برعاية الأمير عبدالعزيز بن طلال آل سعود.. المنتدى العربي للأرض والمناخ يحشد الجهود العربية ضد التصحر


مروة بدوي
الخميس 10 أكتوبر 2024 | 06:26 مساءً

في خطوة جديدة لدعم جهود الاستدامة العربية ومكافحة التغير المناخي، رعى صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود- رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية، انعقاد "المنتدى العربي للأرض والمناخ" في نسخته الثالثة بالرياض تحت شعار"الطريق إلى كوب 16: نحو تعزيز صمود ومرونة الأراضي العربية"، والذي تنظمه الشبكة العربية للمنظمات الأهلية وبالتعاون مع أجفند الشريك الاستراتيجي للشبكة، والشريك المستضيف لنسخة هذا العام من المنتدى، وشركاء الشبكة؛ قطاع الشئون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، والمجلس العربي للطفولة والتنمية، على مدار يومي 8 و9 أكتوبر 2024، في الرياض بالمملكة العربية السعودية.

وجاء المنتدى هذا العام متزامناً مع الاستعدادات الجارية لعقد الدورة الـ 16 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر COP16، والذي تستضيفه المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 2-13 ديسمبر 2024 ، وفي إطار حرص الشبكة العربية للمنظمات الأهلية على تعظيم إسهام منظمات المجتمع المدني العربية في إنفاذ أجندة التنمية المستدامة 2030، وخاصة جميع الأهداف ذات الصلة باحترام البيئة والعناية بالطبيعة.

الأمير عبد العزيز بن طلال: المملكة تحشد الجهود ضد التصحر

أطلق صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، إشارة بدء فعاليات المنتدى بإلقاء كلمته التي أشار فيها لضخامة وكبر أزمة التصحر والجهود السعودية الكبيرة لمكافحتها؛ إذ قال إن المملكة العربية السعودية أدركت باكرًا هذا الوقع، وسعت للحد من تداعياته عبر مبادرات محلية وإقليمية ودولية، فأطلقت "مبادرة السعودية الخضراء" عام 2021 لتحويل 30% من أراضيها إلى محميات طبيعية، وزراعة 10 مليارات شجرة، وإصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي.

ولفت سموه إلى أن الجهود السعودية لم تتوقف عند الصعيد المحلة بل وإقليميًا، إذ أطلقت المملكة "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في المنطقة، ما يمثل 5% من الهدف العالمي للتشجير، ودوليًا، دخلت المملكة في شراكة مع مجموعة العشرين لإطلاق "المبادرة العالمية لمجموعة العشرين في مجال الأراضي" التي تهدف إلى خفض تدهور الأراضي بنسبة 50% بحلول 2040، إضافة إلى تعزيز التعاون مع 197 دولة ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.

وقال في كلمته: "تأتي النسخة الثالثة من المنتدى العربي للأرض والمناخ بالتنسيق مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، بهدف تعزيز إسهام المجتمع المدني العربي في رفع الوعي وحشد المجال العام حول التحديات والمخاطر البيئية والمناخية التي تهدد كوكبنا، مع إدراكنا أن مكافحة التصحر تستلزم العمل على ثلاثة مسارات أساسية هي الإدارة المستدامة للأراضي، وتخطيط استخدام الأراضي، وإدارة الموارد المائية المحدودة، ونحن في أجفند ومؤسساته التنموية نعمل على توظيف كافة خبراتنا وشراكاتنا وتحالفاتنا التنموية الدولية والإقليمية، للمساهمة في تحقيق تقدمٍ في تلك المسارات.

الوثائقي الرسمي: "غضب الطبيعة الصامت"

قدمت أ. هدى البكر، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، الوثائقي الرسمي للمنتدى والذي حمل عنوان "غضب الطبيعة الصامت" والذي أنتجته وحدة وثائقيات جرين بالعربي.

الفيلم الوثائقي اصطحب الحضور في رحلة من المناظر الطبيعية النابضة بالحياة إلى الأراضي الجرداء، مسلطاً الضوء على الحقيقة الصارخة بأن كوكبنا في محنة، وأن التصحر هو رمز لاحتجاج الطبيعة الصامت على عدم اكتراثنا بأمنا الأرض.

