تهديد حراس المحيطات.. هل تنهار البيئة البحرية باختفاء أسماك القرش؟


فيروز ياسر
الاربعاء 14 يونية 2023 | 06:28 مساءً
القروش تحافظ على صحة المحيطات، وبدونها تنهار النظم البيئية البحرية - مشاع إبداعي
القروش تحافظ على صحة المحيطات، وبدونها تنهار النظم البيئية البحرية - مشاع إبداعي

سكنت أسماك القرش الأرض منذ أكثر من 400 مليون سنة، ونجت من عدة انقراضات جماعية، ورغم تصويرها في مشاهد الأفلام بأنها آلة لقتل البشر لعكس مدى شراستها، لم يلتفت أحد إلى سبب وجودها في المحيطات، وما يمكن أن يحدث إذا اختفت تماماً دون رجعة.

في البداية، عليك معرفة أن القروش تحافظ على صحة المحيطات، وبدونها تنهار النظم البيئية البحرية؛ حيث تساهم في إمدادها بالعناصر الغذائية الحيوية عند التنقل من المياه العميقة إلى الضحلة التي تفتقر إلى مثل هذه المغذيات.

ناقلة للمغذيات الخاصة بالشعاب المرجانية

تلك الكائنات تقوم بمهمة في غاية الأهمية والدقة، وتتمثل في قرش الشعاب الرمادي الموجود بأعداد كبيرة في منطقة المحيطين الهادي والهندي، الذي غالباً ما يُعثر عليه في المياه الضحلة بالقرب من الشعاب المرجانية، وتكمن مهمته في نقل النيتروجين من أعماق المحيط إلى الشعاب المرجانية الضحلة والفقيرة إلى المغذيات عبر فضلاتها.

الصندوق الدولي لرعاية الحيوان، كشف أن النيتروجين يعمل كسماد لآلاف الأنواع التي تعيش في بيئة الشعاب المرجانية، وبدون قرش الشعاب سيعاني التنوع البيولوجي في النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية.

محاربة التغيرات المناخية

مكافحة الاحتباس الحراري تجري بقوة في البحر عبر القروش؛ حيث لها دور في تخفيف غازات الدفيئة وسحبها من الغلاف الجوي للمحيطات، كما أن نسبة 10-15% من أجسادها تتكون الكربون، وعند موتها يغرق الجسم بالكربون، ومن ثم يُطلق عليها "خزانات الكربون" منذ ملايين السنين.

السلاحف البحرية الموجودة تحت الماء، تستنزف الأعشاب البحرية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، لكن أسماك قرش النمر الموجودة، لديها القدرة على إبعاد السلاحف البحرية عن مروج الأعشاب، وهذا يعني أنه باختفاء القروش ترتفع معدلات السلاحف المدمرة للأعشاب الملتقطة للكربون، فيزيد الاحتباس الحراري.

إذا كانت القروش خطراً على البشر بسبب هجماتها فالبشر مصدر تهديد وسبب في انقراضها قريباً

ضحية للبشر ومهددة بالانقراض

ما بين 6.4 و7.9% من أسماك القرش تُقتل سنويّاً وفقاً لتقديرات الباحثين. وهذا الرقم يُهدد استمرار بقائها في المحيطات، وحتى إن لم تكن يتم اصطيادها فإنها عرضة للوقوع في شباك الصيد التجاري الذي يقتل به البشر 11400 سمكة قرش في الساعة.

مجلة Oceanographic أوضحت أن مسحاً أُجري على طول ساحل البحر الأحمر بالمملكة العربية السعودية عام 2021 كشف عن 8 أنواع من أسماك القرش مهددة بالانقراض؛ من بينها قرش الحمار الوحشي.

تجارة الزعانف تعتبر باهظة الثمن؛ حيث يصل الكيلوجرام الواحد من زعانف القروش إلى ألف دولار في شرق آسيا

زعانف القروش وجبة شهية لسكان آسيا

يعتبر حساء الزعانف وجبة مهمة على مائدة المجتمعات الآسيوية، لكن هذه الوجبة تعكس ممارسات غير أخلاقية ومضرة للبيئة، نتيجة اصطياد القروش وقطع زعانفها ثم إلقاء باقي جسدها بالمياه مرة أخرى.

تجارة الزعانف تعتبر باهظة الثمن؛ حيث يصل الكيلوجرام الواحد من زعانف القروش إلى ألف دولار في شرق آسيا، وفقاً لموقع Green Network Asia. ونتيجةً لذلك تُقطَع زعانف نحو 73 مليون سمكة قرش في عام واحد لتلبية هذه السوق، ومن ثم فإن 70% من قروش "القداس" مُعرَّضة لخطر الانقراض.

في نوفمبر 2022، قررت اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية، تقييد وتنظيم تجارة القروش، بجانب إضافة 97 نوعاً إلى القائمة، كما أن الولايات المتحدة أصدرت تشريعاً في العام نفسه بحظر تجارة زعانف القرش تماماً. ورغم ذلك فإن لعلماء الأحياء البحرية مخاوف من انتشار التجارة غير المشروعة للقروش بعد هذه التشريعات والقرارات.

أسماك القرش بحاجة إلى مساعدتنا الآن لمواصلة محافظتها على النظام البيئي الحيوي؛ حيث يوجد عدد أقل في المحيطات المفتوحة بنسبة 71% مقارنةً بما كان عليه الحال قبل 50 عاماً.

وجود المزيد من أسماك القرش لأداء وظائفها الحيوية في النظام البيئي، يحافظ على صحة المحيطات، ويقلل من آثار تغير المناخ العالمي، ويساعد الكوكب بأكمله.