الغاب البورني بين عامي 1999 و2015؛ فالتهديد الأكبر يتمثل في فقدان أو تجزئة موائل الغابات الخاصة بها بسبب قطع الأشجار بحثاً عن الأخشاب، وإفساح المجال لمزارع زيت النخيل.
الزيت الناتج عن أشجار النخيل يستخدم في العديد من المنتجات، وتُشكل إندونيسيا وماليزيا أكثر من 85% من المعروض العالمي؛ ومن ثم فإن قطع الغابات المطيرة البكر من أجل إنتاج المزيد من الزيت ما هو إلا نشاط غير مستدام يساعد على إطلاق المزيد من الكربون في الغلاف الجوي.
حرائق الغابات تهدد سلوك إنسان الغاب
حرائق غابات إندونيسيا عام 2015 تسببت في أسوأ تلوث هواء خصوصاً أن المشكلة مدفوعة بظاهرة "النينيو" المسببة للطقس الجاف، كما أن التغيرات البيئية تؤثر في صحة وسلوك القردة؛ لهذا تتبع الباحثون المخلوقات البرية لمعرفة كيفية استجابتها لتلك التغيرات.
ويندي إم المتخصصة في علم الرئيسيات شاركت ما توصلت إليه بخصوص سلوك إنسان الغاب على موقع The Conversation؛ حيث درست الطريقة التي تأثر بها الحيوان البري في بورنيو بالانبعاثات السامة من حرائق الغابات التي اندلعت في تلك السنة، بالتركيز على الصوت وطريقة التواصل فيما بينها.
تتبعت مع زملائها الحرائق المحلية وقاموا بدوريات للمناطق القريبة من خطر انتشار الحريق؛ حيث راقبوا إنسان الغاب وبعد أسابيع من الواقعة لاحظت اختلافاً في صوت الذكور خلال التواصل معاً.
ما لفت انتباه الباحثين تناول إنسان الغاب الكثير من الطعام، والقيام بحركات أقل من المعتاد، لكنه ما زال يحرق الدهون المخزنة، وهذه إشارة إلى استهلاك الجسم المزيد من الطاقة، فكان الافتراض الواقعي لما يحدث هو الإصابة بالعدوى أو الالتهابات.
بسبب عيش إنسان الغاب في مناطق شبه معزولة وغابات واسعة فطريقة التواصل بين بعضها وبعض تزيد مسافتها عن نصف ميل، وهذه الطريقة مهمة لإخافة المنافسين لهم بالغابات والتواصل كذلك مع الإناث، ووقتها لاحظت ويندي خشونة زائدة في أصوات الذكور أشبه بصوت المدخنين من البشر.
باستخدام البيانات التي جمعوها قبل وأثناء وبعد الحرائق، حللوا سلوك وصحة إنسان الغاب بجزيرة بورنيو، وكشفت النتائج عن انخفاض نشاط القردة، وحصولها على فترات راحة كبيرة، بالإضافة إلى السفر لمسافات أقصر ورغم ذلك وجدوا استهلاكاً زائداً للسعرات الحرارية بأجسامها أكثر من المعتاد.
ما لفت انتباه الباحثين تناول إنسان الغاب الكثير من الطعام، والقيام بحركات أقل من المعتاد، لكنه ما زال يحرق الدهون المخزنة، وهذه إشارة إلى استهلاك الجسم المزيد من الطاقة، فكان الافتراض الواقعي لما يحدث هو الإصابة بالعدوى أو الالتهابات.
بعد تحليل أكثر من 100 تسجيل صوتي لأربعة ذكور من إنسان الغاب ومتابعتها قبل وأثناء وبعد الكارثة الطبيعية بالغابات، أظهرت النتائج معدلات أقل من التواصل بين الذكور وصلت إلى النصف، وزيادة خشونة أصواتها؛ لذا وجدوا أن التعرض المتكرر للدخان السام عواقبه وخيمة على إنسان الغاب والحيوانات الأخرى في أكثر البلدان تنوعاً بيولوجياً بالعالم.