هل يمكننا مواجهة نقص المياه بطريقة أكثر استدامة؟ سؤال يفرض نفسه بقوة في عصر التغيرات المناخية التي تهدد الموارد المائية المحدودة في العالم العربي، والتي تهدد بتفاقم أزمات الجفاف، والتصحر، والتدهور البيئي.
في عام 2023، انطلقت جمعية "سيل" الأهلية، وهي مؤسسة سعودية غير ربحية، نجحت في الجمع بين جهود العمل على تنفيذ مشروعات سقيا المياه، التي تستهدف البشر والنباتات والحيوانات، وبين المساهمة في الحفاظ على البيئة ومواجهة آثار التغيرات المناخية، رافعة شعار "ماء ونماء".
في حديثه لـ"جرين بالعربي"، يشير عبد الله بن راشد الغريب الرئيس التنفيذي للجمعية، إلى عدد من الأهداف التي انطلقت على أساسها المؤسسة، وتشمل: توصيل المياه إلى المنازل والمنظمات المختلفة، والاستفادة من الآبار والسدود والمحافظة عليها، علاوة على إقامة ورش عمل حول التنمية المائية، ونشر ثقافة المحافظة على الموارد.
ويتصدر توصيل المياه للفئات الأكثر هشاشة قائمة اهتمامات الجمعية، إذ يشير "الغريب" إلى إجراء الجمعية دراسة شاملة للاحتياجات المجتمعية، وتنفيذ عشرات المشروعات للأسر الأكثر احتياجاً، إضافة إلى المشاركة في سداد فواتير المياه عن المتعثرين.
وفي أغسطس 2024، حصلت جمعية "سيل" على موافقة مبدئية من مركز الملك سلمان للإغاثة للعمل في الخارج، كما حصلت على وسام "الجمعية المتميزة" من المنصة الوطنية للتبرعات "تبرع".
مصدر الصورة: واس
ولفت الرئيس التنفيذي لـ"سيل" إلى جهود المؤسسة في الحفاظ على استدامة أنشطتها، والمشاركة في جهود المملكة العربية السعودية لحماية البيئة.
مبادرة السعودية الخضراء
جمعية "سيل" الأهلية انضمت إلى قائمة المؤسسات المشاركة في مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقتها المملكة عام 2021، وتشمل أهدافها: تنمية الغطاء النباتي في مختلف أنحاء المملكة بطريقة "مدروسة بعناية"؛ ما يساهم في مواجهة ظاهرة التصحر.
ومن خلال مشروع "إنماء"، شاركت الجمعية في ري المحميات الطبيعية والحدائق العامة والمتنزهات والمساحات المفتوحة، وري أشجار الطرق والشوارع، بالاعتماد على أحدث تقنيات الري لضمان الحفاظ على المناطق المحمية، علاوة على تقليل الفاقد من كميات المياه المستخدمة.
مصدر الصورة: واس
يشير "الغريب" إلى أن الجمعية ركزت -من خلال تعاون وثيق مع الجهات المعنية- على تنفيذ تقنيات ري مستدامة تهدف إلى تقليل استهلاك المياه وزيادة الإنتاجية، مما يدعم التنمية البيئية ويعكس التزام الجمعية برؤية المملكة الطموحة نحو مستقبل أكثر استدامة.
وبلغ عدد الأشجار المزروعة في المملكة منذ عام 2021 -ضمن مبادرة السعودية الخضراء- ما يزيد عن 95 مليون شجرة، وتخطت المساحات المُستصلحة 110 آلاف هكتار، وفقاً للموقع الرسمي للمبادرة.
واستعداداً لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "COP 16"، الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض ديسمبر الماضي، شاركت "سيل" في مشروع "تعزيز مشاركة المجتمع المحلي بمؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16)" الذي أطلقته مؤسسة "مروج" لتنمية الغطاء النباتي، وشمل تبادل الخبرات بين المنظمات المشاركة المختلفة.
وعلى هامش المؤتمر، وقعت الجمعية اتفاقية جديدة مع جمعية "المحافظة على الأشجار"، للمساهمة في تنمية الغطاء النباتي، وزيادة المساحات الخضراء.
مصدر الصورة: الصفحة الرسمية لجمعية سيل
في حديثه إلى "جرين بالعربي"، لفت الرئيس التنفيذي للجمعية إلى إدراك المؤسسة "أهمية المؤتمرات والقمم البيئية الإقليمية والعالمية باعتبارها منصات استراتيجية تتيح فرصاً كبيرة للتشبيك وتوسيع التأثير البيئي".
الابتكار في مواجهة شح المياه
وتشمل الابتكارات التي تتبناها الجمعية تقنية إنتاج المياه من الهواء، التي تعتمد على تحويل خار المياه العالق في الهواء إلى مياه، إذ وقّعت في سبتمبر الماضي اتفاقاً مع إحدى الشركات لرعاية جهاز سعودي يستخدم في تنفيذ تلك التقنية.
مصدر الصورة: الصفحة الرسمية لجمعية سيل
يرى "الغريب" أن تلك التقنية يمكن أن تصبح جزءاً أساسياً من استراتيجيات المياه في المنطقة العربية، مع الدعم المناسب من الحكومات المختلفة، والمستثمرين.
مواجهة النفايات والهدر
ومن خلال مشروع "كررها"، عملت الجمعية على تقليل فاقد المياه، بالاستفادة من المياه المهدرة خلال عمليات التعبئة في مصانع المياه، بإعادة توجيهها لري الحدائق والمحميات الطبيعية، علاوة على المساهمة في مواجهة أزمة النفايات البلاستيكية التي تهدد البيئة بإعادة تدويرها، وتحويلها إلى مواد قابلة لإعادة الاستخدام.
ووزعت الجمعية مجموعة من الحاويات في مناطق مختلفة، لجمع عبوات البلاستيك الفارغة، والاستفادة منها لاحقاً في المشروعات التي تنفذها، وفقاً للموقع الرسمي للمؤسسة.
وتسبب النفايات البلاستيكية، التي تبقى لآلاف السنين دون تحلل، الكثير من الأضرار البيئية الجسيمة، إذ تتراكم في البيئة وتهدد الكائنات الحية التي تتعثر بها، أو تتناولها عن طريق الخطأ.