وقال "البكر" إن هذا الفيلم الوثائقي هدفه إعلاء صوت غضب الطبيعة الصامت، ودعت الحضوب إلى تذكر أن هذه ليست مجرد ظواهر بيئية علمية مجردة، ولكنها تحمل في طياتها قصص إنسانية تكشف عن عمق تشابك مصيرنا مع مصير أراضينا.

الطريق إلى كوب 16.. نحو تعزيز صمود ومرونة الأراضي العربية

يأتي شعار النسخة الثالثة من المنتدى العربي للمناخ ليؤكد على أهمية استضافة المملكة العربية السعودية أعمال القمة السادسة عشر لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي: الظاهرة التي يعاني منها العالم العربي بشكل كبير، حيث تقع 89% من مساحته داخل مناطق جافة وشبه جافة، وتشكل الأراضي الجرداء نحو 44% من مساحتة الكلية، وقد تحول بالفعل حوالي 500 مليون هكتار من الأراضي الخصبة إلى صحاري، ومن المتوقع زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 70% بحلول عام 2050.

ومع مرور الوقت تفاقمت الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للتصحر وتدهور الأراضي على المجتمعات المحلية، من تسارع هجرة سكان الريف والرعاة إلى المدن، وانخفاض الإنتاج الزراعي وفقدان الأراضي، وتدهور الاقتصاد الوطني وتراجع الدخل القومي بسبب تقلص الغابات والمحميات الطبيعية، وصولا إلى الآثار البيئية التي تتمثل في انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية والمراعي الطبيعية، وتدهور خصوبة التربة وزيادة الانجراف المائي.

وتجلت الحاجة إلى تدخل منظمات المجتمع المدني العربية من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز صمود السكان المحليين، ورفع الوعي البيئي، ودعم الزراعة المستدامة مع تعزيز مشاريع التكيف المناخي مثل إدارة المياه المستدامة وإعادة التشجير، تدريب المزارعين، والتشجيع على البحث والابتكار في مجال مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، بجانب الدور المهم لمنظمات المجتمع المدني العربية كوسيط بين المجتمعات المحلية وصانعي السياسات.

أوراق عمل ومبادرات أهلية فاعلة

نسخة هذا العام من المنتدى جاءت لتدعيم وتأكيد الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني العربية في مواجهة قضية التصحر، وشهدت أعمال هذه النسخة تقديم العديد من أوراق العمل والمبادرات الأهلية، التي استهدفت بلورة الحلول والرؤى بشأن آليات مكافحة التصحر والجفاف والحد من تدهور الأراضي.

وذلك بهدف المساهمة في حشد الجهود الاهلية العربية لإحراز تقدم في إنفاذ الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة، والذي يرمي إلى الحفاظ على الحياة في البر، وحماية النظم الإيكولوجية البرّية وترميمها، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.

واستناداً إلى ما جرى من نقاشات وتفاعلات ثرية خلال أعمال النسخة الثالثة من المنتدى العربي للأرض والمناخ، فقد جاءت توصيات المنتدى لترسم خارطة طريق استراتيجية، تشمل عدة محاور، من أجل التصدي بفعالية للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف في المنطقة العربية، مع تعزيز التنمية المستدامة والقدرة على الصمود في المجتمعات المحلية.

توصيات من أجل مكافحة التصحر

وألقت توصيات المنتدى المبدئية أ. هدى البكر، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، وذلك على النحو التالي:

أولا: محور النظم الزراعية والإدارة المستدامة للأراضي

- ضرورة التخطيط المستدام للتربة والأراضي والمياه واستخدامها وإدارتها، باعتباره السبيل الأساسي لاستعادة الأراضي والحفاظ على الأمن الغذائي واستدامته، وفي هذا السياق، يجب التوقف عن جميع الممارسات السلبية السائدة المتمثلة في إزالة الغابات والزراعة التعدينية والتوسع العمراني الفوضوي، مع تحسين الممارسات الزراعية واتباع الاقتصاد الدائري.

- تعزيز الإنتاج المستدام والاستهلاك المسؤول القائم على الإنتاج الزراعي المتكامل والآمن، بما يساعد على التكيف مع الجفاف وتحقيق نظم غذائية مستدامة، وحماية صحة التربة والحفاظ على الصحة العامة والبيئية.

