أكثر من ربع مساحة اليابسة على كوكب الأرض مغطاة بالجبال التي تتنوع في أطوالها وطبيعة صخورها، لكنها تجتمع كافة في أهميتها البيئية والمعيشية لأعداد كبيرة من البشر، كما تساهم دون أن نلاحظ في حماية أمننا الغذائي.
وخصصت الأمم المتحدة 11 ديسمبر من كل عام يوماً دولياً للجبال؛ لزيادة الوعي بأهمية النظم البيئية الجبلية التي باتت مهددة بفعل التغيرات المناخية، وما تبعها من اضطراب في معدلات تساقط الأمطار، وتوالي الطقس المتطرف.
شو دونيو المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، أشار خلال فعاليات مؤتمر "COP 28"، إلى أهمية تضافر جهود الأطراف المعنية من أجل مواجهة الأسباب الجذرية لتدهور المناطق الجبلية، التي يمثل صمودها أمراً أساسياً في تحول الأنظمة الغذائية والزراعية، وفي عمليات التخفيف من أضرار التغيرات المناخية، والتكيف مع الظاهرة، حسبما نقل الموقع الرسمي للمنظمة.
الجبال والأمن الغذائي
الأكثر قراءة
ويعيش أكثر من مليار شخص – أي نحو 15% من سكان العالم – في مناطق جبلية، ويعتمد كثير منهم على الزراعة والرعي، كما أن ما يزيد عن 25% من المحاصيل – أي 80% من الطعام الذي يستهلكه البشر – تزرع في المناطق الجبلية بإجمالي 20 محصولاً؛ أبرزها الطماطم والذرة والشعير والتفاح.
وتتضاعف معاناة سكان المناطق الجبلية في الدول النامية؛ فهناك 311 مليون شخص من سكان المناطق الريفية الجبلية في هذه المناطق يعيشون في مناطق معرضة لتدهور الأراضي، وما يقرب من 180 مليون شخص مهددون بنقص الطعام وانعدام الأمن الغذائي، بحسب إحصائيات "الفاو".
جبال العالم العربي
هذه الصورة العالمية تتكرر كذلك في العالم العربي؛ ففي الجزائر على سبيل المثال يعيش 3.5 ملايين شخص في مناطق ريفية جبلية، قرابة 65 ألفاً منهم يعملون في الأنشطة الزراعية، بحسب موقع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الجزائرية.
ويغلب الطابع الزراعي الرعوي على نشاط العاملين، لكن تتنوع التحديات التي تواجههم بين محدودية المهارات بسبب التركيز على نظام الزراعة الأسرية، علاوة على زيادة الضغط على الموارد المتاحة، والإفراط في استغلالها.
وفي منطقة إيميدر التابعة لمنطقة جبال الأطلس بالمغرب، أدت زيادة الأنشطة البشرية، والجفاف الناتج عن التغيرات المناخية إلى تلف المحاصيل، وهو ما أوضحه محمد بومنير لموقع "Climate Change News"؛ حيث أدت تلك العوامل إلى قطع 80% من المياه عن مزرعة العائلة التي اعتاد زراعتها بمحاصيل مختلفة كالفجل، والتين، والزيتون؛ ما دفعه إلى التخلي عن نظام الري التقليدي "الخطارة" الذي يعود تاريخه إلى قرون طويلة، وترتبط فيه القنوات المائية بالآبار، وتركيب مضخات للمياه.
مبادرات عربية
على الجانب الآخر، فإن دعم الزراعة المستدامة في المناطق الجبلية يمكن من خلاله تعزيز الأمن الغذائي، علاوة على توفير النباتات المهددة في بيئاتها التقليدية، ومن بينها نبات البن.
في المملكة العربية السعودية، نجحت هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان، في اكتشاف سلالات جديدة من البن السعودي، وتوزيع ما يزيد عن مليون شتلة بن على العاملين في القطاع الزراعي، ليصل عدد أشجار البن في المحافظات الجبلية بالمملكة إلى ما يقرب من 385 ألف شجرة، بحسب الموقع الرسمي للهيئة.
وبعيداً عن الزراعة التقليدية، أطلقت الهيئة مبادرة إكثار المحاصيل الزراعية من خلال زراعة الأنسجة النباتية، وتهدف إلى إنتاج نسخ مماثلة من النباتات ذات السمات المرغوبة، والخالية من الآفات، عبر زراعتها في أوعية زجاجية، والتحكم في الظروف التي تتعرض لها.