بدائل السدود.. 3 طرق لمواجهة التغيرات المناخية


مروة بدوي
الاربعاء 20 سبتمبر 2023 | 05:04 مساءً

رغم فوائدها في الحماية من الفيضانات وتوفير المياه والطاقة الكهرومائية، فإن بناء السدود ساهم أيضاً في تدهور النظم الإيكولوجية للأنهار.

وتعتبر الطاقة الكهرومائية المصدر الرئيسي للطاقة المتجددة في العالم، وتمثل نحو 71% من الإنتاج العالمي للطاقة المتجددة، لكن يتم استغلال 22% فحسب من الإمكانات العالمية حتى الآن.

ووفق الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، تسببت السدود في فقدان وتدهور النظم الإيكولوجية للأنهار والخدمات التي توفرها للمجتمع، كما ساهمت أيضاً في تفاقم تداعيات التغيرات المناخية.

"جرين بالعربي" رصدت أبرز 4 آثار سلبية لبناء السدود المائية، وهي:

1– تغير النظم البيئية:

تحجب السدود رواسب الأنهار، التي تغذي الأرض الزراعية وتجعلها خصبة، كما تحمل الغذاء للأسماك والغطاء النباتي بأكمله على طول النهر. عندما تتوقف الرواسب من الطمي والطين عن التدفق في مجرى النهر، يكون لدينا نهر ميت، وعند إقامة السدود تتوقف إمدادات الأنهار من الرواسب؛ ما يؤثر على تكوين السهول الفيضية والحواجز الرملية ومصبات الأنهار والدلتا.

2– تدمير الموائل:

أي تغيير في مجرى النهر قد يؤثر على الموائل الطبيعية، ويهدد التنوع البيولوجي، وبوجه خاص الكائنات المهددة بالانقراض والأنواع المهاجرة.

وتتأثر الموائل الواقعة في اتجاه مجرى النهر بشدة بالتغيرات في مستويات الملوحة والأكسجين بالماء؛ نظراً إلى ارتفاع معدل التبخر ونمو الغطاء النباتي المائي داخل الخزان نفسه؛ فإن المياه التي ينقلها السد إلى النهر تحتوي عادةً على نسبة ملوحة أعلى، وتركيز أكسجين أقل من المعتاد؛ ما يعرض الكائنات الحية للخطر، كما تعطل السدود مسار هجرة الأسماك التي اعتادت رحلتها كل عام.

على سبيل المثال، يحتوي نهر الأمازون على أكبر تجمعات متنوعة من الأسماك في العالم، ويُعَد واحداً من أكثر مصايد الأسماك الداخلية إنتاجيةً؛ حيث يوجد نحو 2320 نوعاً من الأسماك في حوض الأمازون.

وعند دراسة تأثير إنشاء السدود على تجمعات ومصايد الأسماك في حوض الأمازون، يُلاحَظ أنه انخفض عدد الأسماك بنسبة 25% بعد إنشاء السدود على نهر توكانتينس Tocantins، كما وُجِد أن التغيرات في حركة الرواسب المرتبطة بالسدود تؤدي إلى تعديل توافر الكربون والفوسفور، ومن ثم تغيير مصايد الأسماك.

3– غازات الاحتباس:

التغيرات في تدفق مجرى النهر وكمية الرواسب الناتجة عن إنشاء السدود، خاصةً الموجودة في المناطق الاستوائية، تؤدي إلى اختلافات كبيرة في تكوين السهول الفيضية والأراضي الرطبة؛ ما قد يتسبب في تدمير الغابات المحيطة ويُلغي وظيفتها مثل أحواض للكربون.

وتساهم إزالة الغابات بدرجة كبيرة في تغيير المناخ؛ لأن الأشجار لم تَعُد تُخزِّن ثاني أكسيد الكربون، ومع تحلل الغطاء النباتي الميت، تطلق النباتات المتحللة غاز الميثان أحد غازات الدفيئة القوية.

4– تشريد السكان

غالباً ما تتسبب السدود في تشريد السكان الأصليين الذين أُبعدوا عن مواقع بناء السدود وفقدوا منازلهم، ومعظمهم يأتون من مناطق فقيرة متأثرة بالفعل بالتغيرات المناخية.

ووثَّق تقرير صادر عن اللجنة الدولية للسدود، المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن مشاريع بناء وتطوير السدود؛ حيث تم تهجير 40 إلى 80 مليون شخص، وقد ثبت أن من الصعب توطينهم بشكل صحيح.

