بوليمر اللجنين.. هل تنجح "البطارية الخشبية" في دعم السيارات الكهربائية؟


فيروز ياسر
الاربعاء 15 مارس 2023 | 07:18 مساءً

يبذل المهتمون بالبيئة ومكافحة التغير المناخي جمّ جهودهم للخروج بحلول مبتكرة توقف نزيف الطبيعة نتيجة لتداعيات أزمة المناخ العالمية، وبرز من بين تلك الحلول البطاريات الكهربائية المعتمدة على "بوليمر اللجنين" النباتي.

مع هذا الابتكار الثوري يمكننا القول إننا أمام مصدر طاقة يمكن تسميته مجازيا بـ"البطارية الخشبية"، إذ تعتمد بشكل أساسي في عملها على بوليمر اللجنين وهو مادة صمغية متوفرة بكثرة في الأشجار.

الخطوة الثورية تأتي ضمن جهود العلماء في البحث عن مصادر خالية من أي مواد مُضرة للبيئة من أجل صنع بطاريات مستدامة للسيارات وتوصلوا إلى "اللجنين"، بوليمر نباتي متوفر بكثرة في الطبيعة.

ما هو اللجنين؟

يعتبر "اللجنين" ثاني أكثر البوليمرات الحيوية وفرة في الأشجار بعد "السيليلوز"، ونسبته تصل إلى 30%، ووظيفته تقوية وتدعيم الخشب في الأشجار حيث يعمل كـ"غراء" يدعم تماسكها.

تنتج صناعة الورق أكثر من 50 مليون طن من اللجنين في جميع أنحاء العالم كمنتج ثانوي؛ إذ يعتبر ذو قيمة ومصدر رئيسي للطاقة الحيوية، وعند استغلاله بطرق مبتكرة فإن له مستقبل واعد في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

دراسات علمية تدعم الكتلة الحيوية في توليد الطاقة

مجموعة من الباحثين التابعين لجامعة "أوكاياما" اليابانية طوروا طريقة ضغط ميكانيكية للحصول على فوائد الكتلة الحيوية بالأشجار والنباتات واستخدامها في الوقود البديل والطاقة النظيفة.

يجب أن تحصل عملية تجفيف سريعة واقتصادية وموفرة للطاقة للكتلة الحيوية المحتوية على 50% رطوبة، وبعد الضغط الميكانيكي يتم تحديد مستويات "اللجنين" الذي خرج كمنتج ثانوي من عملية الضغط، وذلك حسبما ذكر موقع " Biofuels Digest".

د. يوتا نيشينا من مركز الأبحاث للعلوم متعددة التخصصات في جامعة أوكاياما، قال إن "اللجنين" غير قابل للذوبان في الماء ويختلف عن المستخرج كيميائيًا والذي تم الحصول عليه بهذه الطريقة يمكن استغلاله في مجالات الطب ومستحضرات التجميل وتربية الماشية أما مادة "اللجنين" القابلة للذوبان في الماء ذات المحتوى العالي من الكربون قد تستخدم في إنتاج المواد النانوية الكربونية وتساهم في تقليل التلوث الناتج عن الكربون.

شركة فنلندية مصنعة للورق، كشفت عن نواياها في صنع بطاريات للسيارات الكهربائية يتم شحنها في أقل من 8 دقائق

نتائج واعدة للبوليمر النباتي في البطاريات

شركة Stora Enso الفنلندية المصنعة للورق، ومن أكبر مالكي غابات الأشجار، كشفت عن نواياها في صنع بطاريات للسيارات الكهربائية يتم شحنها في أقل من 8 دقائق، وفقًا لتقرير نشره موقع "بي بي سي".

وبحسب التقرير، أوضح مدير الشركة أن "اللجنين" المستخرج من نفايات صناعة الورق يتم معالجته بالفعل لصنع مادة كربونية تُسمى "الأنود" الموجودة في البطاريات.

على الرغم أن "الجرافيت" مادة مذهلة في تدفق الشحنات داخل البطاريات، إلا أن صناعته تتطلب تسخين الكربون إلى درجات حرارة عالية للغاية

هل بطاريات "اللجنين" ضارة بالبيئة أم آمنة؟

قبل اكتشاف قدرة بوليمر "اللجنين" على إنتاج الطاقة في البطاريات، كانت ولازالت بطاريات "الليثيوم أيون" مستخدمة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ويعتبر الجرافيت أكبر مكون لهذه البطاريات.

على الرغم أن "الجرافيت" وهو شكل آخر من الكربون، ويعتبر مادة مذهلة في تدفق الشحنات داخل البطاريات بسلاسة وسرعة كبيرة، إلا أن صناعته تتطلب تسخين الكربون إلى درجات حرارة تصل إلى 3 آلاف درجة مئوية.

الطاقة المستخدمة في التسخين غالبا ما تأتي من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، ولهذا فإن هذا النوع من البطاريات ضار بالبيئة ويعتمد على التعدين لاستخراج الليثيوم والعمليات الصناعية كما يصعب إعادة تدوير بعض مواد البطاريات السامة.

أشارت شركة Stora Enso إلى مزايا أنود الكربون الخاص بها، موضحة أنه تم تسخين "اللجنين" ولكن ليس بنفس درجات الحرارة المستخدمة في إنتاج "الجرافيت".

يمكن استبدال "الجرافيت" بالكربون الصلب المصنوع من "اللجنين" حيث يتميز بهيكل غير متبلور ومفتوح يتيح سرعة الشحن والتفريغ ويوفر استقرارًا أعلى بالبطارية، ولهذا يمكن أن يحل هذا الكربون الصلب محل الجرافيت الطبيعي أو الصناعي إما في أجزاء من البطارية أو بأكملها.

"اللجنين" يمنع قطع المزيد من الأشجار

اللجنين متجدد ويتم إنتاجه فعليا بملايين الأطنان في أوروبا؛ حيث يوجد المصنع التجريبي لشركة Stora Enso للمواد الكربونية الحيوية بفنلندا منذ عام 2015، كما تبلغ الإنتاجية السنوية من هذا البوليمر 50 ألف طن وذلك حسبما ذكر موقع " gofro.expert ".

أوضح الباحث في المجلس الدولي للنقل النظيف، تشيلسي بالدينو، أنه طالما يتم استخراج "اللجنين" المستخدم في إنتاج البطاريات كمنتج ثانوي من عملية صناعة الورق، إذن فلن يتم قطع المزيد من الأشجار لصنع البطاريات.

ومن ناحية أخرى، يؤكد متحدث باسم شركة Stora Enso أن مادة "اللجنين" المستخدمة حاليا ناتجة عن عملية استخلاص اللُب وليس بقطع المزيد من الأشجار، مشيرا إلى أنه إذا لم تكن صناعة اللُب مستدامة، فإن المادة نفسها ليست مادة مشتقة بشكل مستدام.

الشركة تعرف أصل جميع الأخشاب، حيث طبقوا الإدارة المستدامة للغابات من خلال الحفاظ على صحتها وتحقيق التوازن بين الطلب على الموارد الطبيعية للغابات وحيوية الغابة.