أساليب مبتكرة لتعزيز الصحافة العلمية.. هذا ما حققته مبادرة "مدرسة المناخ"


سلمى عرفة
الاربعاء 26 يونية 2024 | 05:11 مساءً

بينما يتصاعد الاهتمام بظاهرة التغير المناخي التي تهدد الأرض، كان على وسائل الإعلام البحث عن الطرق الأفضل التي يمكن من خلالها جذب الجمهور غير المتخصص، وزيادة وعيه بشأن الأخطار التي تُهدِّده، والجهود التي يُمكِنه بذلُها لمحاولة التصدي له.

في يوليو 2021، انطلقت مبادرة مدرسة المناخ لتصبح، خلال فترة قصيرة، من أهم المشروعات الإعلامية غير الربحية التي تسعى إلى دعم الصحفيين العاملين في مجال البيئة في العالم العربي.

"جرين بالعربي" حاورت الصحفية رحمة ضياء التي قررت تأسيس المبادرة بعد سنوات طويلة من العمل في مجال صحافة البيئة.

غياب روابط داعمة

تقول "ضياء" عن فكرة إطلاق المبادرة: "لاحظت غياب شبكة أو روابط تدعم الصحفيين العاملين في مجال التغير المناخي على مستوى المنطقة، رغم وجودها في أنحاء مختلفة من العالم، وهي التي تلعب دوراً هاماً في تقديم الدعم والتوجيه، ومشاركة الفرص من أجل تمكين الصحفيين من تغطية هذا الملف"، مضيفةً أن الاهتمام بصحافة المناخ قبل 3 سنوات لم يكن بدرجة الزخم التي نشهدها الآن.

وتستهدف المبادرة تدريب كلٍّ من الصحفيين العاملين في مجال البيئة والتغيرات المناخية، الراغبين في الانضمام إلى المجال للمرة الأولى، وتعمل على مزج قوالب مختلفة في التدريبات التي تقدمها؛ كي يتمكن المستفيدون من تقديم أشكال مختلفة من صحافة المناخ؛ مسموعة ومقروءة ومرئية، للوصول إلى شرائح مختلفة من الجمهور.

هناك جانب آخر تعمل عليه المبادرة، وهو توفير أدلة تدريبية باللغة العربية للصحفيين، وترجمة مواد من الإنجليزية إلى العربية.

الموقع الرسمي لمبادرة مدرسة المناخالموقع الرسمي لمبادرة مدرسة المناخ

تشير "ضياء" إلى أن المبادرة لاقت حماساً من الصحفيين من بلدان عربية مختلفة، علاوة على الصحفيين الذين تحمسوا لمشاركة خبراتهم بشكل تطوعي، علاوة على اهتمام العديد من المؤسسات بعقد شراكة مع المبادرة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.

أحد الإنجازات التي حققتها المبادرة هو الانضمام إلى برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة التابع لشبكة الصحفيين الدوليين، وهو برنامج مدته 10 أشهر، وساهم في تطويرها، واتخاذ المزيد من الخطوات، وفقاً لـ"ضياء".

وعلى مدى ما يقرب من 3 سنوات، وصل عدد المستفيدين من الجلسات المجانية التي قدمتها "مدرسة المناخ"، بالتعاون مع عدد كبير من الخبراء، إلى ألفَي صحفي ينتمون إلى أكثر من 20 دولة مختلفة، إضافة إلى الجلسات التدريبية التي نظمتها المبادرة في عدد من الجامعات.

تشير "ضياء" إلى أن جمع الصحفيين من بلدان مختلفة كان أحد أهداف مدرسة المناخ؛ من أجل تحقيق الدعم المتبادل، والتشبيك فيما يخص المعرفة، ومصادر المعلومات، وإثراء المناقشات.

تحديات عربية

هناك تحدٍّ تشير إليه مؤسسة المبادرة، وهو أن العمل على ملف التغير المناخي يحتاج إلى الإلمام بالجوانب العلمية المرتبطة بالظاهرة، وتأثيراتها المختلفة، وكيفية قراءة الأوراق البحثية لمناقشة العلماء في الحلول التي يقدمونها، ومن ثم تبسيطها وعرضها في سرد يصل إلى الجمهور ليتفاعل معه، دون أن يشعروا أنه موضوع نخبوي.

تلك التحديات عملت "مدرسة المناخ" على مواجهتها بطرق مبتكرة، كان آخرها عقد جلسة تدريبية للصحفيين تعتمد كاملةً على استخدام مجموعة من الألعاب التي صممتها "ضياء" لتوصيل المعلومات المتعلقة بصحافة المناخ بشكل تفاعلي، على أن تتكون كل لعبة من مجموعة من الأسئلة يجيب عنها الحضور.

وأشارت، في حديثها، إلى الحاجة إلى زيادة عدد المنصات المتخصصة بالمحتوى المتعلق بالتغيرات المناخية؛ لتوفير المزيد من الفرص أمام الصحفيين في المجال، وألا تكون التغطية مقتصرة على أقسام البيئة في الصحف، بل تغذي كافة الأقسام الأخرى؛ لأنها ظاهرة تتقاطع مع جميع المجالات.

هذا الأمر لمسته الصحفية الشابة، خلال مسيرتها المهنية؛ إذ تشير إلى أن الأنواع المختلفة من المحتوى التي عملت عليها أفادتها عندما بدأت العمل في مجال البيئة والتغيرات المناخية، وعزز قدرتها على إنتاج محتوى متنوع وإنساني يتضمن عناصر بصرية جذابة، وهي المهارات التي تعمل على نقلها إلى الصحفيين الآخرين من خلال المبادرة.

انطلاقة "ضياء" في عالم التحقيقات الاستقصائية البيئية بدأت بإنتاج تحقيق "شهيق أسود" في عام 2018، الذي تناول أخطار استخدام الفحم في مجال الصناعة، وتصفه الصحفية المصرية بـ"التحقيق الأقرب إلى قلبي".

وفي العام نفسه، فازت "ضياء" – بالتحقيق الذي تطلَّب العمل به السفر إلى عدة محافظات مصرية، واحتوى على عدد من القصص الإنسانية – بالمركز الأول في جوائز النادي الإعلامي للتميز الصحفي، وهو أحد المشروعات التابعة للمبادرة الدنماركية المصرية للحوار "ديدي".

التغير المناخي والنساء

عمل الإعلامية المصرية على المحتوى المتعلق بقضايا المرأة، لفترة طويلة، دفعها إلى التركيز على الزوايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي؛ إذ تقول: "تؤثر فيَّ بشدة قصصُ النساء، سواء المتضررات من التغير المناخي، أو اللاتي يتمكنَّ من إحداث فارق.. ودائماً ما تبهرني قدرتهنَّ على تنفيذ مبادرات رائدة، وأفكار مبتكرة ومختلفة".

إحدى القصص التي أنتجتها "ضياء" في عام 2022، ونشرها موقع "عرب لايت"، تحدثت خلالها عن مساهمة التغير المناخي في تسرب الفتيات من التعليم.

واستعرضت من خلالها قصة "دينا" التي انقطعت عن المدرسة قبل أن تكمل عامها العاشر، بعدما هاجرت عائلتها من القرية إلى إحدى المناطق الحضرية بمحافظة الجيزة المصرية من جراء التصحر والجفاف الذي اجتاح أرضهم الزراعية.