"الزبرجد الزيتوني".. مفتاح سحري من باطن الجبال لتقليل انبعاثات الكربون


إسراء محمد
الخميس 30 نوفمبر 2023 | 05:47 مساءً

لا تزال الطبيعة تحمل في طياتها أسلحة بيئية فعَّالة وقادرة على مواجهة التغيرات المناخية من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية.

وتوصَّل الباحثون إلى أن جبال الحجر التي يصل ارتفاعها إلى ما يقرب من 3000 متر فوق مستوى سطح البحر، وتتبع الخط الساحلي لسلطنة عمان والإمارات، قد تُخفِي في طيَّاتها أحد الحلول التي تُنقِذ الكوكب، نقلاً عن "Taipeitimes".

ورغم أن قمم ووديان الجبال قد تبدو قاحلة مقفرة، فإنها تحمل أحد مفاتيح إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري؛ إذ تُعَد هذه المنطقة موطناً لواحدة من أكبر رواسب الزبرجد الزيتوني (الأوليفين) في العالم، وهو معدن أخضر، وعند استخراجه وطحنه ونثره على طول الشواطئ، يساهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، بحسب موقع "Japantimes".

ويحتاج العالم إلى إزالة مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون مباشرةً من الهواء سنوياً بحلول منتصف القرن؛ لتجنب آثار تغير المناخ؛ ولذلك تحاول عدد من الشركات الناشئة القيام بذلك، باستخدام تقنيات تتراوح بين آلات احتجاز الكربون وعزل النفط الحيوي تحت الأرض.

فيما يتجه البعض الآخر إلى المحيط الذي يمتص بالفعل نحو ربع إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؛ حيث يُعَد معدن الزبرجد مفتاحاً سحرياً لتقليل مخاطر التغير المناخي.

بذر المحيطات

ولجأت إحدى الشركات إلى استخدام المعدن المستخلص من زيت الزيتون وطحنه على الشاطئ وفي المياه؛ لتسريع القدرة الطبيعية للمحيطات على إزالة ثاني أكسيد الكربون. وعندما يذوب الأوليفين في مياه البحر، يحدث تفاعل كيميائي يسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء ويحتجزه في النهاية بالمحيط على شكل بيكربونات مذابة.

وقد اختبرت إحدى الشركات هذه التقنية على شاطئ في منطقة هامبتونز في نيويورك؛ حيث نشرت الزبرجد الزيتوني على الساحل وخلطته بالرمال، ولكن أشارت الشركة إلى أن الشرق الأوسط قد يقدم أفضل فرصة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون بتكلفة زهيدة وعلى نطاق واسع؛ لوفرة هذا المعدن.

وأشار الرئيس التنفيذي للشركة توم جرين، إلى أن الأمر يتطلب ما يقرب من طن واحد من الزبرجد الزيتوني لإزالة طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي؛ ما يجعل تأمين الوصول إلى كمية هائلة من المعدن أمراً بالغ الأهمية، وخصوصاً أن الأوليفين هو من أكثر المعادن وفرةً في العالم.

وأضاف جرين أن الشركة حددت الخليج العربي موقعاً مثالياً لنشر تقنيتها؛ بسبب كيمياء المياه ودرجة حرارتها المرتفعة، إضافة إلى أنواع التيارات، كما تُعَد مياه الخليج من أكثر المياه دفئاً في العالم؛ ما قد يجعل عملية إزالة الكربون أكثر كفاءةً.

وتُعَد الإمارات العربية المتحدة من الدول المؤيدة لتقنيات احتجاز الكربون باعتبارها حلاً لأزمة المناخ. وتعمل إحدى شركات الطاقة في أبوظبي على مشروع لبناء أكثر من 40 مليون برميل من مخزن النفط في كهوف المنطقة الجبلية التي يمكن أن توفر كميات هائلة من الزبرجد الزيتوني.

ومن المتوقع أن يدفع المسؤولون الإماراتيون بقوة إلى احتجاز الكربون باعتباره حلاً مناخياً في قمة الأمم المتحدة COP28 التي تستضيفها دبي في نوفمبر الجاري.

بدوره قال سلطان الجابر رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) إن "دبلوماسية المناخ يجب أن تركز على التخلص التدريجي من الانبعاثات من النفط والغاز؛ ما يترك الباب مفتوحاً أمام استمرار استخدام الوقود الأحفوري بجانب عزل الكربون".

عقبات محتملة

وتبرز عدة عقبات أمام صناعة إزالة الكربون؛ أبرزها التكلفة المرتفعة لاستخدام تقنيات إزالة الكربون من الغلاف الجوي؛ إذ أوضح تقرير صدر عام 2022 عن الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن التكلفة المحتملة لنشر هذه التقنيات والتقنيات المماثلة في العقود القادمة تتراوح بين 100 و150 دولاراً لكل طن من ثاني أكسيد الكربون.

يأتي ذلك بجانب عدد من المشكلات الأخرى المتعلقة بتزويد المحيط بالأوليفين، بما في ذلك مقدار المعدن الذي يمكن أن يسرع عملية عزل ثاني أكسيد الكربون.

وقدر بيتر كيليمن أستاذ الكيمياء الجيولوجية في مرصد لامونت دوهرتي للأرض التابع لكلية المناخ بجامعة كولومبيا؛ أن نصف عمر عملية تحلل الأوليفين يبلغ نحو 70 عاماً؛ ما يعني أن نصف الأوليفين المترسب سيستغرق 70 عاماً ليذوب ويُزِيل الكربون.