تغير المناخ يحاصر ثقافة حيتان "الأوركا".. غذاء أقل وأعداد تتراجع


محمد محسن
الاثنين 29 سبتمبر 2025 | 12:21 مساءً
حيتان الأوركا
حيتان الأوركا

تُعرف حيتان "الأوركا" بأنها من أذكى وأشهر الكائنات البحرية في العالم، وتتميز بضخامتها، إذ يصل طولها إلى 9 أمتار، وتعيش في مجموعات مترابطة مثل العائلات، وتظهر سلوكيات غريبة أدهشت العلماء، حتى أن البعض يصفها بأنها كائنات "تملك ثقافة خاصة بها"، فماذا فعل تغير المناخ بها؟

 

هجمات على القوارب

في مضيق جبل طارق، أثارت مجموعات من الحيتان القاتلة خلال السنوات الأخيرة جدلاً كبيراً، وذلك بعدما بدأت في صدم القوارب الصغيرة وتمزيق دفاتها؛ تعددت التفسيرات، بعض الباحثين قالوا إنها مجرد "لعبة أو موضة" بين الحيتان الصغيرة سرعان ما انتشرت في باقي المجموعة، نقلاً عن موقع "Earth" المتخصص في المناخ والبيئة.

قبعات السمك

في مشهد آخر أكثر غرابة، شوهدت حيتان في مياه واشنطن تضع أسماكاً ميتة على رؤوسها، هذه الظاهرة ظهرت قبل أكثر من 30 عاماً ثم اختفت، قبل أن تعود مؤخراً، ما يشير إلى أن الحيتان تتعلم وتعيد تقليد سلوكيات معينة من الماضي، وليس هذا فحسب.

مشاركة الطعام والعناية

دراسات أخرى وثقت قيام حيتان "الأوركا" بتقديم الطعام للبشر في البحر، في سلوك يجمع بين الفضول واللعب وربما بناء علاقة مع الإنسان، كما رصد الباحثون سلوكاً جماعياً جديداً باستخدام الطائرات بدون طيار، حيث تتبادل الحيتان فرك أجسادها بأعشاب البحر في ما يشبه جلسات تنظيف متبادلة.

خطر المناخ ونقص الغذاء

لكن هذه السلوكيات المدهشة تواجه خطراً كبيراً، فارتفاع درجة حرارة المحيطات يهدد أعشاب البحر التي تعتمد عليها الحيتان، كما أن مصدر غذائها الأساسي، وهو سمك السلمون الملكي، يتراجع بشكل مقلق نتيجة تغير المناخ، والدليل على ذلك، هو انخفاض عدد حيتان الأوركا المقيمة في بحر ساليش بالمحيط الهادئ، إلى أقل من 90 فقط.

ورغم وجود أنواع أخرى من السلمون بكثرة، فإن ثقافة التغذية لدى هذه الحيتان تجعلها ترفض غير النوع الذي اعتادت عليه.

كل هذه السلوكيات من صدم القوارب، إلى اللعب بالأسماك، إلى مشاركة الطعام وتقشير الأجساد، تشير إلى أن الحيتان القاتلة لا تعيش فقط بغريزة البقاء، بل تطور أنماطاً سلوكية تنتقل بين الأجيال وتُشكل ثقافة خاصة بها.

يقول دارين كروفت، المدير التنفيذي لمركز أبحاث الحيتان بالولايات المتحدة: "نعلم أن الحيتان القاتلة غالباً ما تتواصل جسدياً مع أفراد مجموعتها، لكن استخدام عشب البحر يعزز هذه الروابط بطريقة لم نتخيلها من قبل".

مخاوف العلماء

ومع استمرار التغير المناخي، يخشى العلماء أن تتراجع أعداد هذه الكائنات المهيبة أكثر فأكثر، لكنهم في الوقت نفسه يرون أن دراسة ثقافتها تمنح البشرية فرصة فريدة لفهم كيف تبني المخلوقات الأخرى عالماً اجتماعياً يشبه عالمنا في كثير من النواحي.