تتعدد فوائد الرضاعة الطبيعية لتصل إلى حد تعزيز القدرة على التكيف مع آثار التغيرات المناخية؛ حيث تصبح من النظم الغذائية المستدامة المقاوِمة للجوع.
ويُعَد الإرضاع من الثدي أفضل السبل لتزويد الأطفال الصغار بالمغذيات؛ ولذلك أوصت منظمة الصحة العالمية ببدء الرضاعة المقتصرة على الثدي بعد ساعة واحدة من الولادة حتى يكمل الرضيع ستة أشهر من عمره.
وتتأثر الرضاعة الطبيعية بالظواهر المناخية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات؛ إذ تعاني بعض الأسر الفقيرة من نقص الغذاء والمياه النظيفة؛ ما يؤثر على صحة الأمهات والأطفال الرضَّع.
وفي الآونة الأخيرة، تم تحديد كمية البصمة الكربونية الكبيرة الخاصة ببدائل الحليب البشري (Karlsson et al., 2019)، ودور الرضاعة الطبيعية في القدرة على التكيف مع المناخ.
ومن أهم مميزات الرضاعة الطبيعية أنها صديقة للبيئة؛ نظراً إلى أن حليب الأم لا يتطلب أيَّ تعبئة أو شحن أو التخلص منه، كما أن له بصمة مائية ضئيلة، ولا يسبب التلوث أو يهدر الموارد النادرة، كما أنه مورد غذائي مجاني وآمن ومناسب بشكل فريد للأطفال الرضع؛ ما يساعد على تقليل التأثير البيئي.
كما أن السكان الذين يرضعون طبيعياً أكثر قدرةً على الصمود في حالات الطوارئ، ولا يوجد سلوك صحي آخر له مثل هذا التأثير الواسع النطاق والطويل الأمد على الصحة العامة.
وهناك عدد من الدراسات التي تبحث في تأثير التغيرات المناخية على الرضاعة الطبيعية، تشير إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤثر على الرضاعة الطبيعية من خلال مجموعة متنوعة من القنوات، بما في ذلك:
انخفاض إنتاجية المحاصيل: يؤدي تراجع إنتاجية المحاصيل إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومن ثم صعوبة حصول الأمهات على التغذية الكافية للحفاظ على إنتاج الحليب لأطفالهن الرضَّع.
زيادة مخاطر الكوارث الطبيعية: تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والجفاف، إلى فقدان الممتلكات والموارد؛ ما يجعل من الصعب على الأمهات الاستمرار في إرضاع أطفالهن.
تغير الظروف المعيشية: قد يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر أو زيادة درجات الحرارة – على سبيل المثال – إلى صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، ومنها المياه والكهرباء؛ ما يساهم في مضاعفة الصعوبات على الأمهات المُرضِعات.
في المناطق التي تعاني من الجفاف تجد الأمهات المُرضِعات صعوبة في الوصول إلى المياه النظيفة، التي تعتبر ضرورية لصنع حليب الثدي.
في المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة، تعاني الأمهات المُرضِعات من زيادة التعرق والجفاف؛ ما قد يؤثر على إنتاج الحليب.
بوجه عام، وجدت الدراسات أن تغير المناخ يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على الرضاعة الطبيعية؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض معدلاتها؛ ما يضاعف من احتمالات وجود عواقب صحية سلبية على الأطفال والنساء.
ويساعد دعم وتعزيز الرضاعة الطبيعية على حماية صحة الكوكب والإنسان من خلال تقليل الأضرار البيئية، ومن ثم يساعد على تحويل النظم الغذائية الفاشلة إلى أنظمة غذائية صحية ومستدامة.
كما يُعَد الحصول على الأطعمة والمشروبات الصحية بأسعار معقولة قبل الحمل وأثناءه؛ هاماً جداً للمُرضِعات، ومن المهم أيضاً دعم الرضاعة الطبيعية خلال حالات الطوارئ الإنسانية المرتبطة بتغير المناخ، وكذلك خلال الظروف العادية.
وتشير التقديرات الأممية إلى أن الأطفال الذين يحصلون على الرضاعة المقتصرة على الثدي، يتمتعون بمقاومة أفضل لأمراض الطفولة، مثل أمراض الإسهال، والعدوى التنفسية والتهابات الأذن.
وعندما يكبر هؤلاء الأطفال يكونون أقل عرضةً للإصابة بفرط الوزن أو السمنة، أو الأمراض غير السارية، مثل السكري، وأمراض القلب، والجلطات.
كما أن الرضاعة المقتصرة على الثدي تُقوِّي الوشائج بين الأمهات وأطفالهنَّ، وتعزز الصحة النفسية.