تقنية "الزاي" التقليدية.. حوض "المياه والبذور" يواجه التصحر بإفريقيا


مروة بدوي
الاثنين 07 أكتوبر 2024 | 02:41 مساءً
تقنية زاي لمكافحة التصحر
تقنية زاي لمكافحة التصحر

تعد أفريقيا أكثر القارات تأثراً بأزمة المناخ، ويزيد موقعها الجغرافي وتفاقم انتشار الفقر من تضرر سكانها وخاصة الفئات المهمشة والضعيفة.

ويظهر عمق الأزمة في أرقام المتضررين من الأزمة، فمن المتوقع أن يتعرض ما بين 75 و250 مليون شخص داخل القارة إلى زيادة الإجهاد المائي مما يقلل عوائد الزراعة المعتمدة على الأمطار بنسبة قد تصل إلى 50% بسبب التغيرات المناخية.

ومن أجل مواجهة ظاهرة التصحر والتكيف مع الصدمات المناخية في أفريقيا، توفر ممارسات الزراعة الإيكولوجية حلولاً لتحسين النظم الزراعية والأمن الغذائي ومرونة سبل العيش، ومن هذه الممارسات تقنيّة "Zai".

تقنية زاي لمكافحة التصحرتقنية زاي لمكافحة التصحر

تقنيّة "زاي" الزراعية

هي تقنية تقليدية تعتمد على صنع أحواض صغيرة بالأرض لتركيز الماء والبذور والسماد معا؛ وفي هذه التقنية يقوم المزارع بإعداد الحقل لمدة أسبوعين في أوائل شهر مايو أو موسم الأمطار، عبر حفر آلاف الثقوب في كل هكتار من الأراضي، وهي عبارة عن فجوات صغيرة في التربة بقطر يتراوح بين 30 إلى 40 سم، وعمق من 10 إلى 15 سم، وتفصل بين كل حفرة واخرى مسافة 80 سم.

وداخل كل حفرة أو حوض يوضع حفنة من الأسمدة مع أي أنواع من البذور، مثل الذرة الرفيعة أو الدخن أو أي نوع آخر، وقد يتم الحفر بشكل يدوي باستخدام الفؤوس الصغيرة أو عبر استخدام بريمة عملاقة تعتمد على محرك، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

تقنية زاي لمكافحة التصحرتقنية زاي لمكافحة التصحر

"الزاي"، المعروف أيضًا باسم تاسا، هي تقنية تقليدية مستوردة من دول غرب إفريقيا التي تعاني من ندرة الأمطار وزحف التصحر؛ وبالتالي انخفاض الحصاد، وتساعد في مقاومة الجفاف ونقص الأمطار والاحتفاظ بالرطوبة مما يؤدي إلى استعادة التربة المتدهورة.

ويعمل هذا النمط من الفتحات المتباعدة بشكل متساوي في الأرض، على التقاط مياه الأمطار، والحفاظ عليها لوقت طويل، مما يسمح للسماد والحبوب ومياه الأمطار بالاختلاط في نفس الحفرة ومنع التآكل على المنحدرات وزيادة خصوبة التربة.

مميزات تقنيّة "زاي"

التقلبات المناخية وتذبذب هطول الأمطار ما بين موجات الجفاف والسيول هي من أكبر أزمات قطاع الزراعة بالقارة الإفريقية، لأنه أثناء قلة هطول المطر تتعرض التربة للضغط، وعند نزول الأمطار لا تستطيع الأراضي الجافة امتصاص الماء، وعندها تنجرف الطبقة العليا من التربة السطحية الخصبة، لكن تقنية "زاي" تلعب دورًا هاما في علاج هذه المشكلة عبر إنشاء جيوب للمياه، تضمن عدم جريانها وانجراف العناصر الغذائية والمعادن معها.

تقنية زاي لمكافحة التصحرتقنية زاي لمكافحة التصحر

كما انه هذه التقنية التقليدية تقلل من كمية الأسمدة المستخدمة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الاسمدة الكيماوية بشكل كبير، و نقص المعروض من السماد العضوي الذي يعد بديلاً للأسمدة الكيماوية، ومع تطبيق تقنية زاي، يسقط المطر على السماد العضوي ويجعل الحفرة تحتفظ بالرطوبة التي تحتاجها النباتات لفترة طويلة .

إصلاح تدهور الأراضي بشمال الكاميرون

يطرح موقع Mongabay المهتم بشؤون البيئة، نموذجا لتبني تقنية زاي التقليدية لاستعادة الأراضي المتدهورة في الكاميرون، وخاصة في المناطق الشمالية، التي تعد شبه قاحلة وجافة، حيث لا يتجاوز معدل هطول الأمطار 100 ملم شهريًا، وقد انخفضت على مدار العقدين الماضيين مساحة الغابات والمراعي بسبب الاحتطاب كما زاد الضغط على الأراضي الزراعية

وتشكل الزراعة المفرطة والرعي الجائر، والطلب المتزايد على الحطب، وسوء إدارة المراعي، أبرز المشاكل البيئية التي تسبب التصحر في شمال الكاميرون.

ولمواجهة هذه الضغوط قد تم تنفيذ العديد من المشاريع من قبل الحكومة والمنظمات غير الحكومية لاستعادة الأراضي في المجتمعات الموجودة بشمال البلاد، عبر إدخال الممارسات الزراعة الحراجية والزراعة البيئية لمساعدة السكان المحليين للحفاظ على البيئة واستعادة التربة المتدهورة وتخصيب الأراضي

تقنية زاي لمكافحة التصحرتقنية زاي لمكافحة التصحر

وقد تبنت احدى المنظمات تقنية زاي، وأنشأت مزرعة تجريبية لزرع المحاصيل باستخدام هذه التقنية التقليدية وتدريب المزارعين، وأثبتت التجربة أن "زاي" تحافظ على رطوبة التربة وتزيد الحصاد، حيث كان إنتاج هكتار واحد باستخدام الأسمدة الكيماوية نحو 10 أكياس من الذرة، لكن بعد اعتماد تقنية زاي، وصل الحصاد إلى نحو 30 كيساً من الذرة باستخدام السماد العضوي والمبيدات الحيوية المصنوعة من مكونات طبيعية مما يضاعف الفائدة الاقتصادية والبيئية.

ونتيجة هذه النتائج الإيجابية يعمل الباحثون على تحسين العديد من التقنيات التقليدية ومنها "زاي" من أجل زيادة الإنتاجية واستدامة البيئة والحفاظ على سبل عيش المجتمعات الفقيرة وحماية الأراضي.