متلازمة رينود تُكبل الأيادي والأقدام في الشتاء.. ما علاقة التغير المناخي؟


سلمى عرفة
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 | 08:53 مساءً

الشائع بين أغلب الناس أن الإنفلونزا والأمراض التنفسية هي الأكثر انتشاراً في الشتاء، لكن هناك حالة مرضية تصيب اليدين والقدمين لا ينتبه لها كثيرون، متلازمة رينود.

هل تعاني من ألم شديد في يديك، وقدميك، وتلاحظ تغيراً في لونها خلال فصل الشتاء؟.. تلك الأعراض التي يعاني منها الكثير من الناس عند التعرض للطقس البارد بسبب متلازمة رينود.

ما هي متلازمة رينود؟

تحدث متلازمة رينود، التي تصيب ما يصل إلى 20% من سكان العالم، عندما تضيق الأوعية الدموية في المناطق المصابة، ويتراجع تدفق الدم إليها، ما يؤدي إلى الشعور بالألم والوخز، والبرودة، وقد تتسبب في مضاعفات أخرى مثل تقرح الجلد، أو ينتهي الأمر، في بعض الحالات النادرة، بإصابة المريض بتلف الأنسجة "الغرغرينا".

مصدر الصورة: Healthlineمصدر الصورة: Healthline

خلال التعرض لنوبات المرض الذي يرتبط ببرودة الطقس، يتغير لون الجلد أولاً إلى اللون الأبيض بسبب نقص الدم، ثم الأزرق عندما يفقد الدم المتبقي في المنطقة المصابة الأكسجين الموجود به، ثم اللون الأحمر عند عودة الدورة الدموية مجدداً، أو عند ارتفاع درجة الحرارة، وفقاً للمعهد الوطني الأمريكي لالتهاب المفاصل والعضلات والعظام والأمراض الجلدية.

لكن ما أثر التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها الأرض، وما ينتج عنها من تغيرات الطقس، على مصابي المتلازمة؟

في حديثه إلى "جرين بالعربي"، يشير الدكتور ألبين ستيرنبرانت، الأستاذ المشارك في قسم الصحة المستدامة بجامعة "أوميو" في السويد، إلى أن متلازمة رينود غالباً ما ترتبط بالطقس البارد والرطب، مشيراً إلى الزيادة المتوقعة في موجات الطقس المتطرف والتي تشمل موجات باردة جراء التغير المناخي.

وتابع أن هناك عدد من النماذج المناخية التي توقعت بأن تتأثر بعض مناطق العالم بطقس متطرف البرودة، بالتالي من المتوقع تفاقم أزمة الإصابة بمتلازمة رينود بين سكان تلك المناطق.

التغير المناخي يفاقم خطورة الشتاء

رغم ارتباط الحديث عن التغير المناخي دائماً بارتفاع درجات الحرارة، إلا أن هناك آراء علمية أشارت إلى ارتباطه كذلك بموجات البرد القارس.

في دراسة نشرها موقع "Science" عام 2021، أشار الباحثون إلى العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة في منطقة القطب الشمالي، وبين اضطرابات الدوامة القطبية، والتي يمكن ربطها بموجات من البرد القارس وقعت في قارتي آسيا وأمريكا الشمالية.

وتُعرف الدوامة القطبية بأنها منطقة واسعة من الضغط المنخفض، والهواء البارد التي تحيط بقطبي الأرض، لكن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى وصول تلك الكتل الباردة إلى مناطق غير اعتيادية.

البرودة ليست المتهم الوحيد

الطقس البارد ليس المتهم الوحيد في المعاناة من نوبات متلازمة رينود، بل هناك عوامل أخرى تزيد الخطر وتتفاقم كذلك بفعل التغير المناخي، على رأسها الضغوط النفسية.

يشير "ستيرنبرانت" إلى أن الضغط النفسي المصاحب لوقوع الظواهر الجوية المتطرفة ربما يساهم في المزيد من نوبات التشنج الوعائي الناتجة عن المتلازمة، وهو مصطلح يشير إلى تقلص الأوعية الدموية.

النصائح التي قدمها الأستاذ المشارك في جامعة أوميو السويدية لتخفيف النوبات تشمل ارتداء الملابس الثقيلة مثل المعاطف، والقفازات، مشيراً إلى التطور التكنولوجي المستمر في وسائل التدفئة من بينها قفازات التدفئة التي تعمل بالطاقة الكهربية.

الفئات الهشة تواجه الخطر الأكبر

جانب أكثر قتامة لهذه المتلازمة الشتوية، تكمن في الفئات التي لا تستطيع الوصول إلى وسائل التدفئة، أو اتباع الإجراءات الوقائية، لا سيما ممن تجتمع عليهم عوامل مختلفة من عوامل الخطر، ومن بينهم النازحين.

قبل عدة سنوات، انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لطفلة سورية نازحة تبكي، وتشكو من آلام يديها جراء الطقس البارد، ورغم عدم وضوح ما إذا كانت الطفلة تعاني من متلازمة رينود أم لا، تقول الأمم المتحدة إن التغير المناخي زاد من قسوة شتاء سوريا- التي يقترب عدد النازحين داخلياً فيها من 7 ملايين شخص، وسط نقص حاد في وسائل التدفئة، والملابس اللازمة لمواجهة ذلك الطقس.

ويرتبط التغير المناخي بزيادة حدة العواصف الثلجية، فارتفاع درجات الحرارة يزيد من نسب بخار الماء التي يحملها الهواء، والتي تتحول لاحقاً إلى أمطار غزيرة أو ثلوج عندما تنخفض درجات الحرارة، بحسب موقع "ناشونال جيوجرافيك".

 تقول الأمم المتحدة إن التغير المناخي زاد من قسوة شتاء سوريا- التي يقترب عدد النازحين داخلياً فيها من 7 ملايين شخص، وسط نقص حاد في وسائل التدفئة، والملابس اللازمة لمواجهة ذلك الطقس.

مفارقة مناخية

لكن هناك رأي آخر طرحه مجموعة من العلماء في دراسة في عام 2020، وهو أن الاحتباس الحراري سيخفف من معدلات تفشي المتلازمة على مدى القرن الحالي، بعد الاستعانة بالبيانات التاريخية لمدى انتشارها في عام 1999، ومقارنتها بالتوقعات التي توصلوا إليها لعام 2099.

وتوقع الباحثون في النتائج، التي نقلها موقع المكتبة الوطنية الأمريكية للطب، أن كل درجة زيادة في حرارة الأرض سيقابلها انخفاض في معدل تفشي المتلازمة بـ 0.5%.

لكن الأستاذ المشارك في قسم الصحة المستدامة في جامعة أوميو رأى، في حديثه إلينا، الاحترار العالمي قد يؤدي إلى تراجع إجمالي معدلات الإصابة بالمتلازمة، لكن على الناحية الأخرى هناك مناطق ستبقى فيها متلازمة رينود تمثل أزمة للسكان، بل وتزداد في معدلات الانتشار.