1.4 مليار نسمة، أي ما يقارب سدس سكان العالم، يعيشون تحت وطأة الديون التي يفاقمها التغيرات المناخية.
قارة إفريقيا، رغم ما تعانيه، تشغل أهمية قصوى في الاقتصاد العالمي، لكن لسوء الحظ تواجه العديد من الصدمات سواء داخل أو خارج حدودها ثم غرقت في الديون.
وفق أونكتاد، وهي منظمة دولية تساعد على إيجاد بيئة ملائمة تسمح باندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وصل الدين العام في القارة السمراء إلى 1.8 تريليون دولار أمريكي عام 2022، حيث زادت الديون الإفريقية بنسبة 183% منذ عام 2010، كما تتحمل بلدان شمال إفريقيا ما يقرب من 40% من هذا الدين.
ثمن باهظ
الأكثر قراءة
تعيش الدول الإفريقية حالياً داخل حلقة مُفرغة بين الاقتصاد المُثقل بالديون والقدرة على الوقوف أمام مغبة التغيرات المناخية، ومن بين الدول الهشة التي تعاني فيضانات وجفاف وعواصف السودان والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى رغم مساهمتها بأقل قدر في التغيرات المناخية مقارنة ببلدان أخرى خارج إفريقيا، لدرجة أن عدد المتأثرين سنوياً بالصدمات المناخية بالدول الفقيرة أعلى بثلاثة أضعاف البلدان الأخرى.
وفقاً لدراسة صندوق النقد الدولي، فهناك أدلة على أن تغير المناخ يفرض تكاليف طويلة المدى على الاقتصاد الكلي للبلدان الهشة، وتصل نسبة الخسائر التراكمية في إجمالي الناتج المحلي إلى حوالي 4% في الدول الهشة بعد 3 سنوات من الأحداث المناخية القاسية مقارنة بـ1% في بلدان أخرى، مع توقعات بانخفاض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنحو 0.2 نقطة مئوية كل عام وتراجع الدخل بشكل أكبر عن نظيره في البلدان الأخرى.
الصدمات المناخية تفاقم الهشاشة وتزيد الصراع والجوع في الدول الفقيرة، وهذا بدوره يُضعف الاقتصاد، ولأن الزراعة تمثل ما يقرب من ربع الناتج الاقتصادي في هذه الدول، فإن تعرضها للأحداث المناخية يسبب خسائر كبيرة للدول الإفريقية.
وما يجب تسليط الضوء عليه أن الخسائر الناجمة عن الصدمات المناخية سببها الافتقار إلى التمويل اللازم للتكيف، وهذا يفوق قدرة الدول المتأثرة، لذا فالدعم المستدام سواء عن طريق التمويل الميسر أو تنمية القدرات أمراً مُلحاً لتجنب معاناة السكان من الجوع والصراعات والنزوح والهجرة.
على حافة الهاوية
في الوقت الذي تحاول فيه بلدان الجنوب الحصول على المال لمواجهة الكوارث المناخية، فإنها عالقة في سداد مبالغ ضخمة لدائنيها كل عام، مما يعيق قدرتها على الاستجابة للآثار والتكاليف المتزايدة لأزمة المناخ، ومن ناحية أخرى، تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة وعدم كفاية التمويل المناخي القائم على المنح إلى دفع البلدان المَدينة إلى المزيد من الديون، و70% مما تحصل عليه يكون في شكل قروض.
أشارت شبكة العمل المناخي الدولية (شبكة عالمية تضم أكثر من 1300 منظمة بيئية غير حكومية في أكثر من 130 دولة) إلى أنه على مدى السنوات الـ10 المقبلة ستتحمل بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ديوناً إضافية بقيمة 996 مليار دولار أي زيادة بنسبة 50٪ عن مستويات الديون الحالية كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي نتيجة الضعف المناخي.
من بين الأمثلة التي يمكن تسليط الضوء عليها بشأن ارتفاع الديون الناتج عن الصدمات المناخية، ما حدث في موزمبيق عام 2019 عندما تعرضت الدولة لإعصار إيداي الذي تبعه إعصار كينيث، حيث دفعت الكارثة الدين العام إلى ما يقرب من 110% من إجمالي الناتج المحلي، وقدم صندوق النقد الدولي للبلاد قرضًا بدون فوائد بقيمة 118 مليون دولار، وفقاً لما ذكرته مؤسسة " بروكينغز" الأمريكية.
قمة المناخ الإفريقية
اجتمع رؤساء الدول الإفريقية وكبار الناشطين في مجال تغير المناخ بكينيا لحضور قمة المناخ الإفريقية الأولى في الفترة بين 4-6 سبتمبر، لتسليط الضوء على التهديد المتزايد للأزمة في جميع أنحاء القارة، ودعا الزعماء الأفارقة ونشطاء المناخ أغنى دول العالم تقديم الدعم الذي لم يظهر بعد.
قال ميثيكا مويندا، مدير تحالف العدالة المناخية لعموم إفريقيا بالقمة الإفريقية إن المساعدة المناخية السنوية البالغة 16 مليار دولار للقارة تمثل عُشر ما هو مطلوب أو أقل.
وأضاف سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ: "لا بد من تسليم الـ100 مليار دولار الذي تم التعهد به".
اعتمدت أكثر من 20 دولة إفريقية بالإجماع إعلان نيروبي في نهاية القمة، وهي وثيقة تحدد مطالب القارة لتمويل المناخ وتخفيف عبء الديون قبل مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ في كوب 28 القادم بالإمارات.
ويدعو الإعلان إلى فرض ضريبة عالمية على انبعاثات الكربون، والحصول على قروض منخفضة الفائدة لمشاريع الطاقة الخضراء في أفريقيا، وإصلاح النظام المالي العالمي الذي يجبر البلدان الأفريقية المثقلة بالديون على دفع المزيد لاقتراض الأموال.
وبناء على تقرير مشترك لمفوضية الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة صدر يوم افتتاح القمة، إفريقيا بحاجة إلى 2.8 تريليون دولار على الأقل لتحقيق أهدافها المناخية بحلول عام 2030.