تمويل التكيف مع تغير المناخ "متعثر".. كيف تعاني المجتمعات الأكثر احتياجاً؟


فيروز ياسر
الاربعاء 06 ديسمبر 2023 | 08:23 مساءً

رغم مرور 8 سنوات على تعهد الدول المتقدمة بتقديم 50 مليار دولار أمريكي سنوياً في اتفاق باريس 2015 لدعم المجتمعات التي تواجه التغير المناخي؛ لا تزال نتائج أبحاث التمويل المناخي تكشف عن قصور كبير في دعم المجتمعات الأكثر احتياجاً.

وسلَّطت كاثرين براون الزميلة الباحثة بمعهد ستوكهولم للبيئة، الضوء على ما توصلت إليه الأبحاث بشأن الدول التي لا تنال القدر الكافي من التمويل للتكيف المناخي، كما ذكرت حلولاً لحل الأزمة.

وفق رأي كاثرين فإن الدول الغنية فشلت في الوفاء بالتزاماتها البالغة 50 مليار دولار، وكل عام تتسع الفجوة بين الاحتياجات وبين الدعم؛ حيث أشار تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن احتياجات البلدان النامية من التمويل تزيد بمقدار 10-18 مرة عن تدفقات التمويل العام الدولي.

وتستضيف الإمارات كوب 28 بين 30 نوفمبر و12 ديسمبر 2023 في دبي بمدينة إكسبو دبي، بعد أن تعهَّدت بتوفير 100 مليار دولار دعماً للبلدان النامية لمواجهة التأثيرات المناخية القاسية على هذه البلاد.

تمويل لا يصل

وأوضح التقرير الأممي انخفاض التمويل المتعدد الأطراف والثنائي في البلدان النامية بنسبة 15% ووصوله إلى 21 مليار دولار أمريكي عام 2021؛ ما تسبب في فجوة مالية تصل إلى 194–366 دولاراً سنوياً.

وبسبب طريقة التمويل المناخي الحالية، فإن المجتمعات الهشة التي تقف في الخطوط الأمامية لمواجهة التغيرات المناخية، لا تحصل على الدعم الكافي، ومنها بلدان جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، وجنوب آسيا؛ حيث يصل نصيب الفرد الواحد في البلدان الإفريقية 5 دولارات سنوياً بين عامي 2014 و2018، وفق ما أوردته مجلتا Global Environmental Change، وClimate Policy.

وكشفت كاثرين براون لموقع "The Conversation" أن أسباب مشاكل التمويل تتضمن تداخل الضعف المناخي مع الصراعات وعدم الاستقرار السياسي وتفشي الفساد؛ حيث تتأثر 12 من بين 20 دولة بالصراعات السياسية، إضافةً إلى أنها الأكثر عرضةً للتغير المناخي.

من بين المعوقات الأخرى، أكدت الباحثة أن عدد المقترحات الخاصة بصناديق المناخ التابعة للأمم المتحدة – مثل صندوق المناخ الأخضر على سبيل المثال – تصل إلى مئات الصفحات، وتستغرق سنوات للتطوير والحصول على الأموال.

حواجز خفية

ووفق تقييمات موقع "Carbon Brief"، فإن هناك حواجز تمنع وصول الدعم الدولي إلى المجتمعات الهشة؛ حيث وصل 17% فقط من تمويل التكيف إلى المجتمعات المحلية. وبشأن ذلك، أوضحت أبحاث كاثرين أن العوائق الإدارية والسياسية هي السبب الرئيسي في انخفاض التمويل الخاص بالتكيف المناخي في مدغشقر وجمهورية موريشيوس بشرق إفريقيا على سبيل المثال.

ولفتت إلى أن الحكومات الوطنية تُعيِّن مستشارين أجانب يحصلون على أجور عالية لتخطيط المشاريع وتنفيذها ومراقبتها؛ ما يقلل الأموال المخصصة للمجتمعات الأكثر حاجةً.

ووفق ما رأته براون، فإنه يمكن ضمان وصول المزيد من التمويلات إلى المجتمعات الضعيفة بعدة خطوات؛ أولها وفاء الدول الغنية بالتزاماتها التي تعهدت بها في اتفاق باريس، والخطوة الثانية تخصيص صناديق الأمم المتحدة والبنك الدولي نسبةً أكبر من التمويل للبلدان الأكثر ضعفاً حتى إن كانت متأثرة بالصراع والفساد وعدم الاستقرار.

إصلاحات مقترحة

كما دعت الباحثة صناديق الأمم المتحدة إلى تخصيص المزيد من الموارد لمساعدة الدول المتضررة، من خلال إعداد المقترحات ودعم التكيف الذي يتماشى مع الأولويات الوطنية والمحلية، بدلاً من المطالبة بنتائج واضحة.

ونصحت الدول الغنية بالتغاضي، أو بتقبُّل ضياع بعض التمويلات بسبب سوء الإدارة والفساد، مقابل التركيز على الشفافية، ووصول التمويل إلى المجتمعات الأكثر احتياجاً.

وسلَّطت الضوء على تجربة صندوق المناخ الأخضر في دولة ناميبيا، التي تنطوي على تقسيم أموال التمويل إلى 31 منحة صغيرة للمنظمات المجتمعية، بدلاً من إنشاء مشروع واحد، وشاركت في دراسةٍ تُتابِع نتائج هذا النهج، لكنها أشارت إلى نتائج إيجابية مبكرة.

وبهذا فإن إصلاح تمويل المناخ أصبح أمراً مُلحاً؛ حيث يعد الفشل في التوصل إلى حلول أو خطوات جدية، من شأنه وضع الفئات الأضعف أمام تهديدات أكبر ناجمة عن التغيرات المناخية.