"الحياة الليبية".. خطى تطوعية على درب مواجهة آثار التغيرات المناخية


فيروز ياسر
الاثنين 04 سبتمبر 2023 | 04:23 مساءً

ببصمة لا تخفى على أحد، تركت التغيرات المناخية آثارها على دولة ليبيا بشمال إفريقيا، بدءًا من ندرة مياه الأمطار والجفاف، وصولًا إلى العواصف والفيضانات، كما باتت العديد من الحيوانات البرية أسيرة لظاهرة جرف الرمال.

وقبل نحو 18 عاما، تأسست منظمة الحياة التطوعية لحماية الكائنات البرية والبحرية (غير حكومية) لمواجهة الكوارث البيئية وإنقاذ الكائنات المهددة بالانقراض ومحاربة جرف الرمال.

وتوسع نشاط المنظمة البيئية، حيث تم افتتاح 3 فروع لها في مدن ليبية، بعضوية تضم 650 عضواً، بهدف تعزيز الوعي البيئي، وتقديم الإرشادات للحفاظ على الكائنات البرية والبحرية، إلى جانب إعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض، وبناء المحميات ومكافحة التصحر وإعادة التشجير.

جرف الرمال

بدوره أشار صالح بورزيقة، المدير العام للمنظمة، لـ"جرين بالعربي" إلى عدم وجود دراسات فعلية عن الأوضاع البيئية في ليبيا، إضافة إلى انخفاض الوعي البيئي لدى المواطنين، وانعدام التنسيق بين الوزارات المعنية، وتضارب الخطط المستقبلية لإدارة موارد الدولة، قائلا: "نكاد نكون المنظمة الوحيدة الخاصة بالبيئة التي تعمل فعلياً بكافة أنحاء ليبيا".

ويعد جرف رمال البحر من بين الظواهر الكارثية التي تشهدها ليبيا منذ سنوات طويلة، لكن انعدام الرقابة بسبب الاضطرابات السياسية ساهم في تفاقم الأوضاع.

وأوضح بورزيقة أن البناء العشوائي وأوضاع الدولة منذ ثورة 2011، وبيع الرمال لاستخدامها في البناء، وإنشاء مصايف غير قانونية من أسباب تفاقم ظاهرة الجرف، حيث تخوض الكائنات البحرية حربا شرسة ضدها، وتظل السلاحف البحرية أكثر الأنواع تضرراً جراء تدمير أماكن تعشيشها.

ولفت إلى خطورة الممارسات البشرية التي تشمل سكب الزيوت في أماكن الجرف وتسريبها إلى مياه البحر، ما أدى إلى نفوق العديد من الكائنات.

تعشيش السلاحف

ويؤدي جرف الرمال بمحاذاة خط المياه إلى سرعة التعرية وتدمير المجتمعات النباتية والحيوانية القاطنة بالمنطقة الشرقية في ليبيا، ومع تقدم خط المياه إلى الأمام يزداد عمق الجرف، ما يؤدي إلى غرق الكائنات البحرية في الأعماق الضحلة، والتي عادة ما تكون صغار الأسماك والقشريات والنباتات المتأقلمة مع البيئات الشاطئية؛ وبالتالي يحدث خلل بالنظام البيئي البحري.

من جانبه أوضح عبد الله رافع بوذهب، رئيس اللجنة العلمية لمنظمة الحياة الليبية، رصد أماكن تعشيش السلاحف بالشواطئ، وإعداد قاعدة بيانات وطنية بالتعاون مع وزارة البيئة لحماية السلاحف البحرية.

وتعاونت المنظمة مع المؤسسات الحكومية لإنقاذ العديد من الشواطئ مثل وادي الهمسة، ووادي الخبطة، وشاطيء إدليس، ومحمية عين الغزالة ورأس الهلال، وتمكنت من تحجيم الظاهرة نسبيا بين عامي 2020 و2021.

واتفق كل من بورزيقة وعبد الله، على أهمية نشر التوعية البيئية والتعريف بمخاطر الانتهاكات عن طريق إقامة ورش عمل وندوات ودورات تدريبية لاستهداف السكان المحليين، إضافة إلى تنظيم رحلات إلى الشواطيء للتنظيف ورصد أماكن تعشيش السلاحف، وتفعيل دور الجهات المعنية لإيقاف المشكلة.

فعاليات هادفة

في عام 2014، أطلقت المنظمة المهرجان الأول لإطلاق الطيور الجارحة في الطبيعة وإقناع الصيادين بإعادة إطلاقها للتكاثر ومحاربة الصيد الجائر، وعلى مدى 9 سنوات نجحت في زيادة أعداد الصقور بالفعل.

كما وزعت المنظمة في عام 2022 صناديق نحل العسل على السكان المحليين العاملين بالتحطيب والتفحيم، ومنحهم دورات لتربية النحل، والحصول على دخل من العسل بدلاً من عمليات التحطيب وتدمير الغابات، لكن عدد الصناديق التي جرى توزيعها هذا العام اقتصر على 40 صندوقا فحسب بسبب تراجع إمكانيات المنظمة.

وشملت جهود المنظمة، إنشاء قاعدة بيانات للحيوانات والطيور المهددة بالانقراض من خلال التوجه إلى الجنوب الليبي، وتسجيل أنواع الحيوانات والطيور، وقدر مدير المنظمة نسبة المعلومات التي جرى جمعها عن الحيوانات بأنحاء الدولة بنحو 50 بالمئة، في الوقت الذي يستعينون بعدد قليل من طلاب الجامعات، وأعضاء هيئة تدريس للتعاون في إنشاء قاعدة البيانات.

وتخطط منظمة الحياة الليبية في الفترة المقبلة لإنشاء مبنى لإدارة محمية وادي الناقة بليبيا، إضافة إلى بناء مركز لتأهيل السكان المحليين وتنظيم دورات للتوعية البيئية، وإعادة تشجير المناطق لوقف زحف الكثبان الرملية.

ولا تزال الجهود مستمرة في إيقاف جرف الرمال، إلى جانب إعادة توطين الحيوانات المهددة بالانقراض مثل طائر الحباري وحيوان الغزال الودان النادر.