المتاحف والمعارض المناخية.. مساهمات فنية لحماية الكوكب


إسراء محمد
الخميس 11 يناير 2024 | 05:45 مساءً

لطالما ارتبطت المتاحف حول العالم بالملف الثقافي؛ حيث ركزت منذ نشأتها على عرض الآثار وسرد التاريخ وحفظ التراث، لكن ماذا إن امتد دورها باعتبارها من أكثر الآليات الفعالة لمخاطبة العقل البشري إلى المساهمة في حل أزمة المناخ؟!

يضم العالم – وفقاً لليونسكو – نحو 104 آلاف متحف في مختلف أنحائه، يمكن أن تساهم في التوعية بقضية المناخ، من خلال توثيق وسرد ومحاكاة ما أحدثته التغيرات المناخية في العالم، عبر عرض صور وفيديوهات لآثار الكوارث الطبيعية التي لحقت بالدول نتيجة التغير المناخي، بما يعزز الحفاظ على البيئة، وتجنب السلوكيات الخطأ التي تؤذي الطبيعة، وتضر البشرية جمعاء، حسب "Statista".

معرض "سبورا" في الولايات المتحدة

بدأ العالم يخطو خطوات مهمة تجاه المتاحف والمعارض المناخية، منها معرض "سبورا" الذي أُقيم 10 مايو 2023 بالمعهد السويسري بمدينة مانهاتن الأمريكية، والذي يعرض صوراً وفيديوهات تحاكي التغيرات المناخية، في صورة أعمال فنية معروضة على السلالم والممرات والسقف. وتطبيقاً للاستدامة استُخدم الطلاء المتبقي من الرسومات في تزيين المعرض.

حسب "The New York Times"، تضمن المعرض لقطات مثيرة متعددة أبرزها مجموعة صور مؤطرة للفنانة "ماري مانينغ"، منها صورة لشجرة "قيقب" بها بقع قطران فطرية، مع صورتين من الزجاج الملون، بعنوان طويل مقتبس من كتاب "خطأ غير ضار" لهيلين ميرا عام 2023: "كل الحيوات التى عشناها والتي سنعيشها مليئة بالأشجار وأوراق الشجر المتغيرة".

معرض "بهين بهيني" في الهند

ومن معرض "سبورا" في الولايات المتحدة إلى معرض "بهين بهيني" في الهند، الذي أُقيم مطلع سبتمبر 2023 واستمر لمدة شهرين في متحف "داكشيناتشيترا" بولاية تاميل نادو، المخصص لتراث وثقافة جنوب الهند؛ حيث تضمن المعرض صوراً ومقاطع فيديو وقصصاً وكتباً مصنوعة يدوياً من أرشيف الشعب في المناطق الريفية بالهند؛ لتوثيق التغيرات المناخية التي طرأت بها.

آثار التغير المناخي لا تقتصر فقط على ارتفاع درجات حرارة المحيطات وذوبان الجليد، بل تنال حياة الأشخاص في المناطق المتضررة، كما فعلت للقاطنين في المناطق الريفية بالهند، الذين تعرضوا لأضرار بالغة، لكنهم مع ذلك يجدون طرقاً للبقاء على قيد الحياة؛ لذلك تناول المعرض مرونة المتضررين من أزمة المناخ في التعامل معها، حسبما قالت الفنانة والمنتجة الثقافية "كريشنابريا سي بي" المقيمة في تشيناي، لـ"Thehindu".

توعية النشء بقضية المناخ

قالت الفنانة والمنتجة الثقافية "كريشنابريا سي بي" إن معلمي البيئة في "Marudham" وضعوا منهجاً دراسياً حول تغير المناخ، آملين تعليمه للأطفال والشباب؛ حيث يعد الأطفال الفئة المستهدفة للتوعية بالأزمة المناخية لكونهم الأكثر تأثراً بها؛ ما يجعلهم بحاجة إلى أن يكونوا على دراية بآثارها.

معرض "المدن الساخنة" في ألمانيا

تحتاج المدن إلى التكيف مع الارتفاع العالمي لدرجات الحرارة؛ لذا قام الأخوان خبيرا العمران أحمد وراشد بن شبيب، اللذان وُلدا وترعرعا في دبي بتنظيم معرض "المدن الساخنة" خلال الفترة من 25 أبريل إلى 5 نوفمبر 2023 في متحف فيترا للتصميم بألمانيا، الذي يقدم وجهات نظر جديدة عن تكيف المعمار مع التغير المناخي.

يسلط معرض "المدن الساخنة" الضوء على عواصم العالم الناطق باللغة العربية للتعرف على كيفية تعاملها هي وسكانها مع المناخ القاسي، ويطرح تساؤلاً حول إمكانية دمج الهندسة المعمارية التقليدية مع التقنيات الحديثة لمواجهة التحديات البيئية، حسب متحف فيترا للتصميم "Vitra Design Museum".

نُظِّم المعرض على شكل دائرة من الأقواس القماشية، كل منها مخصص لمدينة في بلدٍ محددة، ويضم مواد أرشيفية، بالإضافة إلى نماذج صغيرة الحجم لهياكل معمارية صُمِّمَت للتخفيف من قسوة المناخات الحارة. وبالنسبة إلى الأرشيف فهو بمنزلة مكتبة من المفردات المعمارية لكل من العواصم العشرين في العالم العربي، بما في ذلك بغداد في العراق، والقاهرة في مصر، ودبي في الإمارات العربية المتحدة، والرياض في المملكة العربية السعودية.

وتضمن المعرض مباني تاريخية متعددة، منها بيت الشيخ سعيد آل مكتوم بأبراج الرياح والمشربيات، ومشروع "باريس الجديد" للمهندس المعماري المصري الشهير حسن فتحي، الذي يصور مجتمعاً صغيراً يزدهر في وسط الصحراء باستخدام تقنيات التبريد، وقصر طويق في الرياض الذي يضم عدداً لا يُحصى من أبراج المياه والنوافير، ومبانٍ تعود إلى القرن التاسع، مثل مسجد ابن طولون في القاهرة؛ إذ يشتمل تصميم المسجد على أقواس وممرات للتبريد داخله، حسب "Thenationalnews".