كل شبر تطؤه أقدام البشر على هذه الأرض، لا يخلو من جزيئات البلاستيك المدمرة؛ ما جعل عالمنا غارقاً في النفايات البلاستيكية التي يزداد حجمها يوماً تلو الآخر، والبشر في المقابل يدفعون ثمن التلوث بحدوث تغيرات مناخية غير متوقعة، وظهور مشكلات صحية بالغة الأثر.
ورغم عزم الكثير من الدول إعادة التدوير؛ للحد من كمية البلاستيك بالبر والبحر، فإن أغلب أنواع البلاستيك يصعب تحليلها أو حتى يستحيل ذلك.
في المختبرات، يحاول العلماء البحث عن وسائل يمكنها حل مشكلة النفايات البلاستيكية غير المعاد تدويرها؛ لإنقاذ البيئة والمناخ من التبعات التي ستحدث مستقبلاً، وبالفعل توصلوا إلى أنواع من الديدان والفطريات التي تتغذى على مواد بلاستيكية كان من المستحيل التخلص منها.
اكتشف باحثون في جامعة "كوينزلاند" الأسترالية ديداناً معروفةً باسم "Zophobas morio"، وهي نوع من الخنفساء الداكنة التي لديها قدرة على أكل مادة "البوليسترين" المستخدمة في التعبئة والتغليف وأكواب المشروبات "الفوم".
بدراسة المادة الوراثية الموجودة للديدان، عثر الباحثون على إنزيمات مشفرة لديها القدرة على تحطيم مادتَي "البوليسترين والستايرين".
الديدان الخارقة تنجح في مهمتها
الإنزيم البكتيري الموجودة في أمعاء هذه الديدان، يرجع إليه الفضل في تآكل البلاستيك. ولإثبات ذلك، أجرى الباحثون تجربة لمعرفة ما يحدث بالضبط عند تقديم مادة "البوليسترين" للديدان.
قام فريق من كلية الكيمياء والعلوم البيولوجية الجزيئية بتغذية الديدان الخارقة بأنظمة غذائية مختلفة على مدار 3 أسابيع؛ حيث أعطوها "رغوة البوليسترين"، وبعض النخالة، والبعض الآخر حصل على أطعمة سريعة.
نتائج هذه التجربة كشفت عن أن الديدان التي تغذت على نظام غذائي من "البوليسترين" لم تَنْجُ فحسب، بل كانت تعاني من زيادة طفيفة في الوزن، وهذا دليل على أنها تستخلص الطاقة من مادة "البوليسترين" بمساعدة ميكروبات الأمعاء.
بدراسة المادة الوراثية الموجودة للديدان، عثر الباحثون على إنزيمات مشفرة لديها القدرة على تحطيم مادتَي "البوليسترين والستايرين".
هناك اعتقاد بأن نواتج تحلل البلاستيك يمكن استخدامها مرة أخرى بواسطة بعض الميكروبات من أجل إنتاج مركبات عالية القيمة، مثل البلاستيك الحيوي، وهو نوع من البلاستيك يتحلل عضويّاً في الظروف الطبيعية
التحلل البيولوجي للنفايات البلاستيكية
قال الطبيب كريس رينك من فريق الكلية، إن الهدف الذي يريدون الوصول إليه هو تقليل النفايات البلاستيكية في محطات إعادة التدوير من خلال التقطيع الميكانيكي ثم التحلل البيولوجي الإنزيمي للديدان.
ووصف الباحثون الديدان بأنها "محطات إعادة تدوير صغيرة"؛ حيث تمزق "البوليسترين" بأفواهها، ثم تغذيها للبكتيريا الموجودة في أمعائها.
وهناك اعتقاد بأن نواتج تحلل البلاستيك يمكن استخدامها مرة أخرى بواسطة بعض الميكروبات من أجل إنتاج مركبات عالية القيمة، مثل البلاستيك الحيوي، وهو نوع من البلاستيك يتحلل عضويّاً في الظروف الطبيعية.
ويأمل المشاركون في البحث، إعادة تدوير النفايات البلاستيكية، وتقليل مدافن النفايات؛ وذلك من خلال تنمية بكتيريا الأمعاء في المختبر؛ لاختبار قدرتها على تحلل "البوليسترين"، ومن ثم سيكون هناك فرص كبيرة للتحلل البيولوجي للنفايات البلاستيكية.
أنواع معينة من الفطر لها القدرة على استهلاك "البولي يورثين" أحد المكونات الرئيسية في المنتجات البلاستيكية؛ ولهذا يعتقد العلماء أنه المفتاح السحري لتنظيف الأرض
الفطر.. كائن خفي يلتهم البلاستيك
ملايين من الفطريات موجودة على كوكب الأرض تحمل قدرة على التخلص من الملوثات، دون أن ينظر البشر إلى قدراتها على إنهاء النفايات البلاستيكية وتقليل مكبات النفايات، إنها حقّاً كائنات صديقة للبيئة تعمل في صمت، واستغلالها خطوة ضرورية للحد من التغيرات المناخية.
أنواع معينة من الفطر لها القدرة على استهلاك "البولي يورثين" أحد المكونات الرئيسية في المنتجات البلاستيكية؛ ولهذا يعتقد العلماء أنه المفتاح السحري لتنظيف الأرض.
المعالجة الفطرية هي عملية طبيعية وحيوية تقوم بها الفطريات لعزل الملوثات والتخلص منها، وفطر "Pestalotiopsis microspora" قادر على العيش داخل البلاستيك، وداخل بيئات مظلمة بدون أكسجين لتحليل البوليمرات البلاستيكية؛ وذلك حسبما ذكر موقع " ASM Journal Platform".
كم الوقت المستغرق لتحلل البلاستيك؟
لاحظ الباحثون قدرة هذا النوع من الفطر على تحليل "البولي يوريثين" وهضمه قبل تحويله إلى مادة عضوية؛ حيث يمكن القيام بذلك خلال أسبوعين فقط.
هناك نوع آخر من الفطريات يُسمى "Aspergillus tubingensis" ويمكنه تكسير "البوليستر، والبولي يوريثين" إلى قطع أصغر بكثير في شهرين فقط؛ وذلك حسبما ذكر موقع " ScienceDirect".
والتساؤل الحالي: هل تستطيع الفطريات والديدان انتشال آثار التلوث والنفايات البلاستيكية في الوقت المناسب قبل تفاقم الأزمة المناخية؟ أم لا تستطيع مواجهة الكم الهائل من البلاستيك الذي تنتجه الدول حتى الآن ولا تتوقف عن ذلك؟