تغير المناخ يُحوِّل العسل إلى علقم في سوريا


إسراء محمد
الاثنين 23 أكتوبر 2023 | 08:51 مساءً
معاناة النحالون السوريون
معاناة النحالون السوريون

يعاني مربو النحل في سوريا من تأثيرات تغير المناخ؛ حيث يُضعف الجفاف وندرة المياه قدرة النحل على النجاة من هذه الظروف؛ ما يجعلها عاجزةً عن إنتاج العسل.

وتُساهِم موجات الجفاف وشُح المياه، إضافةً إلى العمليات العسكرية والتوترات السياسية، في تدهور مستويات المعيشة للسوريين، ومنهم العاملون في مجال تربية النحل، الذين باتت ظروف الطقس تمنعهم من مباشرة أعمالهم.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدل هطول الأمطار في سوريا إلى خسائر عدة في إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، بالتزامن مع انخفاض غير مسبوق في مستويات المياه في نهر الفرات.

ووفق موقع "Relief Web"، أدى الانخفاض القياسي في مستويات المياه في الخزانات إلى انخفاض القدرة على إنتاج الطاقة؛ ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بجميع أنحاء شمال شرق سوريا؛ ما أثر على أكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال 2020-2021.

رعاية الخلايا

ويكافح إبراهيم دميرية الذي يعمل في تربية النحل ويبلغ من العمر 62 عاماً، لإنتاج العسل في أرض جافة بالقرب من العاصمة دمشق؛ وذلك بعد سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي وتفاقم آثار تغير المناخ.

وقال دميرية في تصريح لموقع "فرانس 24"، أثناء فحص مخزون العسل الضئيل داخل خلايا النحل: "لقد استنزفت الحرب بلادنا، وبالكاد تمكنَّا من الاستمرار في تربية النحل، ثم أدى تطرُّف الطقس إلى تدهور الأمور".

قبل اندلاع الصراع السوري في عام 2011، كان دميرية يملك 110 خلايا نحل في قرية رنكوس (قريبة من دمشق)، التي حظيت بشهرة واسعة في إنتاج العسل وبساتين التفاح، لكن آثار النزاع والاحتباس الحراري ألحقت بها أضراراً شديدة.

وأدى الجفاف الشديد والأزمة الاقتصادية الطاحنة إلى تراجع عدد الخلايا التي يملكها دميرية إلى 40 خلية، وباتت الأراضي التي تحيط بها شبه قاحلة؛ ما تسبب في تدهور الإنتاج.

ورغم أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تبرعت بخلايا نحل لمساعدة المربين في سوريا، فإن دميرية لم يستطع تحمل تكاليف رعاية خلايا النحل، قائلاً: "إذا استمرت المعاناة من تغير المناخ وارتفاع الأسعار، فقد أضطر إلى التخلي عن مهنتي".

العسل المر

بدوره أشار إياد دعبول رئيس اتحاد النحالين العرب (غير حكومي، مقره دمشق) إلى أن سوريا كانت موطناً لـ635 ألف خلية نحل قبل الحرب، لكن أعدادها تضاءلت إلى نحو 150 ألفاً في ذروة الصراع في عام 2016.

وأوضح دعبول أنه رغم أن هذا العدد ارتفع مجدداً إلى 400 ألف خلية نحل، فإن إنتاج الخلايا يقتصر على 1500 طن فقط من العسل سنوياً، بينما انخفض عدد مربي النحل من 32 ألفاً قبل الحرب إلى نحو 18 ألفاً فحسب.

وأضاف: "لقد أثرت الظروف الجوية القاسية بشكل كبير على النحل، خاصةً خلال فصل الربيع، وهو الوقت الأكثر أهميةً في دورة حياته"؛ حيث لم يكن الجفاف هو المهدد الوحيد بنفوق أو انقراض النحل، بل حرائق الغابات أصبحت تمثل تهديداً آخر.

ودمرت حرائق الغابات في سوريا أكثر من 1000 خلية نحل في الجبال الساحلية، وحرمت النحل من مساحات واسعة من المناطق التي يبحث فيها عن الغذاء، وفق تقديرات رئيس اتحاد النحالين العرب.

الزراعة في خطر

وأثر ارتفاع درجات الحرارة والتصحر على المساحات الخضراء في سوريا؛ ما أدى إلى تدمير العديد من النباتات التي يتغذى النحل على أزهارها؛ ما تسبب في الضغط على قطاع الزراعة الذي كان مزدهراً في الماضي.

والمزارع الخمسيني زياد رنكوسي، كان يرعى أكثر من 1000 شجرة في أرضه، لكن ما بقي منها يقتصر على 400 شجرة فقط، بعدما جفَّت البقية بفعل ارتفاع درجات الحرارة.

وبساتين التفاح التي يملكها المزارع السوري رنكوسي تضرَّرت أيضاً بشكل كبير؛ بسبب القطع غير القانوني للأشجار؛ إذ يقطعها البعض خلال فصل الشتاء من أجل استخدامها في التدفئة خلال فترات نقص الوقود، قائلاً: "عندما تختفي الأشجار والزهور، لا يستطيع النحل أن يتغذَّى، فإما أن يهاجر أو يموت".

ومن جانبها قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق سهير زقوت، إن "الإنتاج الزراعي في سوريا انخفض بنحو 50% خلال السنوات العشر الماضية بسبب الحرب وتغير المناخ".

وأشارت زقوت، في تصريح لوكالة فرانس برس، إلى افتقار سوريا إلى موارد مالية مخصصة لمعالجة القضايا البيئية، رغم أنها إحدى الدول الأكثر تضرراً من ظاهرة الاحتباس الحراري بالعالم.