الاحتباس الحراري يتسلل إلى المطابخ ويهدد عرش المخبوزات والمعجنات


فيروز ياسر
الخميس 19 أكتوبر 2023 | 01:57 صباحاً

برائحتها النفَّاذة، تحتل المخبوزات مكاناً مميزاً في المطبخ العالمي، لكن تغير المناخ لم يترك مجال الخبز وشأنه، بل بات مهدداً لنشاط ربَّات البيوت وملايين فرص العمل حول العالم.

ولا تُمثِّل حرارة الأفران الجزء الأهم من عملية إعداد المخبوزات، بل هناك تحديات أخرى تتعلق بحرارة البيئة المحيطة، وتأثيرها على المكونات والمنتج النهائي.

وتمتد آثار تغير المناخ إلى المنتجات التي يستخدمها الخبَّازون، مثل القمح وصناعة الدقيق؛ إذ يعاني هذا المحصول من أزماتٍ نتيجةَ التلف في مواسم الجفاف الناتجة عن الحرارة الشديدة، التي بلغت مستويات غير مسبوقة في صيف 2023 الأكثر سخونةً، مثلما وصفته وكالة ناسا.

وتوقَّع تقرير لمبادرة Wheat Initiative، التي تجمع مجموعة من الكيانات العاملة في أبحاث القمح، تأثُّر 60% من مناطق زراعة القمح في العالم بندرة المياه الشديدة في نهاية القرن الـ21، ومن المتوقع أن ينخفض المحصول بنسبة 7% مقابل كل درجة مئوية تزيدها درجات الحرارة.

وتعاني المناطق التي ينمو بها 50% من القمح من الإجهاد الحراري، إضافةً إلى ظهور تقلبات في إنتاج المحصول في عدة أعوام بسبب التقلبات الشديدة في درجات الحرارة وهطول الأمطار.

هدر المنتجات

وبخلاف محصول القمح، هناك خطوات إضافية يحتاجها الخبَّازون للتكيف مع التغيرات المناخية ونجاح صناعة المعجنات والمخبوزات، إضافة إلى تسخين الدقيق في صوامع كبيرة بالشتاء، وتبريده بالمراوح في الصيف قبل استخدامه باعتبار ذلك خطوةً وقائيةً لموازنة درجة الحرارة.

ويعتمد نجاح أو فشل المخبوزات على نسبة الرطوبة في الهواء، وفق ما ذكره موقع KIII؛ لأن الهواء الدافئ يحمل رطوبةً أكثر من الهواء البارد.

غالباً ما يواجه الخبازون بعض العوائق في الأيام الحارة والممطرة، مثل تفتت العجين، وصعوبة التحكم في قوامه؛ وذلك لأن المكونات، مثل الدقيق والسكر، تمتص الرطوبة من الهواء المحيط.

ووفق رأي كارين بورنارث مديرة رابطة خبَّازي الخبز الأمريكية، الذي نشره موقع Eater، فإن من الصعب تحضير مخبوزات ناجحة في بيئة شديدة الحرارة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى هدر المنتجات، وكلما أصبحت العجينة دافئة ازدادت درجة لزوجتها، ويصعب التعامل معها لتشكيلها. وتُسبِّب الحرارة مقاومةً في العجين فتظهر فقاعات غازية تتحول إلى ثقوب كبيرة.

وتتحكم الخميرة في نكهة وملمس المخبوزات؛ إذ تساعد على رفع العجين. ومن المفترض أن تنمو الخميرة بشكل أفضل في درجات حرارة تتراوح بين 27 و32 درجة مئوية، لكن ارتفاع درجة حرارة المطبخ بفعل الاحتباس الحراري يؤثر على عملية التخمير بالسلب.

ولا يمكن التحكم في الحرارة سواء في المطابخ المنزلية أو المخابز. ويؤدي ارتفاع الحرارة إلى انتفاخ العجين بسرعة أكبر من اللازم، لينتهي الأمر بظهور نكهات غريبة وهبوط المعجنات.

كما يُعَد الحفاظ على درجة حرارة الزبد المستخدم في المخبوزات عاملاً مهماً في صناعتها؛ حيث تتطلب بعض الأنواع زبداً بارداً، لكن ارتفاع درجة الحرارة يعمل على ذوبانها؛ ما يؤثر على عملية تشكيل العجين ومنع ارتفاعه في الفرن.

الطهي غير النظيف

ورغم التأثير السلبي للاحتباس الحراري على الطهي وعملية الخبز، فإن المواقد متورطة كذلك في تلويث البيئة؛ لأن ما يقرب من 2.6 مليار شخص حول العالم يستخدمون الكيروسين أو الوقود الصلب، كالفحم والخشب، للطهي على المواقد التقليدية التي تلوث الهواء، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.

وبحسب موقع Equal Times لا يتمكن سوى 17% من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من الوصول إلى البدائل النظيفة، مقارنةً بـ63% في وسط وجنوب شرق آسيا و97% في أوروبا وباقي الدول الإفريقية.

ويُعتبَر غاز الميثان مساهماً بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري. ووجدت دراسة نشرتها مجلة ACS Publications أن انبعاثات الميثان السنوية الناتجة عن مواقد الغاز في المنازل الأمريكية تُعادِل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية الصادرة عن 500 ألف سيارة؛ ما يجعلها تمثل مشكلة بيئية ومناخية.

ويحتاج الطهاة حالياً إلى مواقد تستخدم الوقود النظيف للتكيف مع الاحتباس الحراري، والسيطرة على مكونات الوصفات، وإيجاد بدائل في حالة حدوث أزمة في إحداها، كالدقيق على سبيل المثال.