بجانب تأثير تغير المناخ في زيادة مخاطر الكوارث الطبيعية، فإن الاحترار العالمي قد يؤدي إلى انخفاض الدخول؛ بسبب فقدان الممتلكات والمحاصيل والوظائف، لا سيما في الدول النامية.
ويؤدي تغير المناخ إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية؛ ما يؤثر على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومن ثم يؤثر على الذين يعتمدون على المحاصيل لتأمين احتياجاتهم المعيشية.
ويُعَد أصحاب الدخول المنخفضة من أكثر الفئات المتأثرة بمخاطر التغيرات المناخية؛ نظراً إلى تردي معدل الإنتاجية وتراجع إيرادات العمالة.
توزيع غير عادل
وقد تؤدي الزيادة الصغيرة في متوسط درجة الحرارة العالمية (حتى درجتين مئويتين مقارنةً بمستويات عام 1990) إلى قطاع سوق سلبي في العديد من البلدان النامية.
وبحلول نهاية القرن الحالي، يمكن أن يؤدي الاحترار إلى تقليل ساعات العمل بنسبة تصل إلى 10% في المناطق الاستوائية؛ ما يؤثر سلباً على الإنتاجية والرواتب.
كما يؤدي الاحترار إلى تدهور الإنتاجية الزراعية وإيرادات العمالة؛ إذ شهدت الدول النامية انخفاضاً بنسبة 6.7% في دخلها القومي في المتوسط، في حين شهدت الدول ذات الدخل المرتفع انخفاضاً بنسبة 1.5% في المتوسط.
خسائر اقتصادية
ووفق دراسة للأمم المتحدة عام 2022، يؤثر تغير المناخ بشكل غير متناسب على ذوي الدخل المنخفض، خاصةً أنهم أكثر عرضةً للعيش في مناطق تتعرض لظواهر جوية متطرفة، مثل الفيضانات والجفاف.
وجدت الدراسة أن الفيضانات في جنوب آسيا في عام 2021 تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ14 مليار دولار أمريكي. وهذه الخسائر أثرت بشكل كبير على ذوي الدخول المنخفضة، الذين يعتمدون على الزراعة والصيد والسياحة.
كما وجدت أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى تغير الظروف المعيشية؛ حيث يمكن أن تجعل هذه التغيرات من الصعب على ذوي الدخول المنخفضة العيش.
على سبيل المثال، وجدت هذه الدراسة أن ارتفاع مستوى سطح البحر في جزر المالديف يمكن أن يؤدي إلى إجلاء 80% من السكان بحلول عام 2100، وهذا من شأنه أن يترك ملايين الأشخاص بلا مأوى أو دخل، لا سيما في البلدان النامية الأكثر عرضةً لتأثيرات تغير المناخ.
البلدان النامية
وأجرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) دراسة في عام 2021 بعنوان "تغير المناخ والفقر"، كشفت أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة الفقر المدقع على مستوى العالم بنسبة تصل إلى 10% بحلول عام 2030.
كما وجدت الدراسة أن تغير المناخ يمكن أن يؤثر على سبل العيش لذوي الدخول المنخفضة، من خلال انخفاض إنتاجية المحاصيل وزيادة مخاطر الكوارث الطبيعية.
ويؤثر انخفاض إنتاجية المحاصيل على ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ ما يساهم في تضرر الذين يعتمدون على المحاصيل لتأمين احتياجاتهم الغذائية.
واستنتجت الدراسة أن البلدان النامية هي الأكثر عرضةً لتأثيرات تغير المناخ؛ لأن هذه البلدان لديها أنظمة بيئية أقل قدرةً على التكيف مع آثار تغير المناخ.
إجراءات عاجلة
كما أجرت جامعة كامبريدج دراسة في عام 2020 بعنوان "تغير المناخ وعدم المساواة في الدخل"، وجدت أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدم المساواة في الدخول.
ووجدت الدراسة أن ارتفاع مستوى سطح البحر في سريلانكا، يمكن أن يتسبب في فقدان الملايين من الأشخاص لممتلكاتهم، ومن ثم تفاقم الفقر في البلاد التي تعتمد على الزراعة والصيد الساحلي.
وبحسب الدراسة ذاتها، فإن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدم المساواة داخل البلدان. ويمكن أن تستفيد البلدان الغنية من تغير المناخ من خلال الاستثمار في تقنيات جديدة مثل الطاقة المتجددة؛ ما يؤدي إلى زيادة الفجوة بين البلدان الغنية ونظيرتها الفقيرة.
وأوصت الدراسات بزيادة الاستثمار في مشاريع التكيف المناخي في البلدان النامية، وتعزيز قدرات البلدان النامية على إدارة مخاطر الكوارث الطبيعية، ودعم الجهود الرامية إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كما دعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة تغير المناخ، بهدف حماية ذوي الدخول المنخفضة من آثار تغير المناخ وضمان مستقبل أكثر استدامةً للجميع.