حلم الوطن العربي "الأخضر".. جهود لخفض الانبعاثات وشباب يتسلح بالاستدامة


إسراء محمد
الاربعاء 20 ديسمبر 2023 | 09:34 مساءً
جهود خضراء
جهود خضراء

قبل سنوات، لم تكن قضية المناخ حديث الساعة في البلاد العربية مقارنةً بما يحدث الآن، فبعدما ضربت الكوارث الطبيعية العديد من البلدان، أصبحت التغيرات المناخية هي الشغل الشاغل للجميع، وبات الشباب العربي أكثر تفاعلاً ووعياً بهذه القضايا العصرية التي تحدد مصير الكوكب.

رؤية شبابية للاستدامة

وأظهر استطلاع إقليمي خلال عام 2023، شمل 53 مدينة بـ18 دولة عربية، بمشاركة 3600 شاب عربي تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، أن 58% من الشباب العرب في دول مجلس التعاون الخليجي، مستعدون لوقف التعامل مع الشركات التي لا تضع البيئة في المقام الأول، بينما عبر 66% من المشاركين عن بالغ قلقهم بسبب تأثير تغير المناخ على حياتهم، بحسب "Fast Company Middle East".

"سونيل جون"، مؤسس وكالة "أصداء بي سي دبليو" للعلاقات العامة التي أجرت الاستطلاع، يؤكد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعاني من حدة تغير المناخ، حيث لا تؤثر موجات الحر والفيضانات المفاجئة على سبل العيش فحسب، بل تهدد أيضاً الأمن الاجتماعي وتدفع الناس إلى الهجرة، مشيداً باهتمام المنطقة العربية التي تضم أكثر من 200 مليون شاب، بقضية المناخ، وفقاً لـ"The National News".

ووفق الاستطلاع، أكد 71% من المشاركين أن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤثر بالفعل على حياتهم، وارتفع هذا الرقم إلى 76% في شمال إفريقيا، وإلى 74% في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما انخفض إلى 63% في بلدان المشرق العربي.

ويعتقد 87% من الشباب العربي أن حكوماتهم تتخذ خطوات إيجابية ضد تغير المناخ، لكن أكثر من نصفهم يرى أن بلدانهم ما زالت بحاجة إلى وضع أهداف واضحة؛ للمساءلة عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى صفر انبعاثات.

تحول مستدام

تقييم الشباب العربي للأزمة ورؤيتهم للمستقبل تتوافق قطعاً مع جهود دولهم في التقدم نحو التحول الأخضر خلال الـ10 سنوات المقبلة، من خلال استغلال موارد مالية كبيرة للاستثمار في البنية التحتية البيئية، ولقد بدأ التحول بالفعل نحو الاقتصاد الأخضر والمستدام إلى حد كبير في العديد من البلاد العربية بسبب الحاجة إلى معالجة نقص الموارد مثل المياه والغذاء والطاقة.

واعتمدت جامعة الدول العربية إطاراً استراتيجياً إقليمياً للتنمية المستدامة بشأن المياه والزراعة وتغير المناخ وغيرها، أدى إلى تحسين الإدارة البيئية، حيث أنشأت بعض الدول العربية أشكالاً معينة من المجالس الوطنية للتنمية المستدامة، وعززت المؤسسات البيئية بشكل عام.

كما زادت الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد الأخضر، خاصةً الطاقة المتجددة، تحديداً في المغرب والأردن والإمارات العربية المتحدة، حيث ينفذ المغرب الآن خطة لتوليد أكثر من نصف احتياجاته الكهربائية من الموارد المتجددة بحلول عام 2030، بحسب "IEMed".

وعلى أرض الواقع، طبقت مصر والمغرب وقطر والإمارات قوانين البناء الأخضر في المجتمعات الحضرية والساحلية الجديدة، مثل مدينتي الجلالة الجديدة والعلمين الجديدة في مصر، ومدينة مصدر في أبوظبي، ومدينة محمد السادس الخضراء في المغرب.

وبالإضافة إلى ذلك، أدت التدابير المالية التي اتخذتها البنوك المركزية في لبنان والإمارات والأردن إلى زيادة حادة في عدد وقيمة القروض التجارية التي قدمتها البنوك للمشروعات الصديقة للبيئة، وشمل ذلك المشروعات الكبرى التي ينفذها القطاع الخاص، وكذلك المنشآت المنزلية التي تعزز الكفاءة، خاصةً في مجال الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة بشكل عام.

بلاد تخوض حروباً ضد تغير المناخ

مملكة البحرين أيضاً بذلت جهوداً كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2023؛ إذ تتقدم بشكل منتظم نحو تحقيقها منذ بداية الأهداف الإنمائية في عام 2000، وواصلت المملكة أيضاً دمج الاستدامة في سياساتها، من خلال خطة الحكومة الحالية (2023-2026) التي تحمل عنوان"من التعافي إلى التنمية المستدامة"، بحسب "SDGs Bahrain".

وعلى الرغم من زيادة استهلاك الطاقة بسبب جائحة "كوفيد-19"، حققت البحرين هدفها لكفاءة استخدام الطاقة بنسبة 6% في عام 2019، أي قبل 6 سنوات من الموعد المحدد.

ويتعين على البحرين إنتاج 280 ميجاوات من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2025، وزيادتها إلى 710 ميجاوات بحلول عام 2035، لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة في البلاد، ووفقاً لهيئة البيئة المستدامة، ستعتمد المملكة بشكل أساسي على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتحويل النفايات إلى طاقة، لتقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة.

ومن البحرين إلى قطر، التي تمضي قدماً في تقديم تعهداتها المتعلقة بالمناخ، حيث حددت هدفاًً لخفض الانبعاثات بنسبة 25% بحلول عام 2030، من خلال عدة طرق، أبرزها تقييد الكربون وتخزينه في منشآت إنتاج الغاز، وهي إحدى التقنيات الحديثة التي تساهم في مواجهة أزمة المناخ، وفقاً لـ"Apnews".

ومؤخراً ربطت قطر شبكتها الكهربائية بمحطة للطاقة الشمسية، ستوفر 10% من احتياجات البلاد من الطاقة، فيما صممت منطقة راقية أطلقت عليها "مشيرب"؛ للاستفادة من تدفقات الرياح الطبيعية لتوليد الكهرباء في الدوحة، التي يتوافر بها أيضاً نظام مترو جديد، ومساحات خضراء وحدائق واسعة.