يأتي ذلك بجانب أن مجتمعات النازحين من الصيادين، التي تعتمد فيها سبل العيش والنظم الغذائية بشكل كبير على مصايد الأسماك، تتأثر سلباً بسبب التغييرات التي تُحدِثها السدود الكبيرة في النظام البيئي.

وتتسبب السدود القديمة في مخاطر جديدة، تتعلق بالصيانة والإصلاح، وقد تؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح إذا انهارت، في حين تتطوَّر تكنولوجيا بناء السدود، إلا أنها ستظل مكلفة؛ نظراً إلى ارتفاع تكاليف الصيانة والسلامة.

السدود العربية

تعد المنطقة العربية هي أكثر مناطق العالم ندرةً من حيث المياه؛ إذ تعاني 19 دولة من إجمالي 22 من ندرة المياه، وفق تقديرات أممية.

لذلك لجأت دول المنطقة إلى بناء السدود المائية لتوفير احتياجاتها اللازمة، لكنها على الجانب الآخر تسببت في أضرار بيئية واجتماعية واقتصادية، منها زيادة وتيرة الجفاف، وانخفاض جودة المياه، وغيرهما.

وبناء السدود ليس دائماً الحل الأمثل لتلبية احتياجات التنمية، وبدأ العديد من المجتمعات والمنظمات تبحث عن بدائل السدود لتخزين المياه وإدارتها بشكل صحيح.

"جرين بالعربي" رصدت أبرز 3 بدائل جديدة لبناء السدود المائية، وهي:

1– إعادة تغذية المياه الجوفية:

تعتمد تقنية إعادة تغذية طبقة المياه الجوفية، على تسريب المياه بشكل مصطنع إلى باطن الأرض. وتُستخدَم هذه العملية لتجديد طبقات المياه الجوفية التي استُنفدت بسبب الإفراط في الاستخدام أو الجفاف، وتعتبر من أهم الحلول لتأمين المياه الجوفية وتحسين جودتها بدلاً من مياه السدود.

وتعتمد إعادة التغذية لطبقات المياه الجوفية على توافر المياه العذبة في موقع الطبقة الجوفية نفسه؛ من أجل إعادة التجديد. ويمكن أن يكون مصدر التغذية طبيعياً مثل المياه السطحية أو مياه الأمطار والفيضانات، أو مصدراً غير طبيعي مثل المياه المحلاة أو المنقاة.

2– حصاد مياه الأمطار:

تسمح التكنولوجيا بتجميع التساقطات من أي سطح مناسب، بهدف تخزينها واستخدامها في أغراض متعددة خلال فترات الجفاف ونقص المياه، وهي طريقة مستدامة تؤمن المياه للزراعة والرعي والاستخدام المنزلي.

وأصبحت هذه الطريقة شائعة بشكل متزايد؛ نظراً إلى تكلفتها المنخفضة وملاءمتها للبيئة، بحيث يتم تجميع مياه المطر من أسطح المباني وغيرها من الأسطح غير المسامية في خزانات تُبنَى من الحجارة.

ويعتمد البنك الدولي نظام تجميع مياه الأمطار في اليمن، التي تُعَد من أكثر الدول معاناةً من شح المياه؛ من أجل مكافحة شح المياه، وتوفير فرص للعمل، والحصول على مياه نظيفة وصالحة للشرب في القرى المحلية.

3– تحلية المياه:

تُعَد تحلية المياه هي البديل الأكثر شعبيةً في العالم؛ حيث تتضمن هذه العملية إزالة الملح والملوثات من مياه البحر وتحويلها إلى مياه شرب عذبة. ورغم أنها عملية مكلفة نسبياً، يمكن استخدامها في المناطق التي تندر فيها موارد المياه العذبة.

وتُعتبَر أبرز الانتقادات التي تواجه تقنية تحلية المياه، أنها تميل إلى أن تكون كثيفة الطاقة، وتنتج مياه صرف مالحة تسمى المحلول الملحي، ويمكن أن تدمر النظم البيئية البحرية، لكن الأبحاث أثبتت أنه إذا أديرت العملية بعناية، فإن ارتفاع معدلات تحلية المياه قد لا يضر بالنظم البيئية البحرية في المنطقة.

وقطعت بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شوطاً طويلاً في عملية تحلية المياه؛ حيث تنتج المنطقة نحو 48% من الإنتاج العالمي اليومي للمياه المحلاة، وفق تقرير صادر عن BNC Intelligence.