تسرب النِفط إلى المياه واقعة تتكرر منذ أن سارت السفن عبر البحار والمحيطات لنقل المنتجات البترولية والبضائع من مكان لآخر، ما خلف أضراراً بيئية وتأثيراً خطيراً على حياة الطيور والحيوانات، ولكن ظهرت تجارب ملهمة لتنظيف تلك المخلفات النفطية باستخدام شعر البشر والحيوانات.
حسب موقع "Medium"، فإن شعر البشر والحيوانات فعال في تنظيف البقع الزيتية بسبب خصائصه الفيزيائية الفريدة، عندما يتلامس مع الزيت لديه القدرة على امتصاصه وحبسه وإزالته من السطح الملوث.
تجربة منزلية اختبرتها وكالة ناسا، من خلال حشو 5 أرطال من الشعر المقصوص ووضعه في الجوارب الطويلة ثم ربطها معاً ووضعها في بركة مملوءة من الماء ثم سكب زيت المحركات المستعمل، وشاهد امتصاص الشعر للزيت
يجذب الزيوت ويطرد الماء
الأكثر قراءة
ولأن الشعر يطرد الماء ويجذب الزيوت تخلق قشوره وخشونة سطحه مساحة كبيرة ليلتصق بها الزيت من خلال عملية تُسمى "الامتزاز" أي التصاق الزيت بألياف الشعر والاحتفاظ به، وما يميز الشعر عن المواد الأخرى التي تساعد على تنقية المياه من البقع الزيتية خفة وزنه وقابليته للطفو ما يساعد على جمعه بعد تنظيف المنطقة الملوثة.
في عام 1989، بينما يشاهد فيليب ماكروري، مصفف شعر، تغطية تليفزيونية لتسرب نفط في ولاية ألاسكا الأمريكية، رأى فرو ثعلب الماء متشبعاً بالزيت، لذا فكر أنه طالما يحبس فرو الحيوانات الزيت المسكوب فالشعر البشري يمكنه القيام بنفس الوظيفة.
ووفقاً لموقع "ScienceDaily"، أجرى "ماكروري" تجربة منزلية من خلال حشو 5 أرطال من الشعر المقصوص ووضعه في الجوارب الطويلة ثم ربطها معاً ووضعها في بركة مملوءة من الماء ثم سكب زيت المحركات المستعمل، وشاهد امتصاص الشعر للزيت، وللتصديق على هذه التجربة اختبرتها وكالة "ناسا" وبالفعل كانت النتائج إيجابية.
تجربة ملهمة
وفي عام 2021، سجلت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي 175 حادثة انسكاب نفطي في البحر وعلى الأرض بأمريكا بحسب موقع "سي إن إن"، وعلى مستوى العالم تم فقدان حوالي 10 آلاف طن متري من النفط بسبب انسكابات الناقلات.
مؤسسة "Matter of Trust" غير الربحية بمقاطعة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية، استخدمت الشعر في تنظيف الزيت منذ أكثر من 20 عاماً بحسب موقع "Treehugger"، فالشعر لا ينتفخ مثل الإسفنج بل يغطي الزيت مساحة سطح الشعر وبسبب حجمه الهائل يمكن اعتباره مادة فعالة.
وترسل صالونات التجميل ومصففو الحيوانات الأليفة قصاصات الشعر إلى مستودع المؤسسة لتنظيفها من الأوساخ ثم تمريرها عبر آلات بتصميم الحصائر المستخدمة في جذب البقع الزيتية، كما تعمل على توسيع شبكتها لإنتاج "حصائر الشعر" المحلية لـ17 دولة حول العالم من بينها فنلندا واليابان وتشيلي ورواندا.
تخطط سيلين إستراتش هي وطاقمها الآن لحشو الشعر في شبكات تشبه الجوارب الطويلة لوضعها في بحيرة ماراكايبو، إضافة إلى استخدام الشعر في إنشاء أجهزة تشبه الفرو لتنظيف الشواطئ
مشاريع بيئية
إنجازات مؤسسة "Matter of Trust" ألهمت سيلين إستراتش، ناشطة بيئية، منزعجة من البقع الزيتية المنتشرة في بحيرة ماراكايبو بفنزويلا؛ بسبب صناعة النفط، ولم يلتفت أحد إلى أهمية تنظيف مياهها لمنع دلافين النهر وخراف البحر من التعرض للانقراض.
أسست "سيلين" شبكة وطنية من الناشطين لإنقاذ البحيرة باستخدام مواد غير تقليدية مثل شعر البشر والحيوانات من صالونات التجميل، وقالت لصحيفة "واشنطن بوست" إن سيارتها مليئة باستمرار بأكياس الشعر المتبرع بها في جميع أنحاء فنزويلا، كما ينظم المتطوعون حملات لقص الشعر جذبت آلاف الأشخاص.
عندما كانت "سيلين" طالبة، أمضت أسابيع داخل أحد مختبرات جامعة زوليا بفنزويلا تحاول اختبار نفس الطريقة التي استخدمتها منظمة "Matter of Trust" لامتصاص الانسكابات النفطية من خلال الشعر، وكشفت نتائج اختباراتها أن 0.8 كيلو جرام من الشعر يمكنه امتصاص بين 4-7 كيلوجرام من الزيت.
تخطط سيلين إستراتش هي وطاقمها الآن لحشو الشعر في شبكات تشبه الجوارب الطويلة لوضعها في بحيرة ماراكايبو، إضافة إلى استخدام الشعر في إنشاء أجهزة تشبه الفرو لتنظيف الشواطئ، والبحث عن طرق آمنة للتخلص من الزيت الممتص لإعادة استخدام نفس الشبكات والأجهزة مرة أخرى.