تحمل أمواج المحيطات ملايين الأطنان من الملوثات البلاستيكية التي تقبع في النهاية بالقاع، وتستغرق سنوات طويلة للتحلل؛ لتتحول إلى لدائن متناهية الصغر تلتهمها الحيوانات البحرية، وتنتقل بدورها إلى أجسام البشر؛ ما يهدد بعواقب وخيمة على الصحة؛ ما دفع العلماء إلى البحث عن وسيلة لتنقية تلك المسطحات المائية الضخمة.
النفايات البلاستيكية تشكل 80% من الملوثات البحرية؛ حيث يتم إلقاء من 8-10 ملايين طن متر من البلاستيك في المحيط كل عام، كما تشير الأبحاث إلى أنه بحلول عام 2050، من المرجح أن يفوق البلاستيك جميع الأسماك في البحر؛ وذلك وفقاً لما ذكرته منظمة "UNESCO Ocean Literacy".
الهلام الهوائي كلمة السر لتنقية المياه
في تجربة فريدة من نوعها، وجد الباحثون من جامعة "برنستون" البحثية بالولايات المتحدة، طريقة لتحويل صنف أساسي على مائدة الإفطار إلى مادة جديدة يمكنها إزالة البلاستيك الصغير والملح من مياه البحر، وبتكلفة زهيدة، وهي "بياض البيض".
أراد الباحثون استخدام بياض البيض في صنع الهلام الهوائي، أو ما يُطلق عليه "إيروجل"؛ فهو مادة خفيفة الوزن يمكن استخدامها في العديد من التطبيقات، بما في ذلك ترشيح المياه وتخزين الطاقة والعزل الصوتي والحراري.
كانت التجربة في البداية أكثر تعقيداً، ومع المزيد من المحاولات، توصل الباحثون بقيادة كريج أرنولد نائب عميد الابتكار بجامعة "برنستون"، إلى أن بياض البيض هو التركيبة الأمثل للوصول إلى الهدف.
ما مدى نجاح بياض البيض في معالجة المياه؟
يحتوي بياض البيض على بروتين نقي عندما يُجفَّف ثم يُسخَّن في درجة حرارة تصل إلى 900 درجة مئوية داخل بيئة خالية من الأكسجين، يخلق بنية من الخيوط المترابطة مكونة من ألياف الكربون وألواح الجرافين في شكل هلام هوائي.
المادة الناتجة من هذه العملية يمكنها إزالة الملح والجسيمات البلاستيكية الدقيقة من مياه البحر بكفاءة تصل إلى 99٪.
هل هذا الابتكار يؤثر على الإمدادات الغذائية العالمية؟
رغم أن بياض البيض المستخدَم في الاختبارات الأولية من النوع العادي الذي نشتريه من المتجر، فإن الباحثين أشاروا إلى أن بروتينات أخرى مماثلة متوافرة تجاريّاً كان لها نتائج مماثلة، ويمكن استخدامها لكيلا تؤثر الطريقة المبتكرة على الإمدادات الغذائية للبيض.
إنتاج تلك المادة سيجري بكميات كبيرة، وبتكلفة منخفضة نسبيّاً دون التأثير على كميات البيض الطبيعية؛ لهذا فإن الخطوة التالية للباحثين هي تحسين عملية التصنيع بحيث يمكن استخدامها في تنقية المياه على نطاق أوسع وبكميات أكبر.
نجاح الباحثين في توفير المادة الهلامية من البروتينات المماثلة لبياض البيض بكميات كبيرة يعني إنتاجاً غير مُكلف وموفراً للطاقة في تنقية المياه، كما أنهم قارنوا نتائجهم بالكربون النشط المستخدم في معالجة المياه الذي كان يتطلب طاقة ومياهاً زائدين، لكن عملية الترشيح الجديدة لا تُهدر الماء.
