مطبات الهواء واصطدام الطيور.. أزمة المناخ تزيد مخاطر السفر الجوي


مروة بدوي
الاحد 09 فبراير 2025 | 02:07 مساءً

 أعلنت شبكة سلامة الطيران عن وفاة  318 شخصاً في حوادث طيران العام الماضي، وبذلك يصبح 2024 الأكثر دموية في قطاع الطيران التجاري، مسجلاً أعلى عدد من القتلى منذ عام 2018، وكان ديسمبر هو الشهر الأكثر مأساوية مع تكرار حوادث الطائرات في عدة دول.

سلسلة الكوارث الجوية أودت بحياة مئات الأشخاص في العديد من دول العالم بما في ذلك كوريا الجنوبية، والبرازيل، وكازاخستان، ونيبال، وكندا، والولايات المتحدة، وخلال شهر يناير الماضي، عانت أمريكا من أفدح كارثة جوية منذ عام 2001، بعد مقتل 67 شخصاً في  حادث تصادم بين طائرتين في سماء واشنطن، وبعد يومين اصطدمت طائرة إسعاف بعدد من المباني في ولاية بنسلفانيا.

قطاع الطيران وتغير المناخ 

ويعزى خبراء زيادة الحوادث إلى عدة أسباب من أهمها الطقس والتقلبات المناخية التي يصعب التنبؤ بها، ويقول وزير النقل الأمريكي السابق بِيت بوتجيج إن تغير المناخ يؤثر على صناعة النقل ويزيد من اضطرابات الطائرات، ويجب أن يتعلم الجميع التكيف معه من أجل الحفاظ على نقل آمن.

وأوضح "بوتجيج" أن مواسم الأعاصير أصبحت أكثر تطرفاً، وهناك مؤشرات على أن الاضطرابات الجوية ارتفعت بنحو 15%، وأضاف خلال مقابلة تلفزيونية مع برنامج "Face the Nation" أنه مع استمرار تأثير تغير المناخ على حالة الطقس وجعلها أكثر تطرفاً، سوف يصبح من الضروري تحديث وتطوير قطاع الطيران بشكل مستمر من أجل الحفاظ على سلامة النقل.

ويتفق كلام وزير النقل الأمريكي السابق مع دراسة حديثة نشرتها دار النشر البريطانية Emerald Publishing، والتي أكدت أن الطيران أحد القطاعات الأكثر تأثراً بالأحداث المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ والاحتباس الحراري، وخاصة في حوادث الطائرات.

وتتبع الباحثون عواقب الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية على قطاع الطيران العالمي بين عامي 2010 و2022، وتوصلوا إلى زيادة تأثيرات الظروف الجوية في حوادث تحطم الطائرات حول العالم خلال العقد الأخير، وخلال عام 2024 لعبت أزمة المناخ دوراً في زيادة نسبة الحوادث لأسباب مختلفة.

العلاقة بين "Bird strikes" وحادث طائرة كوريا الجنوبية ديسمبر 2024

يزيد التغير المناخي من مخاطر السفر الجوي بشكل مباشر أو غير مباشر كما في حالة "Bird strikes"، أو اصطدام طائر، حيث لاحظ العلماء تغير أنماط الهجرة الموسمية وأوقات تكاثر الطيور بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما يزيد من خطر الاصطدام بين الطيور والطائرات المحلقة خلال فصل الشتاء.

وحسب  بيانات "Avisure"، شركة الاستشارات المختصة بإدارة مخاطر الطيران، فإن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في حوادث طيران كبرى ناجمة عن اصطدام الطيور يبلغ 795 راكباً منذ عام 1912،  وتشمل قائمة هذه الحوادث 172 طائرة ركاب و506 طائرات مقاتلة عسكرية، بينما تقدر الأضرار المادية بمليارات الدولارات سنوياً.

وتوضح الشركة أن صناعة الطيران العالمية تركز استجاباتها بشكل أساسي خلال فصلي الربيع والخريف، عندما يكون خطر اصطدام الطيور مرتفعاً أثناء مواسم الهجرة المعتادة، لكن في الآونة الأخيرة، أدت أزمة المناخ والاحترار إلى تغيير أوقات التكاثر والهجرة، وبات من الصعب التنبؤ بحوادث اصطدام الطيور.

وفي 29 ديسمبر الماضي، تحطمت طائرة "جيجو إير" في كوريا الجنوبية، ما أسفر عن مقتل 179 شخصاً، وهو أكبر عدد من ضحايا حوادث الطيران في تاريخ البلاد، ومن المتوقع أن اصطدام طائر قد أدى إلى تحطم الطائرة الكورية، حيث يشكل Bird strikes خطراً على محركات الطائرات في حال نفذت الطيور إلى داخلها، وفقاً لصحيفة "الجارديان".  

المطبات الهوائية وحادث الطائرة السنغافورية مايو 2024

يتحرك الهواء دائماً ويتدفق مع الدوامات والتيارات، وفي بعض الأحيان يكون هادئاً وفي أوقات أخرى يكون مضطرباً وعنيفاً، وتعرف حركة الهواء غير المنتظمة والعنيفة بالمطبات الهوائية، والتي تعد واحدة من أكثر الظواهر الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها، وعند تعرض الطائرة لمطب هوائي قد ينتج عن ذلك إصابات أو حتى حالات وفاة، بالإضافة إلى الأضرار الهيكلية التي تصيب الطائرات.

وتظهر الأبحاث أن المطبات الهوائية الشديدة زادت احتمالية حدوثها بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وقد تؤدي بعض المطبات القوية الى إخراج الطائرة عن السيطرة وانحرافها عن المسار.

وتوصلت دراسة أجرتها جامعة "ريدينغ" البريطانية أن السماء باتت أكثر اضطراباً بنسبة تصل إلى 55% مما كانت عليه قبل 40 عاماً بسبب التغير المناخي، وتمثل المطبات الهوائية، التي قد يكون من الصعب اكتشاف بعضها، أحد أكثر الأسباب شيوعاً وراء حوادث الطائرات ذات الصلة بالطقس.

وفي يوم 21 مايو الماضي، تعرضت الطائرة التابعة للخطوط الجوية السنغافورية إلى مطبات هوائية شديدة تسببت في وفاة شخص وإصابة 31 آخرين، واضطرت للهبوط في بانكوك.

وتلقي التغيرات المناخية بظلالها على قطاع الطيران؛ لذلك يوصي الخبراء بمتابعة الأحوال الجوية بدقة والتكيف مع جميع الظروف الطارئة ومراعاة التغيرات السلوكية للطيور المحلية والمهاجرة لتفادي حدوث أي مشكلة.