حتى الهواء لا ينفع بل يزيد معاناتك من الحرارة .. أهلا بك في شهر يوليو الأكثر سخونة في عام 2023، الشمس تبدو عمودية على رأسك والحرارة تتسلل لك في الخلاء والظل.
نعيش أكثر شهور كوكب الأرض سخونة على الإطلاق، والسبب الرئيسي وراء ذلك الاحتباس الحراري الذي بدأت نتائجه في الظهور خلال هذه الأيام.
ربما تعتقد أن الأمر سيستمر لمدة يوم أو يومين وتعود بعدهما للاستمتاع مرة أخرى بفصل الصيف والتواجد على البحر، ولكن وفقاً لما أوضحه علماء فإن جميع المؤشرات تفيد بأن درجات الحرارة في شهر يوليو لن تنخفض على الإطلاق، ويمكن تصنيفه بأنه الأكثر حرارة ربما خلال أكثر من 100,000 عام، نقلاً عن "Washingtonpost".
شهر يوليو الحراري
قال علماء المناخ إن كل يوم في هذا الشهر سجل أرقاماً قياسية لمتوسط درجات الحرارة السنوية العالمية، وبالفعل كان أول 17 يوماً في يوليو أكثر سخونة من أي يوم آخر خلال أكثر من 40 عاماً وفقاً للملاحظات العالمية.
بعد مرور ثلاثة أسابيع لا توجد أي تغييرات، فما زالت تسجل درجات الحرارة أعلى معدلاتها ولا توجد أي مؤشرات على الانخفاض، وذلك وفقاً لتصريحات العلماء التي تُطلق بشكل شهري فيما يتعلق بالمناخ.
وبالنسبة لدول العالم وتأثرها بدرجة الحرارة، لوحظ ارتفاع غير مسبوق بداية من أريزونا الأمريكية إلى الصين، كما أن هناك اندلاع مستمر لحرائق الغابات غير المسبوق في كندا، ودمرت الفيضانات فيرمونت وشمال الهند وكوريا الجنوبية، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الهواء الدافئ احتفظ بمعدلات عالية من الرطوبة؛ ما ينتج عنه كوارث طبيعية مثل التي نشهدها الآن.
يوليو سيحقق رقماً قياسياً باعتباره "أحر يوليو" والأكثر دفئاً منذ أن بدأت سجلات درجات الحرارة العالمية في منتصف القرن التاسع عشر.
نقطة تحول حرارية
"ناثان لينسن" باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كولورادو- ركز على بيانات درجات الحرارة التاريخية، وأكد قائلاً:"بدأنا حقاً في رؤية ظهور التغيرات المناخية، فهناك العديد من أنواع الطقس والمناخ المتطرفة خلال ستة أشهر".
ربما من السابق لأوانه إجراء السجلات الرسمية، لكن جميع البيانات الأولية تشير إلى أن هذا الشهر يمثل نقطة تحول في العالم.
وقال "زيكي هاوسفاذر" -عالم المناخ في" بيركلي إيرث" وشركة "سترايب" للتكنولوجيان إن بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي التي تم التقاطها يومياً وعرضها في الرسوم البيانية المشتركة على نطاق واسع من محلل المناخ بجامعة "مين" جرى التحقق منها بشكل كبير، من خلال عمليات تحليلية بما في ذلك تحليل من خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ في أوروبا والذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر.
وأكد "زيكي" أن يوليو سيحقق رقماً قياسياً باعتباره "أحر يوليو" والأكثر دفئاً منذ أن بدأت سجلات درجات الحرارة العالمية في منتصف القرن التاسع عشر.
نصف الكرة الشمالي
شهر يوليو- ذروة صيف نصف الكرة الشمالي- هو أكثر شهور الكوكب حرارة في أي عام؛ لأن نصف الكرة الشمالي يحتوي على مساحة من الأرض أكثر من نصف الكرة الجنوبي، كما ترتفع درجة حرارة الأرض أسرع من المحيطات، وهذا يعني أن درجات الحرارة في نصف الكرة الشمالي لها تأثير كبير.
ونوه مايكل مان، عالم المناخ في جامعة بنسلفانيا، نوه إلى أنه سيكون هناك تحسن خلال الأيام الأخيرة من الشهر؛ لتعويض الدفء والحرارة التي كانت واضحة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأكد أن الاحتباس الحديث يعد من الظواهر غير المسبوقة منذ 2000 عام على الأقل، ولكن في نفس الوقت لا يُتوقع حدوث هذا الأمر؛ لوجود ظاهرة "النينو" التي بدأت الشهر الماضي، والتي من المعروف أنها تزيد من درجة حرارة الكوكب؛ إذ يتم احتباس الحرارة داخل برك المحيط الهادئ على طول خط الاستواء؛ ما يؤدي إلى تغيرات في أنماط الطقس حول العالم ويصاحبها مزيد من الحرارة والرطوبة بالغلاف الجوي.
وفي فصليّ الربيع والصيف، لم يقتصر الدفء على المحيط الهادئ، بل لاحظ علماء المناخ وجود ارتفاع قياسي بالدفء في شمال المحيط الأطلسي والعديد من المناطق الأخرى؛ لذا تعد الحرارة العالمية هي الدافع وراء الطقس المتطرف.
وعند النظر إلى درجة حرارة الدول، وصلت درجات الحرارة إلى 109 درجات في روما، وسجلت 126 درجة في الصين في الأيام الأخيرة، كما بلغ متوسط درجة الحرارة في مطار "فينكس سكاي هاربر" الدولي 108 درجات يوم الأربعاء، بزيادة 1.5 درجة عن الرقم القياسي المسجل عام 1990، وبالنسبة للدول العربية فهي تعاني أيضاً من ارتفاع مستمر، إذ سجلت درجة الحرارة في دبي 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت) يومياً، نقلاً عن "Voanews".
ويعتقد الخبراء أن آخر مرة كان من الممكن فيها حدوث مثل هذه الظواهر المتطرفة كانت منذ حوالي 6500 عام.
الفيضانات المفاجئة إحدى النتائج
وتصاعدت الفيضانات المفاجئة، التي يقول العلماء أن الاحترار العالمي يزيد من احتمالية حدوثها؛ لذا شهدت الولايات المتحدة 11 حالة طوارئ جراء الفيضانات.
وفي الأيام الـ 11 الماضية، سقطت أكبر كمية من الأمطار لوحظت على الإطلاق في ولاية كنتاكي الأمريكية، وذلك بالرغم من احتمال حدوث منخفض لا يتعدى 0.1% فقط، استنادًا إلى سجلات هطول الأمطار التاريخية.
ويعتقد الخبراء أن آخر مرة كان من الممكن فيها حدوث مثل هذه الظواهر المتطرفة كانت منذ حوالي 6500 عام.
ويقول العلماء إن خلال تلك المرحلة كان متوسط درجات الحرارة ما بين 0.2 درجة مئوية ودرجة واحدة مئوية (0.36 إلى 1.8 درجة فهرنهايت) أكثر دفئاً مما كانت عليه في الفترة من 1850 إلى 1900، ولكن في الشهر الماضي، بلغ متوسط درجات الحرارة العالمية 1.36 درجة مئوية (2.4 درجة فهرنهايت) ويعد ذلك فوق مقياس ما قبل الصناعة.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، قال "جافين شميدت" -مدير معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا- أن استمرار ظاهرة النينو يعني على الأرجح أن عام 2024 سيكون أكثر دفئاً من هذا العام.