المدن الذكية بالعالم العربي .. مجتمعات مستدامة في مواجهة التغيرات المناخية


فيروز ياسر
الثلاثاء 31 أكتوبر 2023 | 03:11 مساءً

بات التخطيط الحضري المنظم حاجة مُلحة، بالتزامن مع زيادة عدد سكان المدن في مناطق مختلفة حول العالم، كما تزايدت التحديات التي يلزم مواجهتها، مثل دعم الفئات الهشة وتعزيز المساواة.

واكتسبت المدن الذكية التي تحقق المعايير الصديقة للبيئة زخماً كبيراً خلال الفترة الماضية. وتبرز "جرين بالعربي" في اليوم العالمي للمدن الموافق 31 أكتوبر من كل عام، أشهر المدن العربية المستدامة.

السعودية

تقع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، بين مدينتي جدة ورابغ بالسعودية، وتعد من المشروعات الضخمة التي تسعى من خلالها المملكة إلى تحقيق أهدافها التي تشمل تقليل اعتمادها على عائدات النفط، وخلق فرص عمل لعدد السكان المتزايد.

ويضم المشروع الذكي الميناء الأكثر تقدماً في العالم من خلال التعامل مع البضائع بكفاءة، وتعزيز التجارة الدولية، إضافة إلى وجود منطقة صناعية مخصصة لتشجيع التصنيع والتنمية الصناعية للمساهمة في التنوع الاقتصادي.

كما تعتمد المدينة على مصادر الطاقة المتجددة، وتقنيات الحفاظ على المياه، وتملك أنظمة النقل المتقدمة كشبكة متكاملة من السكك الحديدية.

واستمراراً لمسيرة تحقيق أهداف الاستدامة بالسعودية، انطلق مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك" في عام 2021؛ حيث تتوافر مراكز البحث والابتكار لتشجيع التطور التكنولوجي وتبادل المعرفة، كما تجذب المناطق الصناعية داخل المدينة الشركات الوطنية والعالمية؛ ما يعزز الاقتصاد.

وتدمج المدينة مصادر الطاقة المتجددة مع الممارسات الصديقة للبيئة، وتدعم الاتصال العالي السرعة ومراكز البيانات للتحول الرقمي والابتكار؛ وذلك وفق موقع ZIGURAT Institute of Technology.

الإمارات

تعد مدينة مصدر في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مثالاً واعداً للتحديات الحضارية، ومنها الحد من انبعاثات الكربون والحفاظ على الطاقة؛ حيث تأسست عام 2006 ويبلغ عدد سكانها حالياً 4 آلاف نسمة، وتبلغ قدرتها المستقبلية نحو 50 ألف نسمة.

وينخفض استهلاك الطاقة والمياه في مباني المدينة الصديقة للبيئة بنسبة لا تقل عن 40٪، كما أن هناك ثلاثة مبانٍ قيد الإنشاء حالياً طاقتها تساوي صفراً، أي ستنتج القدر الذي تستهلكه من الطاقة، بحسب موقع Financial Times.

ورغم المناخ الجاف بالإمارات، فإن مدينة مصدر مُصممة للمشاة من خلال نظام توجيه الرياح، كما أن شوارعها ضيقة ومظللة لتعزيز الشعور بدرجة حرارة أقل بمقدار يتراوح بين 5-10 درجات مئوية، إضافة إلى وجود وسائل النقل الكهربائي والمركبات الذاتية القيادة.

وتضم المدينة أكبر مجموعة مبانٍ حصلت على التصنيف البلاتيني على مقياس LEED في العالم، من خلال الاستعانة بالأسمنت المنخفض الكربون والألومنيوم المعاد تدويره، كما جرى تصميم النوافذ لتكون مائلة لمواجهة أشعة الشمس، مع تصميم الجدران المحكمة الغلق مع وجود عزل عالي الجودة.

قطر

وتصنف مدينة لوسيل القطرية باعتبارها من أكبر المشاريع التجارية بالشرق الأوسط منذ عام 2006. وتقع المدينة المستدامة على بعد 22 كيلومتراً شمال العاصمة الدوحة ضمن الرؤية الوطنية لعام 2030.

ووفق موقع World Construction Network، جرى تصميم أنفاق تحت الأرض في المدينة، تكون وظيفتها نقل المياه المبردة عبر أنابيب لتبريد المباني بطريقة صديقة للبيئة وموفرة للطاقة.

وبالنسبة إلى وسائل النقل العام، تشمل شبكة السكك الحديدية الخفيفة التي تم الانتهاء من المرحلة الأولى منها في عام 2020 لربط المدينة بالدوحة في المستقبل والدول الأخرى بالخليج العربي.

كما توفر مدينة لوسيل التاكسي المائي وطرقاً لسير الدراجات والمشاة. وتنضم خدمة توصيل النفايات إلى مواقع إعادة التدوير ضمن قائمة الخدمات، كما يتم نقل مياه الصرف الصحي من خلال أنابيب تحت الأرض إلى محطة المعالجة خارج المدينة.

الأردن

في عام 2019، اعتمدت مدينة عمَّان شراكة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تطويرها وتحويلها إلى مدينة خضراء وإدخال الأنظمة الذكية بحلول عام 2025.

جاء ذلك بعد أن واجهت العاصمة الأردنية عمَّان التي يسكنها 10 ملايين شخص تحديات ضخمة منعتها من إدارة البنية التحتية بكفاءة بسبب النمو السكاني السريع، كما تزايد الطلب على معالجة مياه الصرف وتحلية المياه وشبكات الطاقة، بحسب موقع smart city korea.

لبنان

في قلب العاصمة اللبنانية، تقع منطقة بيروت الرقمية، التي تعد بمنزلة مركز ديناميكي للتكنولوجيا والنظام البيئي للشركات الناشئة في المنطقة.

وتسعى المنطقة إلى تعزيز الاقتصاد من خلال توفير مساحات عمل مشتركة بأحدث طراز، كما تتميز ببنية تحتية رقمية تضمن وصولاً موثوقاً وعالي السرعة للإنترنت.

وتتمتع "بيروت الرقمية" أيضاً بمساحات خضراء ومبانٍ موفرة للطاقة، إضافة إلى تدابير للحد من النفايات.

سلطنة عمان

كشفت سلطنة عمان النقاب عن خطة إنشاء مدينة السلطان هيثم الذكية التي تبلغ مساحتها 14.8 كيلومتر وتتسع لـ100 ألف شخص.

وأوضح أحد كبار المديرين المساعدين لشركة أمريكية ستتولى بناء المدينة، أنه من المقرر البدء في المشروع الذي سيضم 20 ألف منزل العام المقبل، على أن يتم اكتمال جميع مراحله عام 2045، وفق شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وأكد أن البنية التحتية للمدينة وظيفتها مراقبة العوامل البيئية، مثل جودة الهواء وإدارة المياه، إضافة إلى تقليل البصمة البيئية للمنطقة باستخدام مرافق الطاقة الشمسية، وإنشاء محطات تحويل النفايات إلى طاقة، وبحلول عام 2030 سيتم إنتاج 30٪ من الكهرباء من مصادر خضراء.

وأصبحت المدن الذكية الصديقة للبيئة واقعاً نظيفاً يتحتم على جميع الدول التركيز على إنشائها لمحاولة السيطرة على تأثيرات التغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة.