بمشاهد غير مسبوقة لألسنة نيران تتطاير في السماء لتلتهم وتدمر كل ما تصل إليه من مساحات خضراء، وتزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري من جراء ضياع فرص جديدة لامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.
وبين عامي 2001 و 2021، خسر العالم 318 مليون هكتار من الغابات منها 119 مليون هكتار بفعل الحرائق التي اندلعت في العديد من الدول العربية، مثل تونس والجزائر ولبنان.
لكن يظل الأخطر هو أن تلك الحرائق تطلق المزيد من انبعاثات غازات الدفيئة، كما يتوقع أن ترتفع نسبتها إلى 30% بحلول نهاية القرن، وفق موقع Global Fire Monitoring Center.
نفوق الأسماك
يقول مايك يونج عالم أحياء مصايد الأسماك في دائرة الغابات الأمريكية، إن نفوق الأسماك من الظواهر المرتبطة باندلاع الحرائق؛ حيث يحتوي رماد الغابات على درجة مرتفعة من الحموضة، وعندما يصل إلى المجاري المائية ويختلط بالمركبات القلوية الموجودة بها، يظهر مركب الأمونيا القاتل، وفقاً لموقع Global Sea Food، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تعزيز الممارسات المسؤولة لصيد الأسماك.
وحين تصل النيران إلى المواد البلاستيكية، فإن بقايا هذه المواد تصل إلى المياه وتلوثها، كما أن العناصر الغذائية الموجودة في بقايا الأشجار والنباتات المحترقة التي تصل إلى المياه بكميات مفرطة، تتسبب في نمو المزيد من الطحالب الخطرة؛ ما يؤدي إلى نقص الأكسجين، وتزايد المناطق الميتة في المياه.
بدورها، نقلت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، آراء خبراء في كل من تونس والجزائر رصدوا كيف أثرت الحرائق على الحياة البحرية، مثل ارتفاع درجة حرارة المياه، وهو ما يزيد من صعوبة تكيف الأسماك مع تلك البيئة الجديدة، ويؤثر على قطاع الصيد.
لسوء الحظ، فإن محاولات مواجهة هذه الظاهرة قد يكون لها تأثير ضار كذلك على البيئات البحرية؛ فبعض مواد إطفاء الحريق يمكنها التسبب في نفوق الأسماك.
ساحات القضاء
وبلغ الصراع بين ضرورة مواجهة حرائق الغابات وبين محاولة الحفاظ على الأسماك، ساحات القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.
وواجهت السلطات دعوى قضائية أقامتها إحدى المنظمات البيئية للمطالبة بالحد من استخدام مثبطات الحرائق، متهمةً إدارة الغابات الفيدرالية بالتسبب في تلويث المياه؛ ما يمثل انتهاكاً لقانون المياه النظيفة، وفق موقع ABC News.
وشن عمدة بلدة باراديس في ولاية كاليفورنيا هجوماً واسعاً على الدعوى، ورأى أن أصحاب الدعوى يعتبرون حياة الناس أقل أهميةً، وأنهم يرغبون في إنقاذ مجموعة من الأسماك بدلاً من حياة السكان ومنازلهم وممتلكاتهم.
في مايو الماضي، انتهى النزاع لصالح السلطات التي قضت المحكمة بالسماح لها بالاستمرار في استخدام مواد الإطفاء؛ لأن الدمار البيئي الذي قد ينتج عن الحرائق نتيجة لهذا المنع سيكون أكبر من خطر تلك المواد.
الخيول هي الحل
بين زحام المحاولات لمواجهة حرائق الغابات أو منع حدوثها، تصاعدت فكرة تبدو بسيطة للغاية حول كيفية تقليل رقعة الحرائق وخفض حدتها، وهي الاستعانة بالخيول البرية التي يهدد الانقراض بعض أنواعها.
ويعتقد ويليام سيمبسون المدير التنفيذي لمؤسسة Wild Horse Fire Brigade المعنية بحماية الخيول البرية، أن لها دوراً في مواجهة الحرائق، واصفاً إياها بأنها حراس للموارد الطبيعية، بحسب موقع The Sacramento Bee.
والعادات التي تتبعها الخيول البرية خلال بحثها عن الطعام تقوم بدور كبير في زيادة مقاومة الأشجار للنيران؛ إذ تعتبرها الخيول ملجأ لها، ومن ثم فإنها تتغذى على العشب الموجود أسفلها، كما تستخدم الأفرع الجافة في حك ظهورها؛ ما يؤدي إلى تحطمها.
ويطلَق على تلك الأعشاب والأفرع السفلية "سلالم النيران"؛ لأنها المسؤولة عن انتقال الحريق إلى أعلى، ومن ثم فإن ما تقوم به الخيول يقلل من عدد الحرائق داخل الغابات ويمنع حدتها.
في عام 2018، اندلعت الحرائق في مقاطعة سيسكيو بولاية كاليفورنيا (غرباً) ودمرت ما يقرب من 40 ألف فدان قبل أن يتم احتواؤها، لكن الأضرار التي لحقت بمنزل ويليام سيمبسون والمنطقة المحيطة به بقيت محدودة؛ بسبب وجود الأحصنة التي تعمل على التحكم في الوقود الذي يشعل الحرائق، وفقاً لرأيه.
واهتمام سيمبسون بالخيول البرية بدأ قبل ذلك بـ4 سنوات، عندما انتقل إلى منطقة جبلية نائية على الحدود بين ولايتي كاليفورنيا وأوريغون، وبدأ في رعاية 120 حصاناً برياً، قبل أن يتبنى 60 أخرى من أجل دراسة ما تقوم به.
كما أشار إلى أنه بالتزامن مع تصاعد حدة الحرائق، بدأت الاستفسارات تتوالى عليهم من إدارات الإطفاء الحكومية، وممثلي شركات التأمين، وأصحاب المزارع، رغبةً في معرفة المزيد عن دور الخيول البرية في مواجهة الأمر.