في اللهجة المصرية، يشير تعبير "السكة خضرا" إلى خلو الطريق أو الرحلة من أي عقبات، وأن الأمور تسير على ما يرام، لكن مجموعة من طلاب إحدى الجامعات استعانوا بذلك المثل ليُعبِّروا عن رغبتهم في نشر الوعي البيئي والعادات المستدامة، التي دائماً ما يُشَار إليها باللون الأخضر.
مجموعة من طلاب قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة المصرية أطلقوا حملةً لمشروع تخرُّجهم تحت شعار "السكة خضرا".
وحصلت الحملة على رعاية شرفية من عدة جهات حكومية مصرية، وشملت وزارة البيئة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ومبادرة "جامعات مستدامة" التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع جامعة القاهرة.
في حديثها إلى "جرين بالعربي"، تقول سلمى القاضي العضوة بفريق المشروع، إن الفكرة بدأت بالأساس من رغبتهم "في الحديث عن البيئة التي نعيش بها، والتغيرات التي طرأت عليها".
البيئة والإنسان
ما لاحظه الطلاب خلال مرحلة الاستعداد أن أفكار المشروعات البيئية التي جرى العمل عليها خلال السنوات الماضية ركزت على إنقاذ الحيوانات من الانقراض، وحماية الغابات، بينما تحدث عدد محدود منها عن تأثير الأمر على الإنسان، وهو ما ركزت عليه حملتهم.
"البودكاست" كان أحد القوالب الإعلامية التي اعتمد عليها الطلاب في حملتهم، وهو القالب الذي ترى "القاضي" أنه من الوسائل المؤثرة والمميزة للغاية، لتوصيل المعلومات للمتلقي، وله دور كبير في نشر الوعي البيئي، ويفوق – من وجهة نظرها – المحتوى المكتوب.
مصدر الصورة: الصفحة الرسمية للحملة
مؤتمرات الـ"COP" والوعي العربي
عضوة "السكة خضرا"، أشارت كذلك إلى نجاح مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي خلال مؤتمرَي COP27 وCOP 28 في تعزيز الوعي المناخي في المنطقة العربية بين الشباب، من خلال نقل مشاركاتهم الفعاليات عبر تلك المنصات، وهو ما أحدث فارقاً كبيراً، وفقاً لرأيها.
عادات صديقة للبيئة
الحملة ساهمت في تعزيز الوعي البيئي لدى الطالبة حول أضرار المواد غير المستدامة؛ إذ قالت: "كنت أعلم أن البلاستيك مادة مضرة وغير صديقة للبيئة، لكن من خلال العمل على الحملة، علمت أن المسألة أكبر من ذلك، وبدأت بالفعل أقلل استخدامه، وأستعين بحقيبة قماشية يُعاد استخدامها".
القضايا البيئية ليست رفاهية
في حديثها إلى "جرين بالعربي"، دعَّمت الدكتورة سارة فوزي المدرسة في كلية الإعلام جامعة القاهرة والمشرفة على الحملة، الاتجاه الحالي بتركيز مشروعات التخرج على القضايا البيئية؛ لأنها لم تعد قضايا "رفاهية"، مضيفةً أن رغبة طلاب كليات الإعلام في نشر هذه الثقافة البيئية، مسألة جيدة، بما في ذلك ما يتعلق بالممارسات اليومية في حياتهم.
"فوزي" أشارت إلى العلاقة بين العمل البيئي ومجال دراسة الإعلام؛ فهناك على سبيل المثال تقليل استديوهات الكليات، والتخلص من النفايات الإلكترونية، وتقليل الاستهلاك خلال صناعة الأفلام.
ما يميز حملة "السكة خضرا"، من وجهة نظر المشرفة على المشروع، الاعتماد على قوالب متنوعة للمحتوى؛ فالمشروع يشمل حملة تلفزيونية، وبودكاست جرى إطلاقه بالاسم نفسه، وحملات لمنصات التواصل، ومقاطع فيديوجراف، وموشن جراف؛ ما يجعلها حملة متكاملة.
المزايا لا تقتصر على تنوع شكل المحتوى فحسب، بل تمتد إلى طريقة الحصول على المعلومات كذلك؛ إذ تقول "فوزي" إن الطلاب اعتمدوا على المراجع والمصادر الموثوقة، خلال العمل على المشروع، كالتقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة، والدوريات العالمية مثل "نيتشر"، وليس مجرد الاعتماد على الأخبار الصحفية وحدها.
الإعلام البيئي.. في ميزان الأساتذة والطلاب
وعن مشكلات الإعلام البيئي في العالم العربي، أجابت "فوزي" أن هناك مشكلة تبدأ من كليات الإعلام التي تغيب عنها الدبلومات المتخصصة في هذا المجال، علاوةً على تعامل المؤسسات الإعلامية مع العاملين بالمجال باعتبارهم "مبتدئين".
هناك أزمة أخرى أشارت إليها مشرفة المشروع، وهي عدم مراعاة التخصصات الفرعية المختلفة عند التعامل مع المصادر العاملة في مجال البيئة، واعتبار أن الخبير البيئي يمكنه الحديث في كافة الأمور.
كما ترى ضرورة توسيع طرق استخدامات "البودكاست"، وعدم الاقتصار على استضافة الخبراء؛ لأن النسخ الأكثر رواجاً منه هي التي تعتمد على السرد القصصي، ومن ثم يمكن توصيل كم كبير من المعلومات إلى المتلقي إذا ما جرى توظيفه في قالب درامي جذاب.
أما سلمى القاضي طالبة الكلية، فترى أن أزمة الإعلام البيئي تكمن في التركيز على الطريقة الخبرية في مناقشة الظواهر البيئية، والحديث عن الكوارث الطبيعية والاحترار العالمي، دون التعمق في القضية، مؤكدةً أن تناول القضية بأسلوب تفسيري وتحليلي يربط الأزمة بالعادات البشرية، سيُحدِث فارقاً.