ثانيا: محور تعزيز صمود المجتمعات المحلية وتمكين الفئات الهشة

- اطلاق برنامج عمل بالشراكة بين أجفند واليونيسيف والمجلس العربي للطفولة والتنمية والشبكة العربية للمنظمات الأهلية بشأن تأصيل مفهوم حقوق الطفل العربي البيئية.

- بناء نُظُم صحية مستدامة بيئيًّا وقادرة على الصمود في مواجهة التصحر و تغير المناخ، ومنح الأولوية للصحة في السياسات ذات الصلة، مع إشر اك قطاع الصحة إشراكا حقيقيًّا في دعم العمل البيئي والمناخي، عبر تحسين فرص قطاع الصحة في الحصول على تمويل لجهود مواجهة التحديات البيئية المختلفة.

- ضرورة إتباع المنهجيات العلمية الحديثة لأدماج الفئات الأكثر هشاشة والمتضررة من آثار التصحر والجفاف والتغير المناخى في العمل البيئي، للتغلب على التحديات البيئية، والحفاظ على الموارد الطبيعية لأجيالنا القادمة.

- تعزيز قدرة النساء على التكيف مع المخاطر المرتبطة بالتصحر والجفاف، وبناء قدرات القيادات النسائية الطبيعية المحلية، وتمكينها على المستوى القاعدى وتشجيع هذه القيادات على الوصول لمستويات أعلى فى التمثيل والتأثير فى صناعة القرار محليا ومركزيا.

-  إعطاء الأولوية لمبادرات بناء القدرات بما يسهم في تعزيز المؤسسات المحلية وتمكين المجتمعات المحلية من إدارة مشاريع مكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف والاستفادة من تراثها الحضاري وخبراتها المحلية في التكيف.

- بناء شبكات تضامن تبدأ من القاعدة، حيث تتعاون المجتمعات المحلية فيما بينها لتبادل الموارد والمعرفة، وبناء نظم زراعية وغذائية تعاونية ومستدامة تعتمد على الاحتياجات الحقيقية وتحترم الأرض.

ثالثا: محور التمويل والاستثمار

- تعزيز التمويل والموارد المشتركة لتنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل والبرامج والمشاريع المدرجة ضمن أطر الاتفاقيات الدولية، مع تحفيز القطاع الخاص والمؤسسات الدولية على المشاركة في هذه الجهود، والاستفادة من الصناديق والمبادرات الإقليمية والدولية ذات العلاقة.

- تبسيط إجراءات تقديم الطلبات وتعزيز الشفافية بهدف تسهيل الوصول إلى التمويل، مع تطوير منصات إلكترونية سهلة الاستخدام توفر معلومات شاملة عن فرص التمويل المتاحة ومعايير الأهلية وإجراءات تقديم الطلبات مما يؤدي إلى تحسين الوصول إلى التمويل، كما يجب أن تقدم هذه المنصات التوجيه والدعم لمقدمي الطلبات طوال عملية تقديم الطلبات.

- تطوير أدوات مالية وآليات تأمين مبتكرة بهدف التخفيف من المخاطر المرتبطة بمشاريع التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، حيث يمكن لأدوات التخفيف من المخاطر مثل الضمانات والتأمين والتحوط أن تجذب استثمارات القطاع الخاص من خلال الحد من حالات عدم اليقين المالي.

- ضمان الاستدامة المالية لمشروعات التصحر وتدهور الأراضي والجفاف من خلال مصادر تمويل متنوعة ونماذج أعمال مستدامة للحد من المخاطر المتوقعة. ومن المرجح أن تجذب المشاريع ذات الخطط المالية القوية وتدفقات الإيرادات الواضحة الاستثمار.

رابعا: الحوكمة والسياسات

- وضع سياسات عامة داعمة، تركز على المستوى الإقليمي على دعم حقوق المجتمعات في إدارة مواردها بشكل جماعي ومستدام. هذه السياسات يجب أن تضمن حماية الأراضي والمياه والبذور من الاستغلال التجاري، وتعزز الزراعة المستدامة التي تحمي البيئة وتدعم صغار المزارعين.

 - تشجيع صانعي السياسات على إعطاء الأولوية للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف في جداول الأعمال الوطنية ودمج استراتيجيات التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره في التخطيط الإنمائي بما يضمن حصول مشاريع التصحر وتدهور الأراضي والجفاف على الدعم السياسي والمالي اللازمين.

