كعامل مساعد، ساهم تناقص أعداد الحيوانات الآكلة للأعشاب، بجانب التغيرات المناخية، في إضرام الحرائق بالغابات، وفقدان التنوع البيولوجي في العديد من دول العالم.
والحيوانات الآكلة للعشب قادرة على تناول المواد النباتية المتراكمة التي تعمل كوقود للحرائق، وتنظيم طبقات التربة.
ووفق الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، فإن نحو 60% من أكبر الحيوانات العاشبة البرية في العالم مُعرضة للانقراض، خاصة في الدول النامية، بسبب الصيد الجائر وإزالة الغابات، وتدهور البيئة، والتوسع في الزراعة، وتربية الماشية.
ومؤخراً اندلعت حرائق ضخمة في الغابات على وقع التغيرات المناخية، وتسببت في وفاة آلاف الأشخاص سنوياً في 43 دولة؛ إذ خسرت الولايات المتحدة وحدها نحو 18 مليار دولار العام الماضي بسبب حرائق الغابات.
حرَّاس الغابات
والحيوانات العاشبة الكبيرة، مثل الثور الأمريكي، ووحيد القرن الأبيض، تتمثل وظيفتها الأساسية في قص العشب وأكل الشجيرات؛ ما يقلل الحشائش المتسببة في حرائق الغابات، لكن تغير عاداتها الغذائية أدى إلى اضطراب تكوين الغطاء النباتي بالمساحات الشاسعة، وخلق موائل متنوعة، وهو ما أثر على انتظام وسرعة وقوة حرائق الغابات بالسلب.
وحيوانات مثل الجاموس الإفريقي، والغزال الأحمر الموجود بدول أوروبية وبعض دول شمال إفريقيا، قادرة على إنشاء مصدات للحرائق تتكون من فجوات خالية من النباتات والمواد القابلة للاشتعال.
ووفق مجلة العلوم الأمريكية Scientific American، تشير الأدلة الأثرية إلى أن انقراض أنواع مثل الماموث والكنغر العملاق، وغيرهما من الحيوانات الضخمة نتيجة التوسع البشري منذ أكثر من 10 آلاف سنة، أدى إلى زيادة حرائق الغابات.
وانقراض 29 نوعاً من الحيوانات العاشبة من أصل 315 خلال الـ200 عام الماضية بأستراليا، أدى إلى ارتفاع معدلات الحرائق؛ نتيجةَ تراكم فضلات الأوراق التي كانت تتحلل على يد هذه الكائنات المُنقذة للنظام البيئي بالغابات.
كما رصدت إدارة الأسماك والحياة البرية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية انخفاضاً حاداً في أعداد الغزلان ذات الذيل الأسود، والغزال البغل بين عامي 1960 و2017، ليصل عددها إلى 532 ألفاً من أصل 850 ألفاً. وأدى ذلك إلى تراكم النباتات القابلة للاشتعال، بعدما كان الغزال الواحد يستهلك نحو 3.5 كيلو من الأعشاب يومياً.
إعادة إحياء
وأولت أستراليا اهتماماً لإعادة إحياء الحيوانات الآكلة للعشب؛ بهدف الوقاية من الحرائق، لا سيما بعد أن ظهرت أنواع من الفئران والكنغر في المناطق التي اختفيا منها، ثم لاحظ الباحثون انخفاض كميات الأوراق وتغيراً في ارتفاع اللهب وسرعته.
ويعتبر رعي الماشية من الطرق السائدة في جنوب ولاية أريزونا الأمريكية لتخفيف حدة الحرائق. أما النهج الذي تسير عليه جزيرة إسبانيولا – وهي إحدى جزر غالاباغوس في الإكوادور – فهو إعادة إدخال السلاحف العملاقة التي نظمت الشجيرات، وخلقت طرقاً لتخفيف النباتات التي تعمل كوقود للحرائق.
من بين الاستراتيجيات التي طرحها الخبراء، الجمع بين الرعي والحيوانات العاشبة التي تتغذى على أوراق الشجر والبراعم والشجيرات؛ إذ يتحقق توافق لتفضيلات الحيوانات مع النباتات المحلية، مثل اكتشاف أنواع معينة من الماعز لديها قدرة على تقليل الكتلة الحيوية للوقود مقارنةً بالأبقار؛ وذلك لأن الأولى تتغذى على أنواع نباتية أكثر تنوعاً، مثل فروع الأشجار واللحاء غير صالح للأكل.
وذكرت مجلة العلوم الأمريكية أن تجاهل إعادة إدخال الحيوانات الآكلة للعشب في المناطق المعرضة للحرائق؛ يُعرِّض حياة البشر للخطر، ويُدمِّر اقتصاد الدول، إضافةً إلى تهديد التنوع البيولوجي والموائل الحيوية.
والسيناريو الأسوأ الذي يحدث حالياً، أن الحرائق الضخمة تُطلِق المزيد من الكربون المُخزَّن بالغابات؛ ما يؤدي إلى تفاقم تغيُّر المناخ، إضافةً إلى مخاوف العلماء من اندلاع حرائق الغابات في أماكن جديدة لم تصل إليها من قبل.