بين فيضانات وأعاصير وموجات ارتفاع للحرارة غير مسبوقة، تُلقِي التغيرات المناخية بظلالها على المنظومة الرياضية، لتهدد البنية التحتية للملاعب والمرافق.
وتواجه كرة القدم – وهي اللعبة الأكثر شعبيةً وجماهيريةً في العالم – خطر الفيضانات التي تغمر الملاعب العشبية نتيجة ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن واحداً من بين أربعة ملاعب في الدوري الإنجليزي قد تغمره مياه الفيضان سنوياً بحلول عام 2050، وفق تقديرات شبكة Rapid Transition Alliance، وهي مجموعة دولية من الأكاديميين والناشطين يدعون إلى استجابة أسرع لقضية تغيُّر المناخ.
وفي تجربة مشابهة عام 2015، تعرض الملعب الخاص بفريق كارلايل يونايتد للغرق بسبب الأمطار الغزيرة في شمال غرب إنجلترا، وأجبر النادي على الخروج من الملعب سبعة أسابيع وتحمل أعباء مالية كبيرة، وقد يكون ذلك حدثاً مكرراً في المستقبل في كل أندية العالم.
وبسبب الظواهر المناخية المتطرفة، سيكون من الصعب الالتزام بمواعيد محددة في جداول المباريات، وتصبح فكرة تأجيل مباراة أو إلغائها بسبب الظروف الجوية أمراً عادياً ومكرراً في المستقبل.
رياضات شتوية
وهناك رياضات تعتمد في ممارستها على الجليد، مثل الهوكي والتزلج على الجليد، وتواجه تلك الألعاب مستقبلاً غامضاً وتحديات خطيرة بسبب رعونة الظواهر المناخية وارتفاع درجات الحرارة.
يتوقع الباحثون أنه من بين 19 مدينة استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية سابقاً، سوف تتمكن 10 مدن فقط من رعايتها بحلول عام 2050، قبل أن ينخفض العدد إلى 6 فقط عام 2080.
ويزيد تذبذُب سقوط الثلوج وذوبان الأنهار الجليدية، الضغوط على تلك الرياضات؛ حيث لجأت دورة الألعاب الشتوية بكين ٢٠٢٢ إلى اعتماد الثلج الاصطناعي عوضاً عن الطبيعي نتيجة الاحترار العالمي. وخلال العام الحالي أُجبرت منتجعات التزلج الأوروبية على الإغلاق بسبب موجات الاحترار وعدم سقوط الثلوج.
رياضات مائية
من أهم الألعاب التي تعتمد على الموائل الطبيعية، ركوب الأمواج والسباحة والتجديف وسباقات الزوارق واليخوت، لكن تآكل الشواطئ وارتفاع مستوى سطح البحر وتغير التيارات البحرية والأعاصير، كل ذلك هدد وجود هذه الرياضات والسباقات التابعة لها،
كما أن ارتفاع درجات حرارة المسطحات المائية، يمثل تهديداً غير مباشر للرياضات البحرية؛ حيث يدفع المفترسات، مثل أسماك القرش، إلى هجر موائلها والنزوح إلى نطاق وجود السباحين وممارسي الرياضات؛ ما يؤدي إلى حدوث مواجهات بينهما وإغلاق الشواطئ.
الجولف
وتنضم لعبة الجولف إلى قائمة المتضررين من التغير المناخي؛ حيث تواجه الملاعب الساحلية خطراً مباشراً بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل الشواطئ.
ويذكر تقرير شبكة Rapid Transition Alliance، أنه سوف يتضرر واحد من كل 6 ملاعب في بطولة بريطانيا المفتوحة نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر.
وسوف تعاني ملاعب الجولف التاريخية على سواحل العالم من تداعيات التغير المناخي، وتتناقص مساحتها بسبب تآكل الشاطئ، وتُجبَر على بناء حواجز صخرية ضخمة لحماية الملعب والحفاظ على عدد الحُفَر في الملاعب.
سباق السيارات
ولم تَعُد حلبة سباق السيارات خارج القائمة، بل تشهد تداعيات الأزمة المناخية. وفي مايو الماضي اضطر مُنظِّمو سباق الجائزة الكبرى في إيمولا إلى إلغاء السباق بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة التي ضربت إيطاليا للحفاظ على السلامة العامة للمشاركين والجمهور والصحفيين.
تسلق الجبال
يحذر خبراء تسلق الجبال من أن هذه الرياضة باتت أكثر خطورةً بسبب تغير المناخ؛ حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة في جبال الألب إلى ضعف الغطاء الجليدي وسقوط الصخور والانهيارات الأرضية بوتيرة متكررة.
وقد تأثرت جميع مسارات التسلق بتغير بعض الطرق الكلاسيكية، تفادياً للمخاطر المتزايدة، كما تم تغيير مواسم التسلق.
وأظهرت عدة دراسات في أماكن مختلفة أن ممارسة التسلق أصبحت محفوفة بالمخاطر، ومنها جبل مون بلان على الحدود الفرنسية الإيطالية، الذي عانى من تدهور كبير في التربة الثلجية؛ ما أدى إلى عدم استقرار المنحدرات وسقوط الصخور.
ويرى خبراء تسلق الجبال الأمريكية أن الجمع بين الصدوع التي أصبحت غير قابلة للعبور، وزيادة خطر التساقطات الجليدية والانهيارات الصخرية، جعل العديد من الطرق المعروفة أكثر خطورةً وأقل قابليةً للتنبؤ بها.
رياضة التنس
وتواجه رياضة المضرب تحديات خطيرة من ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على اللاعبين، واتضح ذلك في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس عام 2014، التي شهدت موجة حرارة شديدة؛ ما دفع المنظمين إلى إيقاف اللعب في اليوم الرابع من البطولة عقب انتقادات اللاعبين.
كما أدى الدخان الناتج عن حرائق الغابات إلى توقف اللعب في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس في نسخة 2020، التي عانت من تداعيات التغير المناخي، بعد حريق ضخم في الغابات أدى إلى تدهور نوعية الهواء، وأصيب بعض اللاعبين بنوبات سعال أجبرت بعضهم على وقف اللعب، وأعلن القائمون على البطولة اعتماد مقياس لجودة الهواء لتحديد متى يجب تعليق المباريات.
ورغم كل هذه التحديات، ما زالت صناعة الرياضة تقدم خططاً مستقبليةً وتحاول الحفاظ على وجودها، لا سيما بعد أن أصبحت الاتحادات العالمية أكثر وعياً بضرر التغير المناخي؛ حيث وقَّع بعضها بالفعل على خطة عمل الأمم المتحدة من أجل تحييد أثر الكربون بحلول عام ٢٠٥٠.