في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم نحو التحول للطاقة النظيفة، تكشف دراسة حديثة عن وجه غير متوقعاً للطاقة المتجددة، وهي مزارع الرياح، التي تقتل آلاف الطيور سنوياً، وفقاً لدراسة أجراها معهد الحياة البرية في الهند "(WII") ونشره موقع "Climate Fact Checks" المتخصص في أخبار المناخ والبيئة.
الدراسة شملت مسحاً لمنطقة تبلغ مساحتها 3000 كيلومتر مربع في منطقة "جيسالمير" بالهند، وتضمنت فحصاً دقيقاً لحوالي 900 توربين رياح، وكانت النتيجة صادمة، حيث تُقتل آلاف الطيور، من بينها أنواع مهددة بالانقراض بشكل سنوي، وذلك بسبب الاصطدام بالتوربينات.
124 طائر نافق قريب من التوربينات
سجل الباحثون 124 جثة طائر بالقرب من التوربينات، بينما لم يُعثر على أي طائر نافق في مواقع خالية من التوربينات، وبعد احتساب العوامل البيئية مثل اختفاء الجثث بسبب الحيوانات المفترسة أو عدم رصدها، قُدر معدل النفوق بنحو 4470 طائراً لكل 1000 كيلومتر مربع سنوياً، أي ما يُعادل 13359 وفاة في منطقة الدراسة.
الطيور الجارحة.. النسبة الأكبر
ومن بين هذه الأعداد، كان هناك 953 طائراً جارحاً والتي شكلت ما يقرب من 40% من جثث الطيور، وهي فئة معرضة بشكل خاص للاصطدام بسبب طبيعة طيرانها وبحثها عن الفرائس من ارتفاعات منخفضة نسبياً.
تشمل الطيور المتضررة أنواعاً شديدة الأهمية البيئية مثل النسور بيضاء الردف، والنسور السمراء، وصقور لاغار، والحبارى الهندي الكبير وهو شديد التهديد بالانقراض، وبالإضافة إلى ذلك، تمثل صحراء الهند الكبرى جزءاً من مسار الهجرة الرئيسي للطيور في آسيا الوسطى، ما يجعل تأثيرات هذه المزارع تمتد إلى نطاقات جغرافية أوسع من حدود الهند.
التوربينات المنفردة أكثر فتكاً
وكشفت الدراسة أن التوربينات المنفردة والمعزولة كانت أكثر فتكاً من تلك التي تعمل ضمن مجموعات، كما سجلت الأراضي المسطحة والعشبية وفيات أعلى مقارنة بالأراضي المتموجة، والارتفاع الأكبر للتوربينات ارتبط بزيادة خطر الاصطدام، ولم يكن حجم الطائر أو عرض جناحيه أو ارتفاع طيرانه مؤشرات ثابتة لتوقع الخطر.
كما توسعت الهند في مشاريع الرياح والطاقة المتجددة، وخاصة في مناطق ذات تنوع بيولوجي كبير، إذ جلب معه تحديات خطيرة لم تكن محسوبة، وبجانب ذلك، يحذر الخبراء من أن تطوير الطاقة النظيفة دون تخطيط دقيق، قد يؤدي إلى انخفاضات صامتة في أعداد الطيور المعرضة للخطر.
وكان غياب تقييمات بيئية صارمة قبل إنشاء هذه المشروعات يهدد بانقراض صامت لأنواع هامة بيئياً، وخاصة الأنواع بطيئة التكاثر التي لا تتحمل هذا المستوى من النفوق.
خطوات الحد من أثر توربينات الرياح على الطيور
وتوصي الدراسة بعدة خطوات للحد من أثر مزارع الرياح على الطيور، أبرزها تنفيذ تقييمات بيئية أكثر صرامة قبل الترخيص، وتجنب المواقع البيئية الحساسة، مثل ممرات الهجرة وموائل الطيور الجارحة، واستخدام تقنيات التخفيف مثل طلاء شفرات التوربينات لجعلها أكثر وضوحاً، وإيقاف مؤقت للتوربينات خلال فترات الهجرة.