مسببات الأزمة العالمية للمناخ ليست خفية على أحد، والجميع يقع على عاتقه مسؤولية التفاعل لمواجهة هذه الظاهرة المهدِّدة للبيئة والإنسان، ولكن عندما نفكر كيف نأخذ خطوة للمواجهة بشكل فردي؟ لا نجد الإجابة المناسبة.. ربما الخطوة الأولى قد تكمن في الاستغناء عن شطيرة من الوجبات السريعة.
لا يدرك أغلب البشر أن عاداتهم اليومية وروتين حياتهم، يحوي أكبر من المسببات المعروفة للتغيرات المناخية، ومنها مطاعم الـ"junkfood" أو الوجبات السريعة التي تُعد من مسببات التغيرات المناخية.
الوجبات السريعة لذيذة ورخيصة ومتوافرة بكثرة، وهي الحل الغذائي الأكثر انتشاراً بين المراهقين والأطفال والشباب، وقد تصل إلى حد الإدمان، لكنها تُسمِّمنا بأكثر من صورة، وإن كان التفكير في تدميرها لصحة الإنسان ليس كافياً لوقفها، فيمكن أيضاً النظر إلى كونها مدمرة للبيئة ومسببة للتغيرات المناخية.
يجري قياس تأثير المناخ على الغذاء من حيث كثافة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويتم التعبير عن كثافة الانبعاثات بالكيلوجرامات من "مكافئ ثاني أكسيد الكربون"، التي لا تشمل ثاني أكسيد الكربون فقط، بل جميع غازات الدفيئة، لكل كيلوجرام من الطعام، أو لكل جرام من البروتين أو لكل سعر.
وبالحسابات، فإن اللحوم هي الأكثر تأثيراً على المناخ؛ حيث إن إنتاج اللحوم يحتاج أراضي عشبية واسعة، وهي الأراضي التي غالباً ما تنشأ عن طريق قطع الأشجار وإطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن في الغابات.
كما أن نفايات الماشية على المراعي، والأسمدة الكيماوية المستخدمة في المحاصيل لتغذية الماشية، ينبعث منها أكسيد النيتروز ، وهو غاز دفيئ قوي جداً.
نحو 37% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يصنعها الإنسان، تنتجها صناعة الأغذية، والمتهم الأكبر هو الوجبات السريعة.
إهدار الطاقة
من أكبر مسببات التلوث، مطاعم الوجبات السريعة؛ بسبب إهدار الطاقة المبالغ فيه؛ فمثلاً شواء أربع قطع من البرغر فقط في مطعم للوجبات السريعة، يطلق كمية المركبات العضوية المتطايرة من سيارة تسير لمسافة 1000 ميل.
وذلك بخلاف استهلاك المصابيح والمواقد والمقالي وغيرها من الأجهزة الإلكترونية والنقل؛ كل هذا يساعد في ارتفاع البصمة الكربونية.
نحو 37% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يصنعها الإنسان، تنتجها صناعة الأغذية، والمتهم الأكبر هو الوجبات السريعة.
وسائل التعبئة
تستهلك مطاعم الوجبات السريعة كميات كبيرة من الورق والبلاستيك وغيرهما بغرض التعبئة والتغليف.
تنتشر بعد ذلك نفايات التغليف، وتذهب إلى مدافن النفايات، ولا يحدث إعادة تدوير مناسبة للعبوات البلاستيكية، وهو ما يؤدي إلى المزيد من التلوث.
يجري امتصاص المواد الكيميائية الضارة من تعبئة الأطعمة غير المرغوب فيها في الأرض؛ ما يؤدي إلى تراكم بيولوجي، فتمتص النباتات هذه السموم الضارة، وهذا أمر كارثي.
أدى الطابع الأحمر إلى ابتعاد ربع عدد الأشخاص عنها تقريباً، مقارنةً بمن لم يروا التحذير، أما الطابع الأخضر فشجع عدداً أكبر من الناس على اختيار وجبات أكثر استدامةً.
تلوث وإهدار المياه
وجدت دراسة أن صناعة لتر واحد من المياه الغازية يستهلك نحو 4 لترات من المياه العذبة. لا تقف الكارثة عند ذلك؛ بل إن المطاعم تستخدم مواد تعبئة تحتوي على مادة الفلور PFAS الخطيرة، بحسب موقع environment.
وتشير الأبحاث إلى أن هذه المادة تسبب ضَعف الجهاز المناعي، والعديد من السرطانات، وتليف الكبد.
أجرى مجموعة من الباحثين الأمريكيين تجربة بلصق تحذيرات تغير المناخ في قائمة الوجبات السريعة، ووجدوا أنهم شجعوا الناس على اتخاذ خيارات غذائية أكثر استدامةً؛ وذلك عن طريق وضع طابع أحمر على الوجبات التي تحتوي على لحوم ومواد ضارة، وطابع أخضر على الوجبات الصديقة للبيئة، بحسب ما ذكرته صحيفة "ديلي ميل".
وأدى الطابع الأحمر إلى ابتعاد ربع عدد الأشخاص عنها تقريباً، مقارنةً بمن لم يروا التحذير. أما الطابع الأخضر فشجع عدداً أكبر من الناس على اختيار وجبات أكثر استدامةً.
الإقلاع عن تناول الوجبات السريعة يكاد يكون مستحيلاً، لكن تحضير وجباتك في المنزل، واختيار البدائل الصحية، يمكن أن يُحسِّن صحتك وبيئتك.