بعد نقاشات ثرية امتدت على مدى يومين كاملين، اختتمت فعاليات النسخة الرابعة من المنتدى العربي للإعلام والتواصل العلمي، والذي تناول العديد من المحاور التي تهدف إلى تعزيز إنتاج محتوى علمي جذاب ودقيق، والتحديات التي تواجه صناع المحتوى.
وتنوعت جلسات النسخة الرابعة من المنتدى بين التقنيات التكنولوجية، وطرق التواصل العلمي الفعال، وتفاصيل تغطية القضايا البيئية والصحية، وغيرها من القضايا المهمة.
محتوى بصري جذاب
إحدى جلسات المنتدى تناولت نجاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" بالمملكة العربية السعودية، في توظيف الوسائط المتعددة "الملتيميديا" من صور، ومقاطع فيديو، وتصميمات بأنواع مختلفة، في الإصدارات العلمية التي تنشرها، ومن بينها مجلة " كاوست ديسكفري" العلمية.
كارولين أونك المدير المساعد للعلامة التجارية والمحتوى بالجامعة، روت -خلال الجلسة- كيف شاركت من البداية في إعداد المجلة التي انطلقت في عام 2014، بالتزامن مع العام الأول لانضمامها للجامعة، واستعرضت العناصر البصرية التي استخدمتها في العدد الأخير الذي يدور حول "الميكروبيوم"، وهو مصطلح يشير إلى الكائنات الدقيقة كالبكتيريا، مشيرة إلى أن النسخة الرقمية من الإصدار تحمل المعلومات نفسها للنسخة المطبوعة لكن بطريقة عرض بصرية مختلفة تتضمن تصميمات "الإنفوجرافيك".
وحول الدقة في إعداد المحتوى، تشير كارولين أونك إلى أن الفريق تواصل مع 3 خبراء متخصصين في مجال "الميكروبيوم" من بيئات مختلفة: الصحراء، والشعاب المرجانية، وأشجار المانجروف، لأكثر من مرة، وبمجرد الانتهاء من إعداد هذه التصميمات، والتأكد من التركيز على العناصر الصحيحة، تم التواصل مع الخبراء مجدداً للحصول على موافقتهم، والتأكد من دقة المعلومات، مؤكدة أن هذا المحتوى مثال على التواصل العلمي الناجح.
أول صحيفة مناخية في "الميتافيرس"
التجربة التقنية الأبرز التي استعرضها المنتدى فيما يخص صحافة البيئة، كانت تجربة صحيفة "1.5" وهي أول صحيفة متخصصة في التغير المناخي بعالم الميتافيرس.
خالد عمار مؤسس الصحيفة يشير إلى أن الصحافة شأنها شأن كافة جوانب الحياة في العالم، ترتبط بالتطور التكنولوجي، فمن الصحافة الورقية إلى بداية ظهور الإنترنت والمواقع الإخبارية ثم صحافة "السوشيال ميديا".. ألخ، مؤكداً أن حياتنا تتغير في كل مرحلة، ويتأثر العاملون في الإعلام كبقية المجالات.
وتابع خالد عمار أن الفكرة في البداية كانت تأسيس صحيفة عامة في عالم الميتافيرس، قبل أن تقترح الزميلة رضوى هاشم المتخصصة في قضايا المناخ، فكرة التركيز على إنشاء صحيفة متخصصة للعمل عليها كبداية لمشروع أكبر.
ويضيف أن وجود صحيفة مناخية في عالم الميتافيرس يعني إمكانية زيارة الغابات الممنوع زيارتها في الواقع، وتوعية الجمهور من خلال الجولات، والحوارات التي يتم إجراؤها في هذه المحميات عن خطر الانقراض الذي تواجهه الحيوانات في تلك المنطقة على سبيل المثال، ومعرفة تفاصيل عنها، وبالتالي يكون الموضوع جذاباً للقارئ الذي يعيش داخل المكان، ويشعر بالكارثة التي يواجهها العالم.
