على سبيل ابتكار تقنيات زراعية مستدامة صديقة لتخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة، ظهرت روبوتات النحل الآلية للقيام بعمل النحل الطبيعي بفاعلية أكبر.
والنحل الآلي آلات مصممة للقيام بعدة مهام؛ أبرزها تلقيح النباتات، ومراقبة صحة خلايا النحل، وزيادة أعدادها، كما تُستخدم لزيادة الإنتاج الزراعي، خاصةً مع تراجع صحة النحل في أنحاء العالم بفعل التغيرات المناخية، بحسب موقع "Built In".
ويلعب النحل دوراً أساسياً في الزراعة؛ حيث يساعد على تلقيح نحو 35% من المحاصيل الغذائية في العالم، بحسب تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية.
غير أن النحل بات يواجه ظروفاً مناخيةً قاسيةً جعلته عرضة للإصابة بالأمراض، في الوقت الذي تفاقم زيادةُ عدد سكان من الأزمة بسبب زيادة الطلب على الغذاء.
وانضم النحل الآلي إلى قائمة الحلول الفعالة للتغلب على هذه المشكلات، والوصول إلى أفضل النتائج؛ إذ قام باحثون ومهندسون بتجربة الآليات التي يمكن للروبوتات من خلالها القيام بعمل النحل الحقيقي.
وظهرت أشكال مختلفة للنحل؛ بعضها يُحلِّق بمراوح هوائية، وتستخدم شعيرات من شعر الخيل الأيونية السائلة المغطاة بالهلام لجمع حبوب اللقاح ونقلها من نبات إلى آخر.
فيما يُزوَّد البعض الآخر بأجنحة مرنة مدعومة بعضلات اصطناعية ومزودة بلوحات كهروستاتيكية. وهناك نوع ثالث لا يطير نهائياً، بل يتدحرج على الأرض، ويلقح الأزهار من خلال تقنية نبضات الهواء.
تحكم اصطناعي
وطور باحثون من جامعات دورهام البريطانية، وغراتس النمساوية، والشرق الأوسط والجامعة التقنية التشيكية، جهازاً سداسي الأرجل يقوم بعمل ملكة النحل، مع تثبيت كاميرا مركزية بداخلها لرصد مدى فاعليتها، إضافة إلى وضع ستة أجزاء اصطناعية في الحجم الفعلي نفسه للنحل الحقيقي.
وتعد الزراعة العمودية أو الرأسية من الممارسات الحديثة لإنتاج المحاصيل التي تعتمد على استخدام مرافق تحكم اصطناعية مثل الضوء، ومن ثم يمكن زيادة ضوء الشمس من خلال الإضاءة الاصطناعية والعاكسات المعدنية.
ويرى العلماء أنه يمكن من خلالها القدرة على تعزيز الإنتاج الغذائي عالمياً، ومن ثم تعتبر روبوتات النحل الآلي من التقنيات الهامة التي تساهم بشكل كبير في ازدهار الزراعة العمودية.
وفي عام 2012، شهد العالم افتتاح أول مزرعة رأسية تجارية بالعالم في سنغافورة، أعقبها ظهور العديد من الشركات بهدف مساعدة الأنظمة المستدامة، مثل الزراعة المائية، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي لمراقبة نمو النباتات، وفق موقع Scientific American.
واعتقد بعض الخبراء والشركات أن هذه المزارع يمكن أن تعالج انعدام الأمن الغذائي العالمي بدون البصمة المائية الهائلة للعمليات التقليدية للزراعة، ومساحات الأراضي التي تحتاجها، لكن توماس جراهام الباحث في الزراعة البيئية الخاضعة للرقابة في جامعة جويلف في أونتاريو بكندا، أوضح أن هذه المزارع "لديها القدرة على المساهمة بقدر كبير في الأنظمة الغذائية فحسب".
النبات الآلي
ولمواجهة الأزمة السكانية وزيادة الطلب على المحاصيل، يقول الخبراء إنه لا بد من التوسع في المزارع العمودية، من خلال إيجاد أساليب جلب الملقحات إلى العمليات الزراعية الداخلية العالية التقنية؛ إذ تحتاج ثلث المحاصيل التي نأكلها إلى الملقحات كالنحل، وفي الوقت نفسه من الصعب أن يقوم النحل بدوره في مزرعة عمودية؛ لأنه يصعب عليه التنقل تحت تأثير الضوء الاصطناعي، كما أن التلقيح اليدوي يستغرق وقتاً طويلاً.
وبناءً على ذلك، عمل الباحثون على الملقحات الآلية أو روبوتات النحل لأكثر من 10 سنوات، حتى طورت ماهلا نجاتي الباحثة في جامعة أوكلاند بنيوزيلندا، روبوتاً مستقلاً لقطف الكيوي والتفاح من المزارع.
فيما أكد فرشاد أرفين عالم الروبوتات بجامعة دورهام في المملكة المتحدة، أن "ملكة النحل يمكنها الاستمرار في وضع البيض في الوقت المناسب، ومن ثم فإن من المتوقع أن يكون لدينا حضانات أكثر صحةً، وهذا بدوره سيُحسن التلقيح".
وفي جامعة دلفت للتكنولوجيا بهولندا، أكد خبراء في مجال الروبوتات أنهم سيكونون قادرين على إنشاء أسراب من طائرات بدون طيار تشبه النحل لتلقيح النباتات إذا اختفت الحشرات على أرض الواقع.
ويمكن للطائرات بدون طيار السفر بسرعة تصل إلى 15 ميلاً في الساعة، وأن تكون أكثر كفاءةً في تحليقها من طائرات الهليكوبتر؛ ما يعني أن بطارياتها ستدوم لفترة أطول، كما يمكن تزويدها بأجهزة استشعار مكانية، بحيث تطير بشكل مستقل من نبات إلى آخر، وتتجنب العقبات أثناء ذهابها؛ وذلك نقلاً عن " The Guardian".
كما طور الباحثون تقنية جديدة تسمى "جذور النبات الآلي" تمتد إلى الأرض، يمكن أن تتكيف وتتفاعل مع النباتات والفطريات، وتدعم نموها بشكل صحي. وتعزز هذه التقنية من الحفاظ على النظم البيئية، كما تحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق حبس الكربون، بحسب موقع "European Commission".
وجرى ابتكار جذور روبوتية ناعمة متغيرة الشكل يمكنها التكيف والتفاعل مع النباتات. وتدور الفكرة حول استخدام جذر نبات آلي ثلاثي الأبعاد مصغر، يمكن أن يصل إلى جذور النباتات؛ بهدف تسريع وتيرة النمو.