- تعزيز السياسات والأنظمة التمكينية التي تدعم الإدارة المستدامة للأراضي والمياه بهدف خلق بيئة مواتية لمشاريع التصحر وتدهور الأراضي والجفاف. وتشجع السياسات التي تحفز الممارسات المستدامة وتعاقب الأنشطة غير المستدامة على الاستخدام المسؤول للأراضي.

- تطوير آليات تمويلية تعاونية تعتمد على مشاركة مجتمعية أوسع وقرارات محلية تدعم إنشاء تعاونيات وائتمان تعاوني على مستوى إقليمي وغير مركزي، عبر تأسيس صناديق تمويل مشتركة تديرها المجتمعات المحلية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني يضمن أن القرارات المالية تُتخذ بناءً على احتياجات المجتمع الفعلية وليس وفقًا لإملاءات خارجية. هذا النوع من التمويل يعزز استقلالية اقتصادية للمجتمعات المحلية، ويشجع على الابتكار المحلي والتنمية الشاملة التي تراعي الخصوصيات الثقافية والبيئية لكل منطقة.

خامسا: الابتكار والبحث العلمي والتكنولوجيا:

- دعم الشراكات العربية العربية فى كافة مجالات البحث العلمى، وزيادة مشروعات البحث العلمى عبر التخصصات وعبر الحدود والإستفادة من الدراسات العلمية السابقة مع ضرورة الأخذ فى الإعتبار الجدوى الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والبيئية.

- إنشاء مرصد إقليمي لفضاء البيانات لمنع تدهور الأراضي في الدول العربية بهدف تسهيل الرصد الشامل لتدهور الأراضي من خلال صور الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد والبيانات الجغرافية المكانية.

- إنشاء الشبكة العربية لنظام الإنذار المبكر حيث سيتم ربط أنظمة الإنذار المبكر في كل دولة عربية بالشبكة لرصد الكوارث الطبيعية والتنبؤ بها.

- إنشاء منصة للممارسات الجيدة في الإدارة المستدامة للأراضي في الدول العربية تركز على تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، وتعزيز جهود استصلاح الأراضي، وتبادل التقنيات المبتكرة لإدارة الأراضي.

 - رفع مستوى الحلول المبتكرة الناجحة للإدارة المستدامة للأراضي: لتعظيم فعالية الاستراتيجيات التي أثبتت جدواها، و نجاحها في دراسات الحالة الإقليمية.

سادسا: محور تعزيز إسهام المجتمع المدني:

- ضرورة إعداد دراسة استراتيجية لمواجهة مخاطر التصحر والجفاف في الوطن العربي وتحديد المناطق المهددة بالتصحر ودرجاتها، موجهة لمنظمات المجتمع المدني، للتوعية بخطورة الظاهرة وتتضمن بلورة لملامح الأدوار المامولة من المجتمع المدني في هذا الإطار وآليات تعظيم إسهامه في التكيف والتخفيف من تداعيات التصحر والجفاف وتدهور الأراضي في المجتمعات المحلية .

- دعم الشراكات والتعاون بين منظمات المجتمع المدني العربي والحكومات والمؤسسات الدولية بوصفها حجر الزاوية في بناء القدرة على الصمود في مواجهة التصحر والجفاف، بما يمكن من تحقيق نتائج مستدامة تسهم في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق الأمن البيئي.

 - لضمان استدامة الشراكات، يجب العمل على تطوير آليات تمويل مستدامة لتحقيق نتائج ملموسة على المدى الطويل، مع الاهتمام ببناء القدرات المحلية من خلال التدريب والتعليم لتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة الفعالة في تنفيذ السياسات البيئية، وتعزيز الشفافية والمساءلة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة بطريقة فعالة وعادلة.

- ضرورة التوعية بمخاطر تدهور التربة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وفهم العلاقة المتبادلة بين السكان والموارد الطبيعية، وأهمية نظم الري الحديثة والالتزام بالاستهلاك المائي المناسب للمحاصيل الزراعية، والحفاظ على الأراضي الهامشية باستخدامها كمناطق رعي طبيعية بدلاً من استغلالها في الزراعة، بالإضافة إلى الحفاظ على التنوع الحيوي في البيئات الصحراوية.

- تشجيع برامج السياحة البيئية للمناطق الصحراوية.