الإعلام والمناخ في "COP 28".. دور الصحافة البيئية على مائدة "الصحفيين العلميين"


سلمى عرفة
الاربعاء 06 ديسمبر 2023 | 08:58 مساءً

منذ انتبه العلماء إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بفعل غازات الدفيئة وما ينتج عنها من كوارث طبيعية يمتد تأثيرها إلى أبسط تفاصيل حياتنا اليومية، باتت توعية الرأي العام ركيزة أساسية في محاولة الإفلات من قبضة التغيرات المناخية، وبرز دور وسائل الإعلام لأداء هذه المهمة.

وعلى هامش مؤتمر المناخ "COP 28" الذي تستضيفه مدينة دبي بدولة الإمارات، عقد منتدى الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جلسة نقاشية حول "دور وسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الخطاب الإعلامي حول التغير المناخي"، أدارتها مؤسسة المنتدى الدكتورة نهى بلعيد، بمشاركة عدد من الخبراء والإعلاميين.

"بلعيد" أكدت، في مقدمة الجلسة، أن دور وسائل الإعلام بات أهم من أي وقت مضى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقارة إفريقيا حيث تتقاطع الديناميكيات البيئية والاجتماعية مع تأثير وسائل الإعلام في تشكيل الخطاب حول تغير المناخ.

مؤسسة المنتدى قالت إن الهدف من الجلسة هو تسليط الضوء على كيفية قيام وسائل الإعلام بدور محوري في تشكيل الرأي وفي التفاعل مع الأطراف المعنية.

وتابعت "هذه الجلسة التي يستضيفها منتدى الصحفيين العلميين، والذي يجمع ما يزيد عن 500 صحفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تضم الصحفيين فحسب بل تستضيف خبراء في الاستدامة كذلك، لبحث الدور المتعدد الأوجه الذي تلعبه وسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما يتعلق بتغير المناخ."

جهود "الصحفيين العلميين" لتعزيز الصحافة البيئية بدأت بالتزامن مع استعدادات "COP 28"، بإطلاق البرنامج التدريبي "الطريق الإعلامي إلى مؤتمر المناخ" بالتعاون مع منصة "جرين بالعربي".

الجوانب الإيجابية

ضيوف الجلسة النقاشية ومن بينهم الشيخ عبد العزيز النعيمي المستشار البيئي لحكومة عجمان، وأحد أبرز المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في مجال الاستدامة والمعروف باسم "الشيخ الأخضر"، تناولوا الطريقة الأمثل للوصول إلى الجمهور.

"النعيمي" لفت إلى ضرورة التركيز على الجوانب الإيجابية من القضية، مع مراعاة الاختلافات بين بلدان المنطقة وفهم ثقافة كل منها واحتياجات سكانها، مع الاهتمام بالمحتوى البصري والكتابة العميقة عن القضايا البيئية بسرد مختلف يربط العلوم بالحياة، مثل تفسير تأثير البصمة الكربونية على حياة القراء واحتياجاتهم وأموالهم.

أخطاء إعلامية

أما الدكتور فاضل قابوب رئيس المعهد العالمي للازدهار المستدام، فأشار إلى ما يجب على وسائل الإعلام تجنبه عند التعامل مع القضايا البيئة، قائلاً: "لو عرضت على شخص في الشرق الأوسط مقطع فيديو عن دب قطبي يعاني -بفعل التغيرات المناخية- فالرسالة لن تصل إليهم".

وأوضح "قابوب" زاوية التناول التي رصد اهتمام كافة القطاعات بها سواء الجمهور أو الحكومات أو وسائل الإعلام، وهي التعامل مع قضية التغير المناخي باعتبارها تحدياً اقتصادياً خاصة في منطقة الشرق الأوسط ودول الجنوب بشكل عام، لافتاً إلى أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في ربط الفرص الاقتصادية بالحلول المناخية.

تحديد الجمهور

وترى داليا عبد السلام رئيسة تحرير "Nature Middle East" أنه يجب تحديد الجمهور الذي نتعامل معه والتفريق بين الجمهور العام وصناع القرار، موضحة أن الجمهور العام لا يعي مصطلح الـ1.5 درجة مئوية الذي يشير إلى الدرجة التي يسعى العالم إلى قصر متوسط زيادة درجة حرارة عنده مقارنة بالقرن الـ19، لكن إذا تحدثنا عن تأثير ذلك على موارد المياه، والزراعة، والصحة، فقد يلفت انتباههم ويستمعون لما نقول.

عامل آخر أشارت إليه "عبد السلام" وهو الأسلوب الذي تقدم به المعلومات وضرورة أن يكون بسيطاً ومباشراً وجذاباً، علاوة على التنوع في اللهجة المستخدمة كالاستعانة بالأسلوب العاطفي أحياناً، والتحذيري في أحيان أخرى، إضافة إلى استخدام الإنفوجراف والإحصائيات، فضلاً عن الاستعانة برسوم الكاريكاتير داخل الموضوعات.

التركيز على الإنسان

الصحفي محمد السنباطي مراسل "scidev"، أشار إلى طبيعة الموضوعات التي تترك أثراً لدى الجمهور بالتركيز على القصص الإنسانية، قائلًا: "قد تكتب آلاف الموضوعات عن الأبحاث المتعلقة بالتغير المناخي، لكن قصة واحدة بسيطة حول سيدة لم تجد في السوق سمكاً رخيص الثمن لتشتريه، ما يزيد الأعباء على عائلتها التي كانت تعتمد عليه كمصدر رخيص للبروتين، وهو ما يحدث بفعل التغيرات المناخية".

القضايا البيئية والصحافة

التجارب الشخصية كذلك لها دور في تكوين عقول الصحفيين، وهو ما لفت إليه الإعلامي البيئي خالد سليمان، الذي ولد في إحدى المناطق النائية في كردستان العراق، أو كما أطلق عليها إحدى "القرى المنسية".

روى "سليمان" -خلال الجلسة- كيف كان والداه بمثابة نشطاء بيئيين دون أن يعلما أي شيء عن القضايا البيئية، إذ كانا يعيدان استخدام المياه بسبب نقص المياه اللازمة للشرب، وكان ذلك أحد دوافعه لدخول عالم صحافة البيئة.

وحول التحديات التي تواجه انتشار الصحافة البيئية، أشار "سليمان" إلى موقف تعرض له حين حاول نشر قصته الأولى في إحدى الصحف الشهيرة، حيث جاءه الرد حينها بأن هناك الكثير من القضايا الأخرى التي يهتمون بنشرها، مؤكداً أن غياب الأولوية عن القضايا البيئية لا يزال يمثل مشكلة حتى الآن.