الرطوبة تُرهِق لاعبي "كان 2023".. كوت ديفوار تُواجِه ويلات تغير المناخ


سلمى عرفة
الاربعاء 07 فبراير 2024 | 02:45 مساءً

إذا كنتَ من مشجعي كرة القدم؛ اللعبة الشعبية الأشهر في العالم، فإنك بالتأكيد تتابع بطولة الأمم الأفريقية التي تستضيفها كوت ديفوار الواقعة في غرب القارة السمراء، بعد 4 عقود طويلة لم تتمكن فيها من تنظيم البطولة.

التغيرات التي شهدتها الدولة الأفريقية منذ عام 1984، حين استضافت فيها البطولة، لا تقتصر على أحداث سياسية واجتماعية فحسب، بل شملت تغيرات بيئية عديدة؛ شأنها شأن بقية دول العالم التي وقعت في قبضة التغيرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية.

حرارة متزايدة

وفقاً لدراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي، تَراوح متوسط زيادة درجة الحرارة في الدولة الأفريقية بين عامي 1970 و2021 بين 0.5 و0.8 درجة مئوية، بجانب تراجع معدلات سقوط الأمطار، مع زيادة وتيرة موجات الطقس المتطرف.

الحديث عن معاناة اللاعبين من مستويات الرطوبة المرتفعة، يثير كذلك تساؤلات حول علاقة التغيرات المناخية بالأمر؛ فارتفاع درجات الحرارة يزيد من معدلات البخر، ومن قدرة الهواء الساخن على الاحتفاظ به عالقاً لفترات طويلة؛ ما يزيد شعور الإنسان بالحر، ويؤدي إلى مخاطر صحية قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.

في دراسة نشرتها دورية "PNAS" عام 2023، أضاف فريق من الباحثين حجم الطاقة الناتجة عن الرطوبة إلى متوسط زيادة درجات حرارة الأرض المقدر بـ0.79 درجة مئوية، منذ عام 1980 حتى 2019، فارتفع ذلك المتوسط بمقدار الضعف إلى 1.48 درجة مئوية، وإلى 4 درجات في المناطق المدارية التي تقع ضمنها كوت ديفوار.

"أبيدجان".. عاصمة الاقتصاد في خطر

أما منطقة "أبيدجان" ذات الطبيعة الساحرة، التي يتكرر اسمها على مسامعك خلال مشاهدة مباريات البطولة، فتواجه بسبب موقعها الجغرافي وبفعل الأنشطة البشرية، قائمة طويلة من المخاطر؛ أبرزها ارتفاع مستوى سطح البحر.

إذا لم تُتخذ إجراءات للمواجهة، فمن المتوقع أن يبلغ ارتفاع مستوى سطح البحر في المنطقة 1.2 متر بحلول عام 2050، أي ما يقل عن 3 عقود من الآن، وهو ما يزيد من خطر الفيضانات، ونزوح السكان، في وقتٍ من المتوقع فيه أن يتزايد النمو السكاني في المنطقة حتى يصل إلى 25% من إجمالي عدد السكان.

وبحسب بيانات برنامج إدارة المناطق الساحلية لغرب أفريقيا "WACA" التابع للبنك الدولي، فإن كل 20 سم زائدة في مستوى سطح البحر بمنطقة "أبيدجان" بحلول عام 2050، تُقدَّر بخسائر اقتصادية قدرها 460 مليار فرنك أفريقي، وهو "ما يعادل نحو 760 مليون دولار أمريكي" سنوياً.

تلك الخسائر تمثل انعكاساً للأهمية الاقتصادية للمنطقة التي تساهم بـ80% من اقتصاد الدولة الأفريقية، وتضم ميناء أبيدجان الذي يقع على ارتفاع يقل عن متر واحد عن مستوى سطح البحر، ويلعب دوراً مهماً في تصدير الكاكاو الذي تسيطر كوت ديفوار على ما يزيد عن نصف حجم إنتاجه العالمي.

كما يقدر البنك الدولي أن 23% من المدارس، و20% من الطرق الرئيسية في المنطقة تقع في مناطق معرضة لخطر الفيضانات.

وفي 2019 وحدها، خسرت كوت ديفوار نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.

نقص المياه

الوجه الآخر لخطر الفيضانات هو شح المياه؛ فالتغيرات المناخية بجانب مشكلات البنى التحتية، فاقمت من أزمات مياه الشرب في المدينة، ولا تزال أعداد كبيرة من نساء المنطقة يلجأن إلى إحضار المياه من القنوات المائية.

وفي الوقت الذي تُصنِّف فيه منظمةُ "اليونيسيف" منطقةَ غرب أفريقيا ووسطها ضمن أكثر مناطق العالم معاناةً من انعدام الأمن المائي والمناخي؛ تحتل كوت ديفوار المرتبة الـ13 في قائمة البلدان التي يموت فيها الأطفال دون عمر الخامسة بالنسبة إلى إجمالي عدد الأطفال؛ بسبب خدمات المياه والصرف الصحي غير الآمنة.

في تصريح لموقع "Global Citizen"، يقول باموري كاماجاتيه عالم المياه في جامعة نانغوي أبروغوا، إن التغير المناخي أدى إلى تراجع معدلات سقوط الأمطار بنسبة تتراوح بين 10% و20% منذ عام 1970 حتى 2019؛ ما يعني كذلك عدم تجدد احتياطات المياه الجوفية التي تعتمد عليها المدينة، في وقت أثرت فيه أنشطة إزالة الغابات والتوسع العمراني على جودة المياه.

خسارة الغطاء النباتي

فقدت منطقة أبيدجان في الفترة بين عامي 2002 و2022، 785 هكتاراً من الغابات الأولية المدارية التي تغطي أراضيها؛ ما يمثل تراجعاً بنسبة 20% لذلك النوع من الغطاء النباتي، وفقاً لـ"Global Forest Watch"، وهي أداة لمراقبة الغابات العالمية.

وبلغ إجمالي الغطاء الشجري الذي خسرته "أبيدجان" على مدى تلك الفترة، ما يقرب من 50 ألف هكتار، في وقتٍ يمكن فيه للهكتار الواحد أن يمتص 180 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.