ثمة علاقة وثيقة بين التعليم وتغير المناخ، ففي الوقت الذي تتزايد فيه الكوارث الطبيعية بمعدل خمسة أضعاف عما كانت عليه قبل 4 عقود، بات المستقبل التعليمي لـ40 مليون طفل سنوياً مهددا، خاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وبينما تصارع المجتمعات الأزمة المناخية، يمثل التعليم قوة ضرورية للتكيف وزيادة المرونة والابتكار، وتمكين الأفراد ليكونوا جزءاً من الحلول.
ويأتي اليوم الدولي لمحو الأمية والمقرر في 8 سبتمبر من كل عام، للتذكير بأهمية التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة الأزمات العالمية.
الفتيات في المقدمة
وتقف الفتيات والنساء في مقدمة طابور الأمية، لا سيما في البلدان النامية والأكثر عرضة للتغير المناخي، حيث تعاني في الوقت نفسه من مستويات عالية من عدم المساواة بين الجنسين.
ووفق تقديرات صندوق ملالا (منظمة دولية غير ربحية تدعو إلى تعليم الفتيات) ستؤدي الكوارث المناخية إلى توقف ما لا يقل عن 12.5 مليون فتاة عن الدراسة بحلول عام 2025، في 30 دولة مُعرضة للأزمة أغلبها بلدان إفريقية.
ويأتي بقاء الفتيات والنساء في خطوط المواجهة الأمامية لأزمة تغير المناخ، ليكشف عدم المساواة بين الجنسين، إذ تقع مسؤولية تأمين الموارد اللازمة للاستخدام المنزلي في البلدان الإفريقية المعرضة للكوارث على مسؤوليتهن.
كما يضطررن إلى السير لمسافات طويلة خلال أوقات الجفاف للحصول على المياه، وغالباً ما يتغيبن عن المدارس للقيام بتلك المهمة.
كما تجبر الصدمات المناخية الأسر الضعيفة على تزويج بناتهن مبكراً، وبالتالي تزداد معدلات التسرب من التعليم، والدفع بهن إلى ظروف خطرة أثناء الانخراط في أنشطة لكسب رزقهن وتوفير احتياجات المنزل في ظل الأزمة المناخية.
ووفقاً لما ذكره المركز العالمي للتكيف، فإن احتمالية عودة الفتيات للدراسة تتراجع، كلما طالت فترة إغلاق المدارس بفعل الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات.
الأمية المناخية
ويغيب عن العديد من دول العالم إدراج مناهج تخص المناخ بالمدارس، أو تقديم فعاليات وحلقات نقاش توعوية بالبيئة والآثار المناخية الكارثية على البلدان، ما قد يهدر فرصا لمواجهة التغيرات المناخية من خلال التعليم المناسب والتطوير المهني.
وبحسب دراسة أجراها موقع "بيو" للأبحاث، فإن الأشخاص الحاصلين على قدر أكبر من التعليم زادت احتمالية نظرتهم إلى تغير المناخ باعتباره تهديدًا، كما يعانون القلق من المستقبل المجهول.
ويشجع محو الأمية البيئية والمناخية على إحداث تغييرات في مواقف سكان الدول خاصة الشباب، كما يساعد على التكيف مع الحلول المتعلقة بتغير المناخ، إذ لا بد من إعداد جيل الشباب لمواجهة العواقب المباشرة لتغير المناخ والقيام بممارسات آمنة بيئياً، وفق موقع Earth Day.
وأجرت أفرو باروميتر (شبكة بحث إفريقية مستقلة) تحقيقاً استقصائياً كشف أن ثلثي الأفارقة يرون أن الظروف المناخية ليست مناسبة للزراعة منذ العقد الماضي، بينما اقتصرت نسبة الملمين بقضية التغير المناخي على نسبة 20 بالمئة في ليبيريا وموزمبيق وناميبيا والنيجر وجنوب إفريقيا وتونس.
كما أعرب حوالي 67 بالمئة من المشاركين عن استيائهم من سوء الحياة في بلدانهم بفعل التغير المناخي، حيث وصلت نسبة المعيشة غير الآدمية إلى 89 بالمئة في شرق إفريقيا، وهذا يمثل ضعف النسبة في دول شمال إفريقيا، وفقاً لنتائج التحقيق.
وفي مسح آخر أجرته شبكة البحث الإفريقية، لقياس مدى ثقافة سكان الدول فيما يخص التغير المناخي، حيث بلغ متوسط معدل المعرفة بقضية تغير المناخ في إفريقيا 37 بالمئة، مقارنة بـ80 بالمئة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
غير أن نتائج المسح كشفت أن الأفارقة الأكثر ثراءً وتنقلاً والمقيمون بالمناطق الحضرية أكثر معرفة بتغير المناخ، فالفقر يقوض التعليم بشأن هذه الأزمة.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" فإن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتمتع بفرصة فريدة لقيادة العالم في مجال التعليم المناخي؛ شريطة بناء قدرات المعلمين، حيث استطلعت أراء عينة شملت 58 ألف معلم، حيث أكد الأغلبية على أهمية دمج قضايا المناخ في مناهج التدريس.