لأنها الحلقة الأضعف في المجتمعات الهشة، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 80٪ من المشردين بسبب تغير المناخ نساء.
ومع تصاعد موجات تطرف المناخ، كالجفاف والفيضانات والأعاصير، تتزايد معدلات ارتكاب العنف ضد المرأة.
ويحيي العالم اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، في 25 نوفمبر من كل عام، لتعزيز جهود مواجهة الظاهرة التي تنتشر في مختلف أنحاء العالم، ومن بينها المنطقة العربية.
إحصائيات صادمة
وكل ساعة تمر من عمر الأرض تشهد مقتل 5 نساء أو فتيات على يد أحد أفراد عائلتهن، بينما تتعرض 1 من كل 3 نساء للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل على مدار حياتهن، وفق إحصائيات أممية.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تمر ما يزيد عن 30٪ من النساء بشكل من أشكال العنف على يد الشريك الحميم، لتحتل المنطقة المركز الثاني عالمياً في المعاناة من هذا النوع من العنف، بحسب تقديرات البنك الدولي.
وجاءت الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية، لتقوض الجهود المبذولة لمواجهة انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة؛ إذ تتحمل النساء سلسلة طويلة من المخاطر؛ بدايةً من خسارة دخل الأسرة وتدهور العلاقات بين أفرادها من جراء آثار تلك الكوارث، وصولاً إلى النزوح من منطقة إلى أخرى والتعرض لأخطار جمة خلال تلك الرحلة.
وفي عام 2022، لفت تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC" إلى أن هناك أدلة متزايدة على وجود علاقة بين الموجات المناخية المتطرفة وتراجع المساواة بين الجنسين، وزيادة نسب العنف المنزلي.
وخلص تقييم عالمي نشرته دورية The Lancet، في العام نفسه، إلى أن معظم الدراسات التي قام الباحثون بتحليلها (أكثر من 40 دراسة) كشفت زيادة شكل أو أكثر من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال الظواهر الجوية المتطرفة أو بعدها. ويرتبط الأمر بظواهر أخرى مثل عدم الاستقرار الاقتصادي، وانعدام الأمن الغذائي، وتعطيل البنية التحتية.
العنف المنزلي
وتناولت إحدى دراسات جامعة سانت كاثرين الأمريكية التي تضمنها التقرير، كيف أدت موجات الجفاف، والفيضان في كينيا إلى تفاقم الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في المحيط الذي يعشن بها، وارتفعت نسب العنف المنزلي بفارق 60٪ في المناطق التي شهدت موجات من الطقس المتطرف.
وكانت بايلوت لينا يجواناي هي إحدى الضحايا التي قتل الجفاف الماشية التي تمتلكها أسرتها؛ ما دفع زوجها إلى ممارسة المزيد من العنف نحوها هي وأطفالها الثلاثة.
تقول لينا يجواناي، في تصريح لصحيفة واشنطن بوست: "لقد كان إحباطه واضحاً، وكان يفرغ غضبه عليَّ وعلى الأطفال.. أعتقد أنه أراد التخلص منا بعدما بات عاجزاً عن إعالتنا".
لكن العنف الذي تواجهه النساء من جراء التغير المناخي لا يقتصر على العنف المنزلي فحسب، بل يقعن ضحية لأنواع مختلفة من الانتهاكات؛ إذ كشفت دراسة نشرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للطب عن زيادة تعرض النساء والفتيات للأذى خلال وقوع الكوارث الطبيعية بفارق 14 مرة.
العالم العربي
لفت تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان في 2023، إلى وجود علاقة بين الكوارث الطبيعية والعنف ضد النساء. وعلى سبيل المثال، أدت ندرة المياه في الأردن، إلى زيادة العنف التي تواجهه اللاجئات، سواء من الشريك الحميم أو خلال المسافات الطويلة التي تقطعها لإحضار المياه؛ ما يجعلها أكثر عرضة للاعتداءات الجنسية.
وفي مثال آخر ذكره التقرير، فإن التدهور البيئي الذي شهدته سوريا على مدى سنوات طويلة خلال فترة الجفاف الممتدة منذ عام 2009، أدت إلى هجرة ما يزيد عن مليون شخص من المناطق الريفية، لتواجه النساء والفتيات في هذه القرى بعد مغادرة رجالها عدة ظواهر أبرزها الحرمان من التعليم.
وكشفت الأبحاث التي أصدرها الصندوق في عامي 2021 و2022 أن موجات البرد المتطرفة التي ضربت شمال الدول العربية أدت إلى زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي لعدة عوامل، من بينها زيادة الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأزواج الذين خسروا وظائفهم، وباتوا يعجزون عن توفير الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم.
أما النساء اللاتي يَعُلْنَ أسرهن فكانوا أكثر عرضة للإيذاء والانتهاكات الجنسية عند محاولة الحصول على خيام جديدة أو توفير سبل التدفئة؛ وذلك بالتزامن مع أزمة النزوح التي شهدتها المنطقة.