هناك جانب إيجابي بيئي آخر أشار إليه مؤسس صحيفة "1.5"، وهو تخفيف الزيارات الفعلية للجمهور لتلك المناطق ما يسمح للطبيعة بالتنفس مجدداً، علاوة على ذلك، فإن إجراء حوارات افتراضية يساهم في تقليل الانبعاثات الناتجة عن تنقل الفريق الصحفي، وتقليل موارد الطاقة المستهلكة مثل الطاقة الكهربية، والتي تساهم كذلك في أزمة التغيرات المناخية.
الذكاء الاصطناعي.. مزايا وعيوب
الذكاء الاصطناعي الذي تصدر اهتمامات العالم مؤخراً، احتل مساحة واسعة من نقاشات المنتدى، بداية من كيفية استخدامه في تعزيز جهود حماية الأرض، وصولاً إلى الاستعانة به في عمليات إنتاج المحتوى، وتجنب سلبياته.
خلال مشاركته في المنتدى، أشار البروفيسور طارق توتنجي عميد كلية الهندسة التكنولوجية في جامعة الحسين التقنية، إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي لعب دور في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتحقيق 4 أهداف من أهداف التنمية المستدامة، والمتعلقة بالقضاء التام على الجوع، وتوفير الطاقة والمياه النظيفة، علاوة على الهدف الـ13 وهو العمل المناخي.
ولفت عميد كلية الهندسة التكنولوجية إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي جمع البيانات، وتحليل المعلومات المتعلقة بالانبعاثات، لإنتاج توقعات مستقبلية بهدف تعزيز صناعة القرار، وإيجاد أفضل الطرق لاستخدام الموارد.
الذكاء الاصطناعي زاد حضوره كذلك في غرف الأخبار، إذ أشارت فرح أحمد الصحفية المتخصصة في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، إلى تجارب المؤسسات الدولية في الاستعانة بتلك الأدوات، من بينها صحيفة "نيويورك تايمز" التي استعانت به لاختيار الكلمات المفتاحية، ولمساعدة الصحفيين فيما يخص تحسين الصياغة.
وخلال الجلسة التي حملت عنوان "الذكاء الاصطناعي - هل سيغير قواعد اللعبة فيما يتعلق بتغطية قضايا تغير المناخ والبيئة إعلامياً؟"، ذكرت فرح أحمد قائمة من سلبيات استخدام الذكاء الاصطناعي من بينها افتقار المحتوى الذي ينتجه إلى التعاطف، أو وصف المشاعر الإنسانية.
هناك مخاوف أخرى بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي، أضافها الإعلامي محمد السنباطي المؤسس المشارك في المنتدى، وهو إنتاج معلومات غير دقيقة أحياناً، لكنه على الجانب الآخر كـ"المتدرب الخارق" الذي يوفر فترات طويلة للغاية من الوقت، ويعمل على زيادة الإنتاجية، لكنه بحاجة إلى مراقبة ومراجعة.
علاوة على مخاوف تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، لأنه يتم تدريبه على مواد موجودة على الإنترنت كالمقالات الصحفية، فعندما توجه أسئلة له تتعلق بـ"نتائج موضوع قمت بتغطيته، سيخرج نتائج اعتماداً على ما كتبته"، وبالتالي استخدام معلومات دون إذن.
كما أن هناك مخاوف أخرى تتعلق بالأثر البيئي والمناخي، لأن أجهزة الحاسب التي تحتاجها الشركة المشغلة لتطبيق Chatgpt- على سبيل المثال- تستهلك كميات ضخمة من المياه والطاقة، وتصدر كميات كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة.
تحدٍ عربي
هناك أزمة أخرى تتعلق بضعف المحتوى العربي الذي تنتجه أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ يشير "السنباطي" إلى ضعف المحتوى الذي ينتجه التطبيق بالعربية، لأنه تدرب على مواد موجودة على الإنترنت الذي تقتصر نسبة المحتوى العربي به على 1% فقط، رغم أنها اللغة الخامسة على مستوى العالم بالنسبة لعدد المتحدثين.