تقرير جديد لمؤسسة Global Witness وهي منظمة دولية غير ربحية معنية بحقوق الإنسان، كشف أن نحو 75% من علماء المناخ الذين يظهرون في وسائل الإعلام يتعرضون لإساءات عبر الإنترنت، وتتحمل النساء النصيب الأكبر منها.
ظاهرة الكراهية عبر الإنترنت قد تدفع علماء المناخ إلى التنحي عن المشهد في وقت نحتاج فيه إلى اتخاذ إجراءات مناخية
الاستطلاع الذى جرى بالتعاون مع مؤسسة YouGov للاستطلاعات، كشف أن 40% من العلماء المشاركين الذين اقترب عددهم من 500 عالما وقعوا ضحية لإساءات إلكترونية، ومضايقات تتعلق بوظائفهم على منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" و "تويتر"، وتتصاعد الأزمة بشدة لدى أصحاب الظهور الأكبر، كما هو الحال مع النساء والملونين.
الانتهاكات التي واجهوها تنوعت بين الهجوم على ما يقومون به، والتشكيك في مصداقيتهم، وتلقي تهديدات بالقتل، كما تعرض أفراد عائلاتهم إلى نقد لاذع، وكشف التقرير عن انتشار هذا النوع من الإساءات عبر الإنترنت، وتعرض الكثير منهم لتأثيرات جسمانية ونفسية شديدة، قد تقوض الخطاب المناخي، إذ تزيد تلك الاتجاهات المخاوف حول قدرة العالم على التعامل مع الأزمة.
ظاهرة الكراهية عبر الإنترنت قد تدفع علماء المناخ إلى التنحي عن المشهد في وقت نحتاج فيه إلى اتخاذ إجراءات مناخية أكثر من أي وقت مضى، لأن تأثيرات الخوف مرعبة.
هيلين موري عالمة المناخ في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، تروي ما حدث لها عندما شاركت زميلها في التوعية بأحد الموضوعات التي عملا عليها سويا، لكنها كانت الطرف الوحيد الذي يتلقى تعليقات سلبية، لتشعر أنهم يوصلون إليها رسالة مفادها أن العمل على هذه القضية لابد أن يترك للرجال.
أكثر من نصف السيدات اللاتي تعرضن للإساءة كشفن أن المضايقات شملت الحديث عن نوعهم الاجتماعي
وساهمت "موري" في تقارير اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي "IPCC"، وهي الجهة المختصة بعلوم المناخ التابع للأمم المتحدة، كما تعمل على القضايا البيئية والمناخية المتعلقة باتفاقية باريس ومن بينها اختيارات تقليل الانبعاثات في قطاع الشحن، والتقنيات السلبية في عالم الانبعاثات، علاوة على الهندسة الجيولوجية الشمسية.
وكشفت موري أن إطلاق عدة أسماء مسيئة عليها أمر يمكن تجاوزه بسهولة مقارنة بالتهديد بالموت، لكن الأمر يصبح صعباً للغاية عندما يتواصل بعضهم مع أفراد عائلتي.
متوسط تواصل عالمة المناخ مع الصحفيين يبلغ مرة واحدة أسبوعياً، لكن هناك ارتفاع ملحوظ في حجم الرسائل السلبية بعد أي ظهور، وذلك عبر البريد الإلكتروني، ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي خانة التعليقات، وعلى صفحات المنتديات، وعبر المكالمات الهاتفية.
أكثر من نصف السيدات اللاتي تعرضن للإساءة كشفن أن المضايقات شملت الحديث عن نوعهم الاجتماعي، بينما اقتصرت النسبة بين الرجال على 3%، كما أن 20% من النساء اللاتي أبلغن عن التعرض لعنف تلقوا تهديدات بالعنف الجسدي، و13% منهن هُددن بالعنف الجنسي.
العرق كذلك له دور في خطاب الكراهية
شورو داسجوبتا عالم الاقتصاد البيئي في المركز الأورو متوسطي قال، في حديثه لموقع "Vice" "غالبا ما يكون الأمر مشحونا بالعنصرية، لأنني رجل أسمر، ولأن المسيئين لا يتمكنون من انتقاد أبحاثنا أو منهجيتنا العلمية، فلا يهاجمون سوى النوع الاجتماعي أو العرق والأصول.
تأثير المضايقات والانتهاكات الإلكترونية لا يقتصر على جانب واحد، إذ كشفت الدراسة أن أكثر من 20% العلماء الذين تعرضوا لمضايقات باتوا يشعرون بخوف شديد من العمل، وأكثر من 50% أصبحوا أقل إنتاجية، وانتشر القلق بين ما يزيد عن 50%، بينما أصيب 20% منهم بالاكتئاب.
وعن اختيار وقت الظهور، تقول هيلين موري "أنا حريصة بعض الشيء، لذلك لا أوافق سريعا على أي فرصة أصادفها، أوافق على بعض الأمور لكن علي البحث ما إذا كان التوقيت مناسبا"، وتضيف هيلين "أنا مجرد إنسانة لذلك سأتأكد من أننا في الإطار الصحيح للتعامل مع كل هذه الأمور السلبية"
وتؤكد هيلين أنها لا ترغب في أن تصرف العلماء الشباب خاصة طلاب الدكتوراه الذين يرغبون المشاركة لكنهم مترددين بسبب اعتقادهم أنهم لن يتلقوا سوى الكراهية، فهناك الكثير من الإيجابيات في التواصل المناخي، فليس الأمر كله سلبياً، فهناك شعور لا يصدق تشعر به عندما تنجح في التواصل مع أحدهم.
خبراء المناخ يؤكدون على ضرورة قيام شركات وسائل التواصل الاجتماعي بتحسين أدائها فيما يتعلق بإدارة هذه المنصات، لكن موقع Vice وصف الأمر بأنه قد يكون صعباً خلال الأشهر المقبلة بعدما قام رجل الأعمال إيلون ماسك الذى اشترى منصة تويتر بـ"تدميرها" -على حد وصفهم- بتسريح الآلاف من الموظفين وعلى رأسهم الفرق التي تدير المحتوى وتراقب التحرش والمضايقات الإلكترونية.
يرى "داسجوبتا" إن الشركات لابد أن تتخذ منهجا استباقيا، وهو ما لا يحدث، لأنهم ينظرون إلى الأرباح في المقام الأول، وأضاف "إذا لم يستطيعوا القيام بذلك، فليتركوا الأمر للسلطات التي لابد أن تتدخل في الأمر.. لكننا لن نختبئ، بل سنضاعف ظهورنا للتحدث أكثر عن تغير